يرى خبراء أن الاستخدام المحتمل لأسلحة كيميائية من قبل النظام السوري قد يرغم الولايات المتحدة على التحرّك، لكن الخيارات العسكرية المطروحة أمام أوباما محدودة ومحفوفة بالمخاطر، لاسيما وأن هاجس التجربة العراقية ما زال ماثلًا في الأذهان.


واشنطن: يبدو احتمال خوض مغامرة عسكرية أميركية جديدة بعيدًا في هذه المرحلة، وقد تجنب البيت الأبيض التأكيد على أن النظام السوري تجاوز quot;الخط الأحمرquot;، الذي شدد عليه الرئيس أوباما، ودعا الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق لتأكيد تحاليل الاستخبارات الأميركية والصادرة من باريس ولندن وتل أبيب.

وبرر مسؤول أميركي في الدفاع هذا الموقف بقوله quot;نعلم أصلًا المعزوفة عندما ترتكز قرارات سياسية على أساس معلومات استخباراتية يتبيّن أنها خاطئةquot;، في تلميح إلى المزاعم بوجود أسلحة دمار شامل عراقية، التي استخدمت حجة لغزو العراق في العام 2003.

لحظة مفصلية
لكن اندرو تابلر من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط قال لوكالة فرانس برس إن quot;مصداقية الولايات المتحدة هي التي ستكون على المحكquot;، إن كان بشار الأسد يستخدم أسلحة كيميائية لترويع المعارضة وquot;اختبار خطوطنا الحمرquot;. ورأى quot;أنها لحظة مفصلية لإدارة واحتواء مفاعيل الأزمةquot; السورية.

واعتبرت زعيمة الديموقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي أن مجرد تقديم مساعدة quot;غير قاتلةquot; إلى المعارضين المسلحين لا يكفي، مؤكدة quot;على وجوب الانتقال إلى المرحلة التاليةquot;. وذلك قد يكون عبر quot;تسليح المعتدلين من بين المتمردين السوريين، وهذا ما دعت إليه أصلًا فرنسا وبريطانياquot;، برأي المحللة دانيال بليتكا من معهد المشروع الأميركي. لكن خطر سقوط هذه الأسلحة بين أيدي الجماعات المتطرفة لا يزال قائمًا.

تنشر الولايات المتحدة 250 عنصرًا، معظمهم من القوات الخاصة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2012 في الصحراء الأردنية لتدريب الجيش المحلي، والقيام عند الاقتضاء بغارات لتأمين جزء من مخزونات الأسلحة الكيميائية السورية، التي تقدر بمئات الأطنان.

الأسلحة نقلت
لكن البنتاغون لا يخفي عدم حماسته إزاء هذا الأمر. فقد أقرّ الجنرال مارتن ديمبسي أعلى مسؤول عسكري في 17 نيسان/إبريل بعدم ثقته في القدرة الأميركية على تأمين الأسلحة الكيميائية quot;لأنها بكل بساطة نقلت ومواقع التخزين عديدةquot;.

إلى ذلك لا يتصور أحد إمكان القيام بتدخل على الأرض على نطاق واسع، قد يتطلب حوالى 75 ألف عنصر، وفق تقديرات أوردتها الصحافة في العام الماضي، ولم يناقشها البنتاغون منذ ذلك الحين. أما في ما يتعلق بإقامة منطقة حظر للطيران، فسيتعيّن اتخاذ قرار في ما إذا كانت ستطبق على كل سوريا أو جزء منها، وذلك في كل الأحوال quot;سيوفر مكانًا للجوءquot; برأي أندرو تابلر.

وذكر براد شيرمان النائب الديموقراطي quot;أن منطقة حظر للطيران ليست خيارًا يضمن عدم سقوط قتلىquot;. فلإقامة منطقة كهذه في ليبيا في 2011، كان لا بد من القضاء على الدفاعات الجوية، التي كان يملكها معمّر القذافي. لكن القيام بالأمر نفسه في سوريا سيكون quot;أسوأ مئة مرة مما واجهناهquot; في ليبيا، كما أكد وزير الدفاع السابق ليون بانيتا في العام الماضي.

إزالة هدف سري
فالدفاعات الجوية السورية كبيرة، وإن كانت تعود إلى الحقبة السوفياتية: فهناك 650 موقعًا ثابتًا وquot;نحو 300 موقع متحركquot;، بحسب تقرير لمعهد الدراسات حول الحرب (مقره في واشنطن)، الذي يقدر عدد الطائرات المطاردة الجاهزة للتحليق بـ150.
ولفت الخبراء إلى أن قصف مواقع التخزين ينطوي على خطر انتشار عناصر بالغة السمّية في الجو وتلويث البيئة.

ويرى كينيث بولات من مؤسسة بروكينغز quot;أن التحرك الأبسط بالنسبة إلى الإدارة (أوباما) قد يكون اختيار هدف سرّي ومهم بالنسبة إلى النظام وإزالته بصواريخ عابرة، وربما أيضًا بطائرات قاذفةquot;.

quot;وهذه الضربة ستشكل تحذيرًا للسوريين بأن الأسوأ آت، إن لم يتوقف النظام عن استخدام الأسلحة الكيميائية، وإظهار أن واشنطن مستعدة لتطبيق خطها الأحمرquot; على ما قال، وذلك مع المجازفة بأن يؤدي ذلك إلى إمكانية هروب إلى الأمام لبشار الأسد.