حذر المرجع الشيعي الأعلى في العراق من انفجار شعبي نتيجة التناحر بين السياسيين على المناصب مؤكدًا أنّ البلاد تمر بأسوأ ظروفها، بينما دعا ممثل عن مقتدى الصدر المالكي إلى التنحي فورًا وطالب التحالف الشيعي باختيار بديل عنه.. في وقت حذر خطباء سنة في صلاة الجمعة الحكومة مما أسموها بثورة المظلومين وأكدوا عدم السماح لاصحاب الاجندات الطائفية والاقليمية والحزبية بالهيمنة على المحتجين واستغلالهم لأهدافهم الضيقة.
لندن: حذر الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) من انفجار الشعب ونفاد صبره نتيجة استمرار الصراع والتناحر بين الكتل السياسية وتدهور الأوضاع الامنية مؤكدا أن البلاد تمر حاليا بأسوأ ظروفها.
وأضاف أنّ ما يشهده العراق من تناحر سياسي وصراعات بين الكتل على المناصب والمصالح الحزبية والفئوية وتأزم الامور يومياً بعد يوم وغياب الحلول وتدهور الاوضاع الامنية لن يبقى الشعب صابراً وساكتاً عليها طويلاً وسينفجر بشكل لا يمكن أن يوقفه أحد وحيث سيكون العراق في أسوأ أحواله.
وأضاف أنّ العراق يعيش أسوأ الظروف التي مرّ بها لحد الآن quot;فالكتل السياسية تعيش حالة من التشرذم والتناحر والتكفك واللامبالاة بما يجري من نزيف للدم العراقيquot;. وحذر الكتل السياسية من المخاطر والتداعيات لبقاء هذا الصراع والتناحر.
وقال quot;إن الشعب العراقي الذي عرف عنه الصبر والتحمل لا يمكن أن يبقى ساكتاً على هذه الأوضاع المأسوية وسينفجر يوماً ما بوجه هؤلاء الذين لا يبالون ولا يكترثون لما يمر به من مآسٍ ومصائبquot;. وشدد على أن الشعب في حالة غضب شديد وسيفقد الأمل في أوضاع بلده مع استمرار الازمات والصراع على المناصب والمواقع.
وأشار معتمد السيستاني إلى الانهيارات الامنية المتواصلة وقال إنه على الرغم من إعلان تنظيم القاعدة مسؤوليته عن العمليات الارهابية التي تستهدف المواطنين الا أن هناك أطرافا أخرى تتحمل المسؤولية من خلال توفير الاجواء والمناخات السياسية والخطابات الطائفية المحرضة على العنف. وعبر عن الاستغراب من وجود عدد هائل من العناصر الامنية زاد عددها على المليون وهي لا تستطيع مواجهة المسلحين الذين نجحوا مؤخرا في اقتحام وزارة العدل المهمة والسيطرة عليها لاكثر من ساعة وبعد سقوط العشرات من منتسبي الوزارة والمواطنين وصلت القوات الامنية بعد فوات الاوان.
ومن جهته، دعا خطيب جمعة الكوفة في العراق الممثل للزعيم الشيعي مقتدى الصدر رئيس الوزراء نوري المالكي إلى التنحي فورًا وطالب التحالف الشيعي باختيار بديل عنه. و حذر خطيب وإمام مسجد الكوفة (170 كم جنوب بغداد) في محافظة النجف ضياء الشوكي خلال خطبة الجمعة بمشاركة المئات من المواطنين من وقوع حرب أهلية في العراق ودعا رئيس الوزراء نوري المالكي إلى التنحي درءاً للفتنة وطالب التحالف الشيعي باختيار بديل عن المالكي، فيما طالب بـquot;الاسراع بتنفيذ أحكام الإعدام بحق المجرمينquot; كما نقلت عنه وكالة المدى بريس من الكوفة.
