أعرب محللون عراقيون عن قلقهم من تصاعد حدة الخلافات بين الحكومة المركزية الاتحادية وإقليم كردستان، على خلفية الأزمة الأخيرة الناجمة عن منع قوات الپيشمركة الكردية لقوات الجيش العراقي من الوصول الى الحدود السورية المحاذية لإقليم كردستان، حيث أخذت العلاقة بين الطرفين تتوتر بشكل اكبر من السابق، وهو ما زرع التخوفات لدى المواطنين من انتقال هذا الخلاف والاحتقان من ميدان السياسة والإعلام إلى مجال الصدام العسكري.


بغداد: يأتي الخلاف في العراقبين الحكومة المركزية الاتحادية وإقليم كردستان بعد أن استقر الفوج الثاني اللواء 38 الفرقة 10 من الجيش العراقي في منطقة پيشخابور، وهذه المناطق هي مناطق تابعة لناحية زمار وتعد من المناطق المتنازع عليها.

ويشير الاكراد الى أنهم فوجئوا بقوات الجيش العراقي من دون أن يكون هناك أي تنسيق معهم بهذا الشأن، كما اكدوا استغرابهم من (تحرك قطاعات من الجيش العراقي نحو المناطق المتنازع عليها للسيطرة على الوضع الأمني ولمواجهة قوات الپيشمرگة المتواجدة هناك)، ومع ذلك فالجميع صار يدعو الى الحوار والتفاهم وعدم التصعيد اعلاميًا واللجوء الى الدستور العراقي.

وقال النائب سعد المطلبي،عن دولة القانون لـ(ايلاف): ما تقوم به رئاسة اقليم كردستان من تصدير لمشاكلها الداخلية وتغطية فشلها السياسي في استيعاب شباب الاقليم ومحاولتهم للهيمنة العائلية على مناصب الاقليم،قامت بهذه الحركة الاستفزازية ضد جيش العراق الاتحادي وتوجيه بنادق البيشمركة على صدور ابنائنا .. تصرف طائش وخطير ومنافٍ للدستور وللمادة 110 بالتحديد والتي تنص على أن السلطة الاتحادية أي (الحكومة) هي المسؤولة عن الامن في الوطن ومنها بناء القوات المسلحة، واجبها الدفاع عن حدود الوطن، وأن قواتنا لم تذهب لمنافسة الاقليم وانما لحماية الحدود العراقية في هذه الاوقات المقلقة في الجارة سوريا والحل الوحيد لهذه الازمة أو أي أزمة أخرى هو العودة بالجميع الى الدستور والنصوص الدستورية واعتماد المعايير الدستورية كفيصل لحل المشاكل والازمات القائمة.quot;

قوات من البيشمركة الكردية حول كركوك

اما الدكتور جرجيس كوليزادة الكاتب والصحافي فتحدث لـ (ايلاف) قائلاً : الوضع السائد بين بغداد وكردستان يسوده قلق وتوتر، والمشكلة من غير المعقول أن تكون بحجة نشر القوات على الحدود بسبب مضاعفات ثورة الشعب السوري ضد نظام بشار الاسد، خاصة وأن منطقة الحشد العسكرية بين قوات الجيش والبيشمركة مستقرة ولم تحصل فيها خروقات منذ سنة 2003 لوجود القوات الكردية فيها، ولهذا فإن التوتر الناشىء باعتقادي أن صانعه هو رئيس الحكومة نوري المالكي لأسباب عراقية ودوافع ايرانية لحماية نظام دمشق الآيل للسقوط والدخول في معركة الثورة السورية بشكل غير مباشر من خلال منع الثوار السوريين من الاستفادة من الحدود العراقية ومن اقليم كردستان خاصة وأن الكرد لديهم تعاطف مع ثورة الشعب السوري بينما هذا التعاطف لا وجود له في بغداد والجنوب.

وبالتالي يمكن القول إن ما يحدث بين بغداد وكردستان ليس بعوامل داخلية وانما لأسباب ودوافع تخدم اولاً نظام دمشق وثانيًا نظام طهران والحلف الرباعي الشيعي الممتد من طهران وبغداد ودمشق وجنوب لبنان، ولهذا يؤسف على المالكي بشدة لتحركه بدوافع اقليمية واجنبية وليس بدوافع وطنية عراقية.

