أعاد الرئيس السوري بشار الأسد رسم المحافظات السورية بما يضمن له إحكام قبضته العسكرية على المناطق التي تخضع لسيطرته، وبما يمكنه من حكم بقعة واحدة من سوريا إن سقط نظامه وانتصرت الثورة السورية.


لندن: بدأ النظام السوري إعادة تقسيم المحافظات في سوريا على أساس المناطق التي يسيطر عليها جيش بشار الاسد، ليحاول رسم خريطة جديدة للمحافظات الـ 14 من أجل تعزيز قبضته عليها والاطباق على مفاصلها اداريًا واقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا، ليحسن إدارتها والدفاع عنها والابقاء عليها داخل مناطق نفوذه.

أملت هذه التقسيمات الجديدة التطورات الميدانية المتسارعة على الارض وتسديد الجيش الحر ضربات موجعة للنظام، وتحقيق عدة مكاسب متميزة، وفشل النظام في اعادة السيطرة على أكثر من مطار وبقعة استراتيجية وقاعدة عسكرية.

ثلاث محافظات جديدة

أخذ نظام الأسد في تنفيذ إجراءات لإضافة 3 محافظات جديدة، حيث ستقام محافظة البادية في تدمر عقب فصلها عن حمص، ومحافظة جديدة في حلب عبر فصل الريف عن المدينة، ومحافظة جديدة في القامشلي بعد فصلها عن محافظة الحسكة.

وكان قرار الاسد بتقسيم المحافظات السورية مفاجئًا ولم تسبقه أية تسريبات من الداخل.

وينظر معارضون سوريون إلى هذا التقسيم من جانب أن الاسد يرمي أساسًا إلى إحكام سيطرة النظام على المناطق التي لا تزال تحت سيطرته وعلى المحافظات التي يعتبرها مارقة على نظامه، عبر تقسيمها واعادة ترتيب مسؤوليات الفروع الأمنية والمسؤولية الادارية في كل من حلب وحمص والحسكة، التي بموجب هذا القرار تم فصل القامشلي ذات الاكثرية الكردية عنها.

ويؤكد مراقبون أن التقسيم يحمل ابعادًا طائفية، اضافة إلى المؤشرات السابقة التي حملتها اعادة ترتيب المحافظات وتقسيمها حيث يمكن للنظام مستقبلًا أن يتخلى عن مناطق يعجز عن الدفاع عنها، ويضمن الموالاة من الطائفة العلوية و الاقليات في بعض المناطق التي قسمها، عبر إعادة بنائها بحيث يوجه العقاب للمحافظات التي خرجت عن السيطرة بقطع الامدادات والاموال والمعاشات والاعمار.

لا إعمار

وشكل النظام لجنة ستعيد اعمار سوريا بحيث سيوجه الاعمار والاموال التي رصدها فقط في المناطق الموالية والخاضعة لسيطرته. واعلنت حكومة النظام رصدها مليار ليرة لمشروع تأمين الأسر المتضررة، إضافة إلى تقديمها وسائل الدعم من مواد اغاثية وطبية وأماكن إيواء للذين تضرروا نتيجة تركهم منازلهم. كما شكلت لجنة وزارية لمتابعة أوضاع الأسر المهجرة.

وجهت لجنة اعادة اعمار سوريا بصرف مبلغ 19 مليون ليرة سورية لمحافظة حماه لتغطية قيمة الأضرار في مشفى السلمية، في ما يبدو توجيهًا طائفيًا لكسب تأييد الاسماعيليين.

تمهيد لتقسيم سوريا

أشارت جريدة الوطن الموالية للنظام السوري، في عددها الصادر بتاريخ الثلاثاء 2 نيسان (أبريل) الجاري،إلى إحداث ثلاث محافظات جديدة، عبر فصل تدمر عن حمص كي تكون حمص هي المحافظة الأكبر مساحة، وفصل حلب عن ريفها الذي فجر الثورة في الشمال، وفصل القامشلي عن الحسكة بما تشكله من محيط عربي عشائري.