وقال الشوكي إن quot;هناك مخططا لإشعال حرب طائفية أهلية بين السنة والشيعة من اجل تقسيم البلادquot; مؤكدا أنها quot;لو نجحت فستخلف الدمار والمآسي ولا بد من وجود موقف متوازن يلملم الشتات ويبطل عمل تلك المخططات ومواقف السيد مقتدى الصدر لا تخرج عن دائرة هذا الموقف الشرعي والوطنيquot;.
وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد علق الثلاثاء الماضي مشاركة وزراء تياره الستة في الحكومة احتجاجا على تأجيلها لانتخابات محافظتي نينوى والانبار. واعتبر الصدر قرار التأجيل quot;اقصاء للسنةquot; وquot;ظلمًا للتشيعquot; ووصف quot;تهميش سنة العراق كارثة لا تغتفرquot;.وشدد على أن وعد تأجيل الانتخابات بصورة عامة quot;تكريس للطاغوت والدكتاتوريةquot; كما أكد أن البقاء في الحكومة الحالية quot;أمر ضارquot;.. مهددا بالقول quot;سنناقش مليا مع اخوتنا التعليق والانسحاب من الحكومة بل وحتى البرلمان الهزيلquot;.
خطباء سنة يحذرون الحكومة من quot;ثورة المظلومينquot;
حذر خطباء سنة في صلاة الجمعة في محافظات غربية وشمالية الحكومة مما اسموها بثورة المظلومين وأكدوا عدم السماح لاصحاب الاجندات الطائفية والاقليمية والحزبية بالهيمنة على المحتجين واستغلالهم لاهدافهم الضيقة.
وقد جرت الاحتجاجات اليوم تحت شعار quot;لا لحكومة الفوضى والدماءquot; حيث أوضح عضو في لجنة اعتصام في الأنبار أن هذه التسمية تؤكد أن الحكومة العراقية هي المسؤولة عن الفوضى والارتباك الأمني في كل محافظات البلاد والتي عجزت عن توفير الأمن والاستقرار بالإضافة إلى الفشل في توفير الخدمات للمواطن العراقي.
ووسط اجراءات أمنية مشددة شهدت ساحات الاعتصام في محافظات بغداد والانبار وصلاح الدين ونينوى وديإلى وكركوك اقامة عشرات الالاف من المحتجين لصلوات شيعية سنية جامعة واستمعوا إلى خطباء الجمعة الذين أكدوا الاستمرار بمطالب الغاء التهميش والاقصاء لمكونات عراقية واطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات.
وقد فرضت القوات الامنية ومنذ الصباح اجراءات امنية مشددة حول ساحات الاعتصام تحسبا من اي خروقات امنية محتملة حيث تم نصب السيطرات العسكرية الثابتة والمتحركة وقامت بتفتيش المتوجهين إلى هذه الساحات كما منعت القوات السيارات الاقتراب منها. وقد ادى المعتصمون صلاة الغائب على أرواح ضحايا تفجيرات الثلاثاء الماضي في بغداد التي راح ضحيتها اكثر من 250 قتيلا وجريحا.
وفي خطبة الجمعة في مدينة سامراء (125 كم شمال غرب بغداد) فقد دعا الخطيب في كلمته أمام آلاف المواطنين السلطات العرقية إلى الاسراع بالاستجابة إلى مطالب المحتجين محذرا بالقول quot;ان الاوضاع متجهة إلى التدهور وكل الخيارات مطروحةquot;.
وحذر الخطيب الحكومة مما اسماها بثورة المظلومين. وأشار إلى أنّ العراق لم يجن من الاحتلال الأميركي الذي تمر اليوم ذكراه العاشرة غير القتل والدمار والضرب باسلحة الدمار الكيميائية التي لايزال العراقيون يعانون نتائجها الكارثية وخاصة مرض السرطان الذي ينتشر بين الاف المواطنين.
وأضاف أنّ الأميركيين دشنوا احتلالهم بزرع الفتنة الطائفية وتشكيل حكومات تقوم على المحاصصة الطائفية وقتل واعتقال العراقيين ثم سلموا السلطة إلى سياسيين عراقيين تحصنوا خلف أسوار المنطقة الخضراء وسط بغداد ليواصلوا تلك الممارسات.