من جهته، قال أياد السماوي الكاتب والمحلل السياسي لـ(ايلاف): لا أحد يستطيع اليوم أن يغمض عينيه على حجم التجاوزات التي تقوم بها حكومة إقليم كردستان على السيادة الوطنية وعلى دستور العراق وقوانينه النافذة، ولا أحد يستطيع السكوت على هذا التمادي وهذه الغطرسة والعنجهية التي تتصرف بها قيادة مسعود بارزاني، فالتجاوزات على السيادة الوطنية أصبحت خطرًا يهدد أمن البلد وتنذر بنزاع عسكري مسلح لا تحمد عقباه، فالأزمة الأخيرة التي نشبت بين المركز والإقليم هي امتداد لأزمات وتجاوزات سابقة جرى السكوت عليها وغض الطرف عنها وعدم التصدي لها بشكل حازم منذ البداية، وقد قلنا مرارًا وتكرارًا إنّ ما يحصل في كردستان غير معقول وغير مقبول، فالنظام الفيدرالي في أي بقعة من العالم لا يسمح بالخروج على قرارات الحكومة المركزية أو التعارض معها، وقلنا كذلك إنّ استمرار وضع الدولة داخل الدولة سيؤدي إلى تدمير البلد وتمزيقه، لكننا كما يقول بيت الشعر لقد أسمعت لو ناديت حيا .... لكن لا حياة لمن تنادي , وكأننا نتحدث مع أمواتquot;.

واضاف أن قيام حكومة مسعود بارزاني بفتح معسكرات لتدريب أكراد سوريا وإرسالهم لزعزعة الأمن والاستقرار فيها، يعد أمرًا خطيرًا على الأمن الوطني العراقي وتدخلاً سافرًا في شؤون دولة أخرى، ويضع العراق أمام إحراج دولي، فضلاً عن كونه تحديًا للمجتمع الدولي والقرارات الأممية التي منعت أي تدخل خارجي في القضية السورية. في الوقت الذي تتخذ فيه حكومة العراق موقفًا متوازنًا من الأزمة، أما بالنسبة لقيام البيشمركة بمنع وحدات من الجيش العراقي بالقيام بواجباتها بحماية حدود الوطن من الأخطار بحجة أن هذه المناطق متنازع عليها، وأي تحرك عسكري يجب أن يتم بين حكومتي المركز والإقليم، فهو تصرف خطير وتجاوز على الدستور العراقي الذي جعل الحفاظ على سيادة البلد وحماية حدوده من الصلاحيات الحصرية للحكومة الاتحادية وليس من صلاحيات حكومات الأقاليم والمحافظات، وتقدير هذا الأمر هو من صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة ومجلس الأمن الوطني الذي وجد أن الأوضاع على الحدود المشتركة مع سوريا بحاجة إلى المزيد من الاجراءات الاحتياطيةquot;.

وفي اطار العلاقة المتشنجة بين الطرفين كشف مصدر أمني في محافظة ديالي عن تحرك قطاعات من الجيش العراقي نحو المناطق المتنازع عليها للسيطرة على الوضع الأمني ولمواجهة قوات البيشمركة المتواجدة هناك، موضحًا أن الفرقة (12) والمرابطة في ناحية العظيم تركت موقعها وتقدمت نحو مندلي والمناطق الاخرى المتنازع عليها لمواجهة قوات البيشمركة ولفرض السيطرة امنيًا.

الى ذلك انطلقت دعوات لأن يكون الحوار الجاد هو السبيل الوحيد لايجاد الحلول الناجعة، والكف عن التصعيد الاعلامي، وهو ما اكده الحزب الشيوعي، حيث قال ابراهيم الخياط لـ(إيلاف) إن حزبه اعلن عن قلقه من توتر العلاقة بين الحكومة المركزية والاقليم، موضحًا أن الشيوعي يرى أن الأزمة الحالية، شأن سابقاتها، تؤكد ضرورة إعادة تفعيل اللقاءات والحوارات الجادة والمسؤولة بين السلطة الاتحادية والإقليم، لبحث نقاط الخلاف العالقة بعيداً عن لغة التهديد والوعيد والتحريض، وضرورة اعتماد منطق الحكمة والاستناد إلى الدستور والمواثيق المشتركة، والانطلاق من المصالح العليا للوطن والشعب في سائر محافظات العراق والإقليم، وكما تؤشر المواقف الأخيرة لجميع الأطراف، فان غياب الثقة وانقطاع أو تعطل قنوات التواصل على المستوى القيادي يمثل أحد الأسباب الرئيسة لتفجر بؤر الخلاف وتجددها.

واضاف أن الحكمة تقتضي وقف التصعيد الخطابي والإعلامي، والشروع بالاتصالات المباشرة لتطويق الخلاف ومباشرة حوار جدي حول الحلول الناجعة، ويمكن لمجلس النواب وسائر القوى والشخصيات الوطنية أن تساهم في خلق الأجواء المناسبة لذلك ولتأمين العودة الضرورية إلى نهج وأسلوب الحوار.