رغم الإعلان عن البدء بتنفيذ خطة سلام بين بغداد وأربيل، ظهرت إلى سطح خلافات جديدة بين الطرفين بعد أن بدأ المالكي تسمية مناطق المتناوع عليها بالمختلطة أعلن بارزاني تسميتها بالمناطق الكردستانية خارج إقليم كردستان.


يبدو أن الخلافات بين بغداد وأربيل حول مناطق النزاع لن تجد لها حلا قريبًا بالرغم من الإعلان عن البدء بتنفيذ خطة سلام بين الطرفين الأحد المقبل فبعد أن بدأ المالكي بتسميته هذه المناطق بالمختلطة أو المختلف عليها أعلن بارزاني اليوم تسميتها بالمناطق الكردستانية خارج إقليم كردستان في تسميات تشكل خرقا مشتركا للدستور العراقي الدائم الذي اطلق عليها quot;المناطق المتنازع عليهاquot;.

ويقصد بهذا المناطق المدن والبلدات التي توجد خارج حدود اقليم كردستان الشمالي في محافظات الموصل وكركوك وديالى وصلاح الدين والتي يقطنها مواطنون عراقيون ينتمون إلى القوميات العربية والكردية والتركمانية وتدعي كل جهة انها تشكل اغلبية فيها ويحتدم الخلاف حولها بين ضمها إلى كردستان كما يطالب الأكراد أو بقائها مستقلة يدير شؤونها ممثلون عن مكوناتها كما يدعو العرب والتركمان فيها.

ومن أجل منح هذه المناطق التوصيفات التي تتماشى مع رغبات كل جهة فقد بدأ المتنازعون يطلقون عليها تسميات عدة وكلها تشكل خرقا للدستور العراقي الدائم الموافق عليه في استفتاء شعبي اواخر عام 2005. فقد اطلق الدستور في مادته 140 على تلك الاماكن quot;المناطق المتنازع عليهاquot;.

وجاء في نص هذه المادة التي تقضي بإعادة الأوضاع في تلك المناطق إلى ما كانت عليه قبل قيام نظام الرئيس السابق صدام حسين خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي بتغيير الطابع السكاني لها.. وتنص هذه المادة على:

المادة (140):
اولاً: تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللأزمة لاستكمال تنفيذ متطلبات المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية بكل فقراتها.

ثانياً: المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية والمنصوص عليها في المادة 58 من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية تمتد وتستمر إلى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور على أن تنجز كاملةً (التطبيع، الاحصاء، وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها لتحديد ارادة مواطنيها) في مدةٍ أقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الاول سنة الفين وسبعة.

وبرغم ذلك فأن البيانات الحكومية وتصريحات رئيس الوزراء نوري المالكي بدأت مؤخرا تطلق على هذه الماطق quot;المختلطةquot; او quot;المختلف عليهاquot; وذلك اثر تصاعد الخلافات بين بغداد وأربيل ووصولها قبل ايام إلى حافة الهاوية التي تنذر بتفجر صدامات عسكرية بين الجيش العراقي او قوات البيشمركة الكردية.

ويبدو أن تسميات المالكي هذه جاءت نكاية بالقيادة الكردية والأشارة إلى أنّها ليست محل نزاع يستوجب اجراءات محددة وانما هي مناطق مختلطة التكوينات بين العربي والكردي والتركماني والمسيحي.

لكن هذه التسميات الحكومية الجديدة لم ترق للقادة الأكراد فقرر رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني اليوم الجمعة تسمية تلك المناطق بأنها quot;المناطق الكردستانية خارج الاقليمquot; في تجاهل تام لكون تلك المناطق ليست كردية خالصة من ناحية المكونات التي تقطنها والتي تتعدى الأكراد إلى العرب والتركمان والمسيحيين.

