تلوح بوادر توجّه أممي لإصدار قرار جديد يعيد الأزمة السورية إلى سكة الحلّ السياسي بحسب خطة جنيف للمرحلة الانتقالية، لكن الفيتو الروسي سيكون بالمرصاد، وكذلك تشتت الائتلاف المعارض الذي لا يملك قرار الذهاب إلى الحوار لأن لا تأثير ميداني له.


بهية مارديني من لندن: بعد أخذ ورد في موضوع التسليح الغربي للمعارضة السورية، وما بين الوعود والاجتماعات للبحث عن إمكانية تسليحها على طريق الحسم العسكري في معركتها ضد النظام، وفي ظل انسداد أفق الحل السياسي، تبدو هذه المعارضة عاجزة عن الخوض في المسارين معًا.

وبحسب ما جرى في اجتماعات دول الثماني، فشلت المعارضة في إقناع المجتمع الدولي بتسليحها نوعيًا، فحسم وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله الأمر، متحفظًا على هذا التسليح.

وقال: quot;أنا متحفظ إزاء موضوع التوريد المباشر للأسلحة إلى سوريا، لأنني لا أرى حتى الآن كيف يمكن منع وصول تلك الأسلحة إلى الأيدي الخطأquot;، لافتًا إلى أن الحل السياسي هو الحلّ الجيد للمسألة السورية.

سعي أميركي روسي
في الإطار عينه، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده، وبالاتفاق مع الولايات المتحدة، ستسعى إلى حمل المعارضة السورية على تشكيل فريق لإجراء مفاوضات مع الحكومة السورية. ولفت إلى أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أكد أنه سيرفد المسعى الروسي لتحقيق هذا الهدف.

وبالرغم من التسريبات، التي تقول إن جماعة الإخوان المسلمين داخل الائتلاف الوطني المعارض ترفض الحوار والحل السياسي، بادرت هذه الجماعة إلى نشر بيان توضيحي مفاجىء، على موقعها الالكتروني، أكدت فيه أنها لا تملك أي فصيل مسلح داخل سوريا، وأنها مع الحل السياسي، الذي يعيد بناء المجتمع المدني الموحد، على قاعدة السواء الوطني، وتتمثل أطرافه في كل القوى المكونة للشعب السوري، وليس منها أحد يمثل القاتل أو من يمت إليه بصلة.

قرار أممي جديد
في موازاة ذلك، تلوح بوادر مشروع قرار عن الأزمة السورية في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ترعاه قطر، بالتعاون مع السعودية وبريطانيا وفرنسا، ويتردد أنه يلقى دعم الولايات المتحدة، بغية مباركة قرارات جامعة الدول العربية الأخيرة منح الائتلاف الوطني مقعد سوريا في الجامعة العربية، باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري.

ويطالب القرار كل الأطراف السوريين بالعمل مع الممثل الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الأخضر الإبراهيمي من أجل تنفيذ الخطة الإنتقالية الواردة في بيان جنيف، بطريقة منفصلة عمّا جرى في الماضي. كما يطلب من أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون توفير الدعم والمساندة اللازمين لتطبيق هذه الخطة الانتقالية.

إلا أن الخارجية الروسية أكدت أن موسكو لن تؤيد القرار الأممي، وستصوّت ضده، معتبرة أن صانعي هذا القرار يسعون إلى التوصل عبر الجمعية العامة إلى أهدافهم الأحادية، المتمثلة في إسقاط النظام، مع تجاهل التداعيات الإقليمية والسياسية لهذا السيناريو.

خلافات متصاعدة
تضع هذه التحركات السابقة المعارضة السورية في خانة اليك، فالائتلاف الوطني غير جامع، ولا يبدو ناويًا أن يكون جامعًا، بالرغم من تصريحات رئيسه معاذ الخطيب عن الرغبة في توسيعه، إذ أكد أكثر من حزب وهيئة خارج الائتلاف عدم وجود أي اتصالات جدية بينهم وبين قادته.

إضافة إلى ذلك، الائتلاف مرهق بسبب الاختلافات السياسية في داخله، حتى لو حاول البعض تجاهلها، وبسبب خلافه مع الجيش الحر، كما بدا أخيرًا في وسائل الإعلام من بيانات متلاحقة على هامش تعيين غسان هيتو رئيسًا لحكومة المعارضة.

أمراء حرب
تزيد هذه الأنباء السوريين حنقًا على المعارضة، التي تتحرك تبعًا للخطوات الدولية، ببطء تارة، وجمود تارة أخرى، بينما اللغة الوحيدة داخل البلاد هي القتل والتدمير والمجازر، وبينما تزداد أساليب الأسد بشاعة مع كل تراجع عسكري تمليه الضربات الموجعة التي يوجّهها الجيش الحر، والانتصارات التي يحققها على الأرض، وتقوى شكيمته مع كل بيان يصدره أيمن الظواهري أو قادة جبهة النصرة.

ويبدو الوضع ذاهبًا باتجاه الأسوأ، ولا حلّ يلوح في الأفق قريبًا. فالنظام ماض في حله العسكري عبر القصف والقتل والترويع وتشويه جثث الشهداء، وقد أفرزت السنتين الماضيتين فرقًا من الشبيحة ورجال الأمن، الذين من مصلحتهم استمرار الفوضى، وسط أنباء عن تنازعات مالية بين ضباط كبار، وظهور أمراء حرب وتجار مخدرات ومافيات تهريب آثار.

وهم الحوار
يرى معارضون أن الائتلاف يبدو واهمًا أو يريد أن يتوهم بأنه يعمل من أجل حوار من الممكن أن ينجح، أو تفاوض من شأنه أن يثمر. كما إن هناك ممن يتحركون في الداخل من شأنهم أن يحبطوا مثل هذا الحوار.

هكذا، يتلخص الوضع بمعارضة غير قادرة على لمّ صفوفها، حتى إن اتجهت نحو الحوار والتفاوض والحلّ السياسي، وجلست على طاولة ترسم معالمها كلّ من واشنطن وموسكو. فلن تستطيع السيطرة على الفصائل المقاتلة على الأرض، لأنها لا تملك زمامها، وإن دعت إلى وقف القتال في وجه النظام، فلن يسمعها أحد.