تدنو لحظة الامتحان الإيراني الكبير، فتدب الحياة في عروق السياسة الداخلية بالجمهورية الاسلامية، مع تقدم نحو عشرين شخصية إصلاحة ومحافظة بترشيحاتهم لمنصب الرئيس خلفًا لأحمدي نجاد، وانتظارها نيل موافقة مجلس صيانة الدستور لتستمر في السباق الرئاسي أو تعيد حساباتها ثانية.
بيروت، وكالات: لا مفر من الاعتراف بأن للانتخابات الرئاسية الإيرانية مذاق خاص وأهمية دولية، لا يوازيها مذاق أو أهمية أخرى. فمذاقها داخلي إذ سيحدد الرئيس نظريًا الوجهة التي ستذهب فيها إيران في السنوات القادمة، بينما يعلم الجميع عمليًا أن الحاكم الفعلي لإيران، والمحدد الفعلي لدفتها الداخلية والخارجية هو مرشدها الأعلى، آية الله على خامنئي، وليس الرئيس، حتى لو خرج من عباءة الخامنئي نفسه.
ويمنع القانون الرئيس محمود أحمدي نجاد، الذي أُعيد انتخابه عام 2009 من الترشح لولاية ثالثة. وشهدت تلك انتخابات احتجاجات واسعة أدت إلى ثورة تبنتها الحركة الخضراء اجتاحت الشوارع الإيرانية وقابلتها السلطات بحملة من الاعتقالات والنفي والإقامة الجبرية.
واتهم الإصلاحيون أحمدي نجاد بتزوير انتخابات عام 2009.
التكتلات الأربعة
يتقدم المرشحون زرافات ووحدانا، وعينهم على السلطة في إيران، آخرهم حسن روحاني، المفاوض الإيراني السابق في الملف النووي وأمين سر المجلس الأعلى للأمن القومي، وهو موسوم بانه محافظ معتدل، ومفاوض قوي استطاع قيادة المفاوضات مع الغرب وتجميد برنامج طهران لتخصيب اليورانيوم، ليأتي الرئيس محمود أحمدي نجاد فيستأنفه، ما دفع بروحاني إلى الاستقالة.
وتجمع المرشحون في أربعة تكتلات قوية، يضم الاول ائتلافًا ثلاثيًا بين علي اكبر ولايتي وغلام علي حداد عادل ومحمد باقر قاليباف، تحت شعار quot;الائتلاف من اجل التقدمquot;.
يضم التكتل الثاني ائتلاف الخمسة، وهم محمد باهنر ويحيى آل اسحاق ومنوتشهر متكي ومصطفى بور محمدي والسيد ابو ترابي. ويضم التكتل الثالث، و جبهة الثبات، شخصيات مقربة من مصباح يزدي، مثل باقر لنكراني وبرويز فتاح وسعيد جليلي، مع ترجيح كفة جليلي.
أما التكتل الرابع فيتألف من حماة الحكومة الحالية، وبينهم النائب الاول لرئيس الحكومة محمد رضا رحيمي ووزير الطرق والاسكان والتعمير علي رضا نيكزاد، إلى جانب مستقلين محسوبين على الحكومة مثل محسن رضائي ومحمد سعيدي كيا، الذي أطلق شعار الامن والاستقرار والانسجام الوطني والتعاون الدولي في حكومة الثورة الاسلامية.
إلى ذلك، أعلنت شخصيات إصلاحية مشاركتها في التنافس الرئاسي، مثل مصطفى كواكبيان، والشيخ حسن روحاني، امين عام حزب الديمقراطية الشعبية، ومحمد رضا عارف نائب الرئيس الاصلاحي السابق محمد خاتمي ورئيس جامعة طهران، والشيخ علي فلاحيان، وحسن سبحاني، وهو استاذ في الاقتصاد.
كما تقدمت أسماء أخرى كثيرة، ويرشح نجاد أسفنديار رحيم مشائي، لكن المراقبين يحصرون حظوظ الترشح الفعلي للسباق الرئاسي الإيراني بأربعة، هم الأوفر حظًا في خلافة نجاد، وحمل تركته الثقيلة، خصوصًا أن ملالي طهران يزدرون مشائي.
المحظوظون الأربعة
محمد باقر قاليباف، رئيس بلدية طهران الحالي والقائد السابق في الحرس الثوري الإيراني والمسؤول السابق عن قوى الأمن الداخلي، هو أبرز هؤلاء الأربعة. فالرجل ازداد نشاطًا في الآنونة الأخيرة، وشرع في تنفيذ المشاريع الإنمائية في طهران، ساعيًا بجد إلى توسيع دائرة نفوذه الاقتصادي والاجتماعي، من أجل تعزيز موقعه الانتخابي في العاصمة.
وقاليباف من المحافظين المعتدلين، كشفت مصادر أن السلطات الإيرانية منعته من السفر إلى الولايات المتحدة، لحضور حفلة تكريمه هناك، بعد تطويره شبكة الاتصالات في طهران.
الثاني هو غلام علي حداد عادل، رئيس مجلس الشورى السابق الذي خلفه علي لاريجاني. وثمة من يهمس في أروقة صنع القرار بطهران أن خسارة حداد عادل لرئاسة الشورى كانت مقدمة فعلية لوصوله إلى سدة الرئاسة. غير أن هناك من يستبعد فوزه برئاسة الجمهورية بعد عجزه عن الاحتفاظ برئاسة الشورى.
الثالث الأوفر حظًا للرئاسة هو رئيس مجلس الشورى الحالي علي لاريجاني، الذي أزيح عن رئاسة مجلس الأمن القومي الإيراني بسبب خلاف مع نجاد على المفاوضات مع الغرب في الملف النووي. وتدعم الحوزات العلمية لاريجاني، ما يعزز موقعه.
أما الرابع فهو سعيد جليلي، أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني، الهادئ المتواضع والمقبول من جميع الأطراف، لنأيه بنفسه عن الصراعات السياسية الداخلية في إيران. ويحبه الإيرانيون ويضربونه مثالًا لأنّه يقود سيارة إيرانية الصنع، فيرون فيه خير ممثل لهم.
الكل كمرشح، ولكل مرشح حساباته الداخلية والخارجية، لكنهم ينتظرون جميعًا قرار مجلس صيانة الدستور، في مهلة أقصاها 22 أيار (مايو) القادم، ليستطيعوا المضي قدمًا في السباق الرئاسي، أو العودة بكفي حنين إلى مراقبة ما ستؤول إليه الأوضاع في دولة لها مقامها الاقليمي والدولي.
التعليقات