وجاء في قرار بارزاني ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
قرار
رقم (26) لسنة 2012
بعد ان تخلى عدد من المسؤولين الكبار فى الحكومة العراقية وعن قصد عن استخدام عبارة المناطق المتنازع عليها الواردة فى الدستور العراقي للدلالة على المناطق الكوردستانية خارج اقليم كوردستان و استخدامهم فى الاعمال الرسمية بدلا عنها عبارات و مصطلحات ليست لها اي سند قانوني واقعي، تأريخي و جغرافي، ولا تعبر عن النية و الرغبة فى تنفيذ المادة 140 الدستورية، لذا وحفاظًا للطابع الكوردستاني السكاني والإرث الثقافي المتنوع لهذه المناطق و وفقا لقانون رئاسة اقليم كوردستان ndash; العراق رقم (1) لسنة 2005 المعدل، قررنا:

1.استخدام عبارة (المناطق الكوردستانية خارج الاقليم) من الآن و صاعداً للدلالة على المناطق الكوردستانية المشمولة بالمادة 140 من دستور جمهورية العراق.
2.على جميع الوزرارات والجهات الرسمية وشبه الرسمية والمعنية الاخرى فى اقليم كوردستان ndash; العراق التقيد بهذا القرار.
3.يعمل بهذا القرار من تأريخ صدوره.
مسعود بارزاني
رئيس اقليم كوردستان ndash; العراق
هةوليَر / أربيل
14.12.2012

وجاء هذا القرار ليؤكد حدة الخلافات بين بغداد وأربيل وانه كلما لاحت بوادر اتفاق لحل الأزمة بينهما فأن اجراء او ممارسة جديدة تصدر عن هذا الطرف او ذلك لتلقي ظلالا من الشك على قرب حصول حل مرض يخلص العراق من هذا الصداع المستمر منذ عام 2003.

وكانت الرئاسة العراقية قالت الليلة الماضية ان الرئيس طالباني بذل بالتعاون مع نائبه خضير الخزاعي جهودًا حثيثة وأجرى اتصالات مع جميع الأطراف أثمرت quot;عن اتفاق حظي بتعضيد رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس الإقليم الأستاذ مسعود بارزاني ويقضي بوقف جميع الحملات الإعلامية التي تؤدي إلى تشنج العلاقات وتوتير الأجواء وان تجتمع اللجان العسكرية - الفنية ذات الاختصاص بهدف تشكيل مجموعات تضم مواطنين من سكان المناطق المتنازع عليها وبنسب متساوية بين أبناء القوميات الثلاث وتناط بها مسؤولية حفظ الأمن هناك ويبدأ اثر ذلك انسحاب القوات التي تحركت في وقت سابق إلى هذه المناطق.

وناشد طالباني quot;جميع القوى السياسية أن تساند هذه المساعي وتدعمها بكافة السبل كما إن وسائل الإعلام مدعوة إلى إبداء أقصى قدر من الحرص على تفادي كل ما يمكن أن يثير الأجواء المنافية لروح الحوار والتعاونquot;.

وأضافت الرئاسة في بيان لاحق انه quot;أكتمالا للجهود الرامية إلى احتواء التوتر وتحقيق التهدئة فأنها تؤكد انها تواصل مساعيها بوصفها منسقا بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان وتعمل معهما من اجل حث الخطى الهادفة إلى بلوغ تفاهمات وحلولquot;. وشدت في بيان على دعوتها إلى تفادي التصعيد والتمسك بالحوار واعتماد لغة السياسة وادواتها والابتعاد عن كل ما يمكن ان يوحي باحتمالات اللجوء إلى العنف او التلويح به في معالجة المشكلات القائمة.

وناشدت الرئاسة الفرقاء بأن يكون نهار الأحد المقبل بداية الالتزام الكامل بوقف الاتهامات المتبادلة والتصريحات المتشنجة. وأكدت أنها لن تألو quot;جهدًا ولن تبخل بنصح من إجل إدامة الحوار والتوصل إلى النتائج المرجوة وستعمل مع الطرفين لتسهيل مهماتهما وتذليل ما قد يواجهانه من عقباتquot;.

وقد جاء هذا الاتفاق على خطة السلام بعد ثلاثة ايام من وصول الخلافات بين الحكومتين المركزية في بغداد والكردستانية في أربيل إلى اخطر مدياتها اثر تفقد بارزاني لقوات البيشمركة الكردية المحتشدة حول مدينة كركوك المختلف عليها وتأكيده ان هذه القوات quot;ستتصدى لكل اعتداء للجيش العراقيquot; على حد قوله.

وتشهد العلاقة بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة اقليم كردستان في أربيل أزمة حادة بسبب خلافات عدة آخرها تشكيل بغداد quot;قيادة عمليات دجلةquot; لتتولى مسؤوليات أمنية في مناطق متنازع عليها. وقد انعكس الخلاف توترًا على الارض حيث قام كل من الطرفين بحشد قوات قرب مناطق متنازع عليها خصوصًا في محافظة كركوك (255) كم شمال شرق بغداد.