وفي ساحة الاعتصام في الرمادي (110 كم غرب بغدد) فقد أكد خطباء الجمعة من على منصة الاحتجاج رفضهم أي استغلال لاحتجاجاتهم من قبل سياسيين لأهداف طائفية او اقليمية او حزبية ضيقة. وأشاروا إلى أنّ الاعتصامات ستبقى سلمية. وشددوا على التصدي للمخططات الايرانية ضد العراق والمنطقة. وقد هتفوا مع المحتجين (سلمية.. سلمية) مؤكدين عدم منح الفرصة لاي quot;عدوquot; باشعال فتنة الاقتتال بين العراقيين.
وخلال ذلك انهال معتصمون بالضرب على عدد من الأشخاص المندسين لتردديهم شعارات طائفية وسلموا أربعة منهم للشرطة. جاء ذلك إثر دخول حوالى عشرة اشخاص إلى ساحة الاعتصام في مدينة الرمادي بعد انتهاء صلاة الجمعة وبدأوا بترديد شعارات طائفية منهاquot;حربية حربيةquot;. فاعتلى المتحدث باسم المعتصمين سعيد اللافي منصة التظاهر وطلب منهم مغادرة مكان التظاهرة إلا أنهم حاولوا التأثير على كلام اللافي بترديد شعارات طائفية بصوت أعلى فانهال عليهم المتظاهرون بالضرب ووصفوهم بالمندسين وسلموا أربعة منهم إلى قوات الشرطة قرب ساحة الاعتصام.
وعلى الصعيد نفسه فقد حث الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون الحكومة العراقية على ضبط النفس في التعامل مع التظاهرات، داعياً اياها إلى حل خلافاتها مع حكومة إقليم كردستان.
وحذر كي مون في تقريره الثاني الذي ناقشه مجلس الأمن الدولي في جلسة خاصة حول التطورات الجارية في العراق مساء الخميس من تعاظم التوترات في المناطق الغربية من العراق، حاثاً الحكومة العراقية على quot;ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في التعامل مع التظاهرات السلمية فى تلك المناطق، وإجراء تحقيقات فورية وشفافة بشأن مزاعم وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان إزاء المتظاهرين السلميينquot;. وكان 7 متظاهرين قتلوا مؤخرا في مدينة الفلوجة في محافظة الانبار الغربية برصاص القوات الامنية فيما قتل متظاهر في مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى الشمالية.
وأعرب الأمين العام عن قلقه quot;إزاء استمرار تقلب العلاقات بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستانquot;، وحثهما على quot;استئناف الحوار لإيجاد حلول قوامها الاحترام المتبادل والنظام الاتحادي استنادا إلى الدستورquot;، مشددا على quot;أهمية تقاسم السلطات والموارد بصورة شفافة وخاضعة للمساءلة لكفالة زيادة الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادquot;.
وعن العلاقات بين العراق والكويت رحب بان كي مون في تقريره، بالتقدم المتواصل نحو تطبيع العلاقات بين البلدين، وأهاب بالحكومة العراقية أن تفي بجميع التزاماتها المستحقة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة دون مزيد من التأخير. وأكد أنّ quot;من المهم أن تقوم الحكومة العراقية فورا بإكمال عملية إزالة جميع الحواجز بين الأعمدة الحدودية ليتسنى الانتهاء في الوقت المناسب من تنفيذ مشروع صيانة الحدود بين البلدينquot;.
يذكر ان محافظات بغداد والانبار وصلاح الدين وديإلى وكركوك ونينوى تشهد منذ 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي تظاهرات احتجاج واعتصامات تطالب بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين الأبرياء ومقاضاة quot;منتهكي أعراضquot; السجينات فضلاً عن تغيير مسار الحكومة وإلغاء المادة 4 وقانون المساءلة والعدالة واصدار عفو عام والغاء الاقصاء والتهميش لمكونات عراقية.
التعليقات