وصف نوري المالكي دعوته إلى الحضور إلى البرلمان ومناقشة التدهور الأمني الحاصل بالدعاية الانتخابية لخصومه، وأكد أن في جعبته من الحقائق ما سيقلب الدنيا رأسًا على عقب إن هو كشفها.


عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: هدد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بكشف ملفات عدد من المتورّطين في الإرهاب، لو ذهب إلى البرلمان للحديث عن الجانب الأمني في البلاد.

وأضاف، خلال حديث تلفزيوني، بثته الفضائية العراقية مساء أمس الجمعة، أنه لا يمانع من تلبية دعوة البرلمان إلى استضافته وسؤاله عن التدهور الأمني الذي ضرب البلاد أخيرًا، محذرًا من أن ما بحوزته من ملفات خطيرة سيقلب الدنيا في العراق، قائلًا: quot;الاستضافة دعاية انتخابية، وأنا أقبل أن أذهب إلى البرلمان لتلبيتها، لكن إن ذهبت سأجعل الدنيا تنقلبquot;.

واستدرك قائلًا إن ما يمنعه من كشف هذه الملفات الآن هو رد الفعل الخطير، الذي سيصيب العراق والعراقيين، مفضلًا التريث حقنًا للدماء، وملمّحًا إلى أن من بين المتورّطين نواب من التحالف الوطني وبقية الكتل، من خلال استخدام نفوذهم وبطاقات تنقل عناصر حماياتهم.

أطلب ويرفضون
وكان من المقرر أن يستضيف مجلس النواب العراقي الاثنين الماضي المالكي والقائد العام للقوات المسلحة في جلسة سرية، بعد تأجيلها مرة أخرى، لمناقشة الخروقات الأمنية الأخيرة التي شهدتها بغداد.

وقال المالكي إنه اقترح أن يكون اللقاء سرّيًا بينه وبين قادة الكتل وهيئة رئاسة البرلمان ورؤوساء اللجان النيابية والقادة الأمنيين، quot;وإذا كان هذا اللقاء سيتم تحت قبة البرلمان، فيجب أن يكون علنيًا، وسيطلع المواطن على الحقائق كما هي، لكن العواقب ستكون خطيرة جدًا على العراقquot;.

وتناول الدعوة إلى انتخابات مبكرة، قائلًا إن ما يحصل عادة في معظم الدول هو أن تدعو المعارضة إلى انتخابات مبكرة، quot;لكن في العراق أنا دعوت، وما زلت أدعو إلى انتخابات مبكرة، ويرفض المعارضون ذلك خوفًا من عودتي إلى الحكومة مرة أخرىquot;.وأضاف إن مسالة عودته مرة أخرى إلى المنصب نفسه أمر متروك للشعب.

وكان مجلس النواب العراقي صوّت على تحديد عدد ولايات الرئاسات الثلاث، رئاسة الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء، بولايتين فقط. وهو ما اعتبره ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه المالكي، بأنه مخالف للدستور العراقي، ووضع لاستهدافه شخصيًا. وما زال هذا القرار غير نافذ بسبب الدعوى التي تقدم بها ائتلاف دولة القانون للمحكمة الاتحادية لنقضه.

إعادة البعثيين
وتحدث المالكي عن قانون العفو العام، فقال: quot;لن نسمح بأن يشمل هذا القانون الإرهاب والمفسدينquot;، مضيفًا إن quot;من دمّر العراق هي حكومة المحاصصة التي أسميناها بالشراكةquot;.

وحول تعديل قانون المساءلة والعدالة، الذي سيشمل قادة فرق في حزب البعث المنحل وفدائيي صدام، قال المالكي إن التعديل مستوحى من القانون نفسه، الذي سنته هيئة المساءلة والعدالة، وليس هو أو كتلته، من يسمح لأعضاء في الكيانات المنحلة، بما فيها القمعية، بأن تحال إلى التقاعد، موضحًا أن التعديل ورد من اللجنة السباعية المشكلة لبحث مطالب المتظاهرين في المناطق الغربية، المتواصلة كل جمعة منذ نحو ثلاثة أشهر، ولم يعترض عليه أحد في مجلس الوزراء.

وأعلن مجلس الوزراء العراقي في السابع من نيسان (أبريل) الحالي موافقته على إحالة عدد من فدائيي صدام إلى التقاعد، ضمن تعديلات قانون المساءلة والعدالة، ما يسمح أيضًا لأعضاء الفرق في حزب البعث المنحل بتولي أي منصب حكومي. واشترط أن يكونوا من ذوي الكفاءة، وأن تقتضي المصلحة العامة إعادتهم إلى الخدمة.

ووصفت كتلة الأحرار، التابعة للتيار الصدري، موافقة المالكي على عودة البعثيين إلى تسلم مناصب في الدولة وإحالة أفراد من فدائيي صدام إلى التقاعد بـquot;المؤامرة على الشعب والمقدسات وشهداء الشعب العراقيquot;، مؤكدةً أن القرار لم يكن عفويًا، وأن المالكي تقصّده مع الذكرى السنوية لتأسيس حزب البعث المنحل. أما كتلة الفضيلة البرلمانية فوصفت القرار بأنه quot;استفزاز شديد لذوي الضحايا يقوّض الإسناد الشعبي للنظام السياسيquot;.

دواع إنسانية
من جانبه، قال النائب وليد الحلي، القيادي في حزب الدعوة، إن قرار تعديل قانون المساءلة والعدالة ليس إعادة حزب البعث، كما يعتقد البعض، وإنما هناك جوانب إنسانية لبعض الأشخاص الذين بقوا من دون عمل أو راتب، وهذا لا يحصل في الدول المتقدمة في مجال حقوق الإنسان.

وأوضح الحلي أن لا صلة لهذا القانون بإعادة حزب البعث أو فدائيي صدام إلى السلطة، quot;لأن كل من أجرم بحق الشعب العراقي سيحاكم، لكن البعض يحاول تسييس القرار من أجل الدعاية الانتخابيةquot;.

وأكد الحلي، وهو من المقرّبين من المالكي، أن هذا التوجّه لم يأت إرضاءً لجهة معينة، كما يقول البعض، بل أتى بدافع إنساني، ضمانًا لحقوق من لم تتلطخ يده بأي جرم بحق الشعب العراقي.

ويشهد العراق منذ أشهر أزمة سياسية، تتخذ في بعض الأحيان بعدًا طائفيًا، بين المالكي وبقية الكتل، خصوصًا كتل السنة والأكراد، التي تتهمه بالتفرّد في اتخاذ القرارات، وعدم الوفاء بتعهداته، ويلومونه بسبب التدهور الأمني، الذي حصل في البلاد أخيرًا. كما يتهمونه بالتأسيس لديكتاتورية جديدة، وهو ما ينفيه المالكي وحلفاؤه، مطالبين بجلسات حوار موسعة لمناقشة وحل كل المشاكل العالقة. ولم يفلح خصوم المالكي في الإطاحة به برلمانيًا، لعدم توافر العدد الكافي من الأصوات داخل مجلس النواب.