يتعامل اليهود الأرثوذكس مع الجنس بحساسية وحرج مفرطين، ينتهيان بمعظم شبابهم إلى الأمّية الجنسية الكاملة. لذا قرّر حاخام أميركي إصدار دليل يُعلّم هؤلاء أسرار المعاشرة الزوجية.


لندن: أصدر حاخام أميركي، هو الدكتور الطبيب ديفيد ريبنر المتخصص في علاج المشاكل الجنسية، أول دليل للجنس من نوعه مخصص لليهود الأرثوذكس.

ويقول المؤلف إن هذا الدليل، الذي صدر بالانكليزية ويصدر في غضون أسبوعين بالعبرية، laquo;شامل ويحوي شرحًا للممارسة الجنسية وعرضًا أيضًا لأمور يجد فيها العديد من هؤلاء الناس أقدارًا متفاوتة من الحرج، مثل المداعبة بالفم والاستمناءraquo;.

يقع هذا الدليل في 92 صفحة ويحمل العنوان laquo;دليل المتزوجين حديثًا إلى الحميمية الجسديةraquo;. ومع أن متنه ليس مدعّمًا بأي صور فوتوغرافية أو غيرها، فهو يأتي مصحوباً في آخره بمظروف مغلق يحوي رسومات توضيحية بسيطة لمادته المكتوبة.

محرّمات ومفاهيم

وفقًا لوسائل الإعلام البريطانية، فإن الدكتور ريبنر يقول إن الديانة اليهودية laquo;تنظر الى الجنس باعتباره ممارسة إيجابية. ومع ذلك فإن اليهود الأرثوذكس تعاملوا معه بقدر من الحساسية والحرج أحالاه موضوعاً يقع مجرد التفكير فيه والحديث عنه في خانة المحرّماتraquo;.

لهذا السبب، يقول، فقد شعر بأهمية إصدار كتاب دليل يبدد الكثير من الضبابية المزعجة التي تكتنف هذه المسألة، إضافة الى مفاهيم خاطئة يحملها بعض الناس عن اليهود الأرثوذكس أنفسهم.

وعلى سبيل المثال، فهناك اعتقاد واسع أن هؤلاء يستحون من متعة الجسد الى حد أنهم يمارسون الجنس مع زوجاتهم عبر ملاءة ذات ثقب صغير يسمح للرجل فقط بالإيلاج وبلوغ الذروة من أجل الذرية ولا شيء غيرها. ويشدد ريبنر على أن هذا اعتقاد غير صحيح في معظم الأحوال.

معين لمن لا يعرف الجنس

يأتي في مقدمة الكتاب - الدليل أن laquo;اليهودي الملتزم بتعاليم التوراة يعلم أن هذا الكتاب المقدس يسمح له بالحديث عن الجنس بشكل مباشر فقط إن لم يقع هذا الفعل في الماضي، وهذا وفقًا لتعاليم laquo;صنيعوتraquo; (الحشمة). ومن هذا المنطلق فقد يجد القارئ هذا الدليل نفسه مخالفًا لهذه التعاليمraquo;.

ويضيف المؤلف في مقدمته: laquo;قديمًا كانت المعرفة الجنسية تنتقل من الرجل الى ابنه، لكن هذا اندثر في هذه الأزمنة الحديثة. ونتيجة لهذا الانقطاع يجد العديد من شباب اليهود أنهم يواجهون إحدى أهم مراحل حياتهم من دون مرشد لهم على الطريق. وهذا هو الفراغ الذي نسعى الى ملئه في هذا الكتابraquo;.

للمبتدئين حقاً

وفقًا لـlaquo;بي بي سيraquo;، فإن المظروف المغلق الذي يأتي مع الكتاب يحوي رسومات توضيحية لثلاثة من الأوضاع الجنسية فقط. وقد رُسمت هذه بخطوط أحادية بسيطة بعيدة عن استثارة الغرائز لأنها مصممة بشكل سريع خالٍ من التفاصيل ولا مكان فيها حتى لملامح الوجه.