وسوريا مقسمة إداريًا إلى 14 محافظة سورية منذ فجر الاستقلال، واليوم بعد اقتراب الثورة السورية من النصر، يخرج النظام بما أسماه معارضون بمؤامرة جديدة من شأنها تقسيم سوريا، في سابقة قانونية خطيرة وهي الأولى من نوعها.

وقام النظام بدفع أعضاء مجلس الشعب لرفع توصية للحكومة بإنشاء هذه المحافظات، وبدأ بتهيئة الرأي العام في إعلامه لتقبل فكرة أنها نوع من الإصلاح والتطوير في سوريا.

حجج النظام

قال الاعلامي مناع أحمد في أورينت نيوز إن حجة النظام كانت الاهتمام بالمناطق النائية والبادية، واعتبر أن هذا quot;غير صحيح، فجميع القائمين على برامج التخطيط في سوريا يعرفون أن البرامج الاقتصادية تسير بحسب ما ورد في الخطة الخمسية، التي يتم تقسيمها إلى خطط اقتصادية جزئية سنوية، يتم توزيع الموارد الاقتصادية فيها على المحافظات، وهذه الخطط يعدها الباحثون الاقتصاديون والاجتماعيون في هيئة التخطيط والتعاون الدولي لرفعها للحكومة، ولم يسمع أحد منهم بهذه التوصيةquot;.

وأشار أحمد إلى أن ما يسمى البادية السورية (تدمر) هي مساحة أرض فقط ولا اثر للحياة فيها، ولا وجود لبنية تحتية مؤهلة ولا خدمات تجذب السكان للإقامة فيها من جهة، ومن جهة أخرى فإن إحداث مركز محافظة فيها يحتاج إلى عدد معين من السكان لتسمى محافظة، فقانون الإدارة المحلية رقم 107 بتاريخ 24 آب (أغسطس) 2011 والصادر في ظل الثورة السورية ينص على أن المحافظة يجب أن تحوي عدة مدن، ويجب أن لا يقل عدد سكان المدينة عن 50 ألف نسمة، بينما عدد سكان تدمر كلها لا يتجاوز 55 ألفاً، بحسب إحصاءات المكتب المركزي للإحصاءquot;.

وريف حلب واقع تحت سيطرة الجيش الحر بشكل شبه كامل، وكأن النظام يريد أن يعزل حلب عن ريفها ليغطي على خسارته هذا الجزء الكبير من الأراضي السورية. في حين أن القامشلي، أو ما يسمى باريس الصغرى التي يقطنها خليط من الأكراد والأرمن و السريان والعرب والكلدانيين والمحلمية والماردلية، وفيها المسيحيون والازيديون والزرادشتيون وقليل من اليهود والعلويين، فيرى أحمد أن النظام يريد فصلها عن محيطها السني.

ولعل النظام يرى فيها مكانًا آمنًا لطائفته العلوية بعد سقوط سلطته المركزية، ليبني على أنقاضها ما يحلم به وليجذب الأقليات لطرفه بتخويفهم من الثورة السورية التي حاول أن يضفي عليها طابعًا طائفيًاquot;.

مناطق عازلة

في هذا السياق، يمكن النظر إلى هذا التقسيم في رسم النظام مناطق عازلة في هذه المحافظات، ليحتمي بها وينطلق منها في معركته مع الجيش الحر.

كما لا بد من الاخذفي الاعتبار الرغبة في تقسيم سوريا ومحاولة التهام النظام آنذاك اجزاء كبيرة من هذه المحافظات عندما ينضح هذا المشروع دوليًا، وهو مركون حاليًا بقرار رفض روسي، إلا أنه من الممكن أن يطفو على السطح في حال استمر الجيش الحر في تحقيق انتصاراته على النظام، وإنزال المزيد من الهزائم بقواته.

وكانت سوريا تنقسم إلى 14 محافظة ما قبل القرار. وتنقسم المحافظات إلى 60 منطقة، والتي تنقسم بدورها إلى عدد من النواحي. وتتضمن تلك النواحي القرى وهي أصغر وحدة تقسيم في سوريا.