ونقلت الهيئة الإذاعية عن المؤلف المقيم في نيويورك قوله: laquo;لم نشأ في هذه الرسوم أن نوضح المكان الذي يضع فيه الرجل عضوه الذكرى، وإنما أين يضع هو والمرأة سيقانهما وأذرعهماraquo;. وشرح هذا بقوله: laquo;الافتراض هو: إذا كنت لا تشاهد الأفلام ولا تقرأ الكتب التي تصوّر الجنس، فمن أين لك معرفة ما يتوجب عليك فعله من أجل ترجمة العاطفة والرغبة الجنسية الى لغة الجسدraquo;؟

حساسية في العرض المصوَّر

يقول ريبنر: laquo;أردنا للرسومات التوضيحية أن تكون مقبولة لدى العدد الأكبر من الناس، وهذا يعني تجنب laquo;المغامرة التوضيحيةraquo; بقدر الممكن سعيًا الى عدم المساس بالحياء. والواقع أننا نظرنا في كتب مماثلة لرؤية رسوماتها التوضيحية (الصور الفوتوغرافية لا تدخل المعادلة أصلاً). لكننا وجدنا أن هذه جميعا تحوي تفاصيل laquo;غير مريحةraquo; لأنها مباشرة وصريحةraquo;.

ويمضي قائلاً: laquo;تذكر أننا نوجه هذا الدليل الى أناس لا يشكل الجنس أي جزء من حياتهم اليومية، ولذا فهم غير ملمين حتى بألف باء المضاجعة. ولذا فقد كتبنا بوضوح على المظروف المرافق أنه يحوي رسومات ذات طبيعة جنسية وقد يجدها البعض laquo;محرجةraquo;. بمعنى آخر فإننا نحذّر القارئ مما يمكن له مشاهدته وهكذا نترك له الخيار في ما يريدraquo;.

بين رفض وترحاب

يقول ريبنر إنه يتوقع لدليله أن يواجه حظرًا من عدد من المكتبات في إسرائيل عندما ينزل الى سوقها بالعبرية خلال اسبوعين، لأن الأرجح هو أن تعتبره التيارات المحافظة laquo;مادة إباحيةraquo;. ومع ذلك فقد وجد الكتاب ترحابًا لم يكن في الحسبان من شباب أرثوذكس أتيح لهم الاطلاع عليه.

وقال أحد هؤلاء في مدونة على الإنترنت: laquo;الحقيقة التي لا تخفى على العيان هي أننا بحاجة ماسّة الى كتاب كهذا. فهو واضح ولا يلجأ للايحاءات والكليشهات ذات المعاني المزدوجةraquo;. وقال آخر: laquo;أدهشني هذا الكتاب بلغته المباشرة المؤدبة في الوقت نفسه، وبأسلوبه السهل ووضوح غرضه ومقصده من دون نزعة لإثارة الغرائز الجنسية أو ما يغضب اليهودي الملتزم بما نزل في التوراةraquo;.

على خطى laquo;الكاما سوتراraquo;

laquo;دليل المتزوجين حديثًا إلى الحميمية الجسديةraquo; ليس الأول من نوعه بالطبع. فهو يسير وإن كان على استحياء وبتحفظ - على بعض خطى laquo;الكاما سوتراraquo;. وهذا الأخير نص هندي قديم معروف في مختلف أرجاء الدنيا ويتناول السلوك الجنسي لدى الإنسان.

ويعتبر laquo;الكاما سوتراraquo; على نحو واسع laquo;معيار الحب والرغبةraquo; في الأدب السنسكريتي. وضعه النص الفيلسوف الهندي فاتسيايانا كخلاصة موجزة للكثير من مؤلفات سابقة قديمة مختلفة تعود إلى تقليد يعرف باسم laquo;كاما شاستراraquo; (علم الحب).

وكلمة laquo;كاماraquo; تعني laquo;الرغبةraquo;، بينما كلمة laquo;سوتراraquo; فتعني حرفيًا laquo;الخيطraquo; لكنها ترمز هنا الى laquo;الرابطraquo; أو laquo;الوعاءraquo; الحاوي لسلسلة من الحِكَمِ في ما يتعلق بالسلوك الجنسي.

وفي الغرب على الأقل طُمست ملامح هذه الفلسفة وصار تعبير laquo;كاما سوتراraquo; يعني في الوعي العام laquo;الدليل لأوضاع المعاشرةraquo; التي يمكن للرجل والمرأة اتخاذها بغرض الحصول على المزيد من اللذة الجنسية. وبسبب غربلة الكاما سوترا الأصلية الى هذا المفهوم والغرافيك المباشر المصاحب له عادة، صار بعض المحافظين يعتبرونه نوعاً من الإباحية الأدبية والفنية.