دخل الرئيس أوباما البيت الأبيض واعدًا بأن يكون نقيض جورج بوش، لكن وبعد نحو خمس سنوات من توليه رئاسة الولايات المتحدة، تبدو سياساته أقرب إلى سياسات سلفه الجمهوري، وإن كان لا يريد الاعتراف بهذا التشابه.


بدءًا من الضربات الجوية التي تنفذها الطائرات بدون طيار مرورًا بزيادة حجم القوات الأميركية في أفغانستان ووصولًا إلى إيجاد تبرير قانوني لقتل مواطنين أميركيين في الخارج... كانت إدارة أوباما تنسخ سياسات بوش المثيرة للجدل، بل وتتوسع في بعضها.

إرث سياسي
ونقلت صحيفة واشنطن تايمز عن بيتر ويفر عضو مجلس الأمن القومي في عهد الرئيسين بوش وبيل كلنتون quot;أن السياسات التي حققت نجاحات في الخارج هي السياسات التي واصل بها أوباما تركة بوشquot;.

وإذا كانت هناك سياسة موروثة من بوش، واحتضنها أوباما بكل حرارة، فهي استخدام الطائرات بدون طيار لقتل من يُشتبه في أنهم إرهابيون خارج الولايات المتحدة. وبادرت إدارة أوباما إلى توسيع هذا البرنامج السرّي بدرجة كبيرة، مستعيضة عن وضع قوات على الأرض لمحاربة quot;الإرهابيينquot; باستراتيجية تذيقهم الموت من السماء من دون أن يرى أحد ما جرى.

كانت إدارة بوش استخدمت الضربات الجوية بطائرات بدون طيار في عام 2004، وبلغ عدد هذه الضربات 49 غارة حين غادر بوش البيت الأبيض في أوائل عام 2009، بحسب مؤسسة أميركا الجديدة للأبحاث في واشنطن. وكانت حصة باكستان 48 غارة، وغارة واحدة في اليمن. وأسفرت هذه الضربات عن مقتل 356 مسلحًا.

غارات أوباما تسبق بوش
أما في عهد أوباما فإن الولايات المتحدة شنّت حتى منتصف نيسان/إبريل الحالي 379 غارة أخرى، أو نحو ثمانية أمثال عددها في زمن بوش. وكان نصيب اليمن من هذه الغارات 72 غارة. وقتل نحو 2895 مسلحًا فيه خلال ولايتي أوباما، بحسب المؤسسة، بينهم نحو 1000 مسلح في اليمن.

وقالت مؤسسة أميركا الجديدة أيضًا إن حرب الطائرات الأميركية بدون طيار قتلت 368 مدنيًا، بينهم 233 مدنيًا قُتلوا خلال إدارة أوباما.

ونقلت صحيفة واشنطن تايمز عن الخبير في شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة هيريتج المحافظة للأبحاث جيمس فيليبس quot;إن الرئيس أوباما استخدم العديد من الأدوات، التي طورّتها إدارة بوش وإدارات سابقة، ضد تنظيم القاعدة، وخاصة الطائرات بدون طيار، لضرب أهداف يصعب إيصال قوات أميركية أو كوماندو إليهاquot;.

الصقور يرحّبون
وكان استخدام الطائرات بدون طيارة أثار احتجاجات واسعة بين الليبراليين في الكونغرس أثناء جلسات الموافقة على تعيين مدير وكالة المخابرات المركزية جون برينان، مطالبين بوضع قواعد وضوابط أوضح في حرب هذه الطائرات. لكن الصقور رحّبوا بحماسة أوباما لمواصلة سياسة بوش، بل وعلى نطاق أوسع في هذا المجال.

وقال عضو مجلس الشيوخ الجمهوري لندسي غراهام إن هناك من يستغرب إقدام أوباما على نسخ الكثير مما كان يفعله بوش. وأضاف quot;أنا لستُ مستغربًا، بل أُهنئه على حسن تقديره كي يفهم أننا في حربquot;.

لكن أوباما اتخذ موقفًا أكثر تساهلًا في التعامل مع المعتقلين بتهمة الإرهاب، مثل جوهر تسارناييف (19 عامًا)، المشتبه فيه الثاني في تفجيرات بوسطن، والذي أُحيل إلى محكمة فيدرالية بدلًا من معاملته معاملة المقاتل العدو، كما طالب المحافظون.

وأوضح المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أنه لم يكن لدى الإدارة خيار آخر، لأن تسارناييف مواطن أميركي، ولأن مئات الإرهابيين حوكموا بنجاح أمام القضاء المدني منذ عام 2001.

تعذيب وقتل لمكافحة الإرهاب
من أوجه التشابه الأخرى بين أوباما وبوش أن الرئيسين حاولا غلق معتقل غوانتانامو، كلّ على طريقته، ولكن بلا جدوى. وكان السجن فُتح في زمن بوش، وخاض أوباما حملته الانتخابية واعدًا بغلقه.

وأصدرت إدارة أوباما مذكرة قانونية سرّية تجيز قتل الأميركيين المشتبه في أنهم إرهابيون في الخارج، قارنها البعض بمذكرة بوش السرّية، التي تبرّر التعذيب أثناء التحقيق مع المشتبه فيهم. وكان أوباما خلال ترشيحه على الرئاسة انتقد بوش على quot;استغلاله السلطة استغلالًا غير مقبولquot;.

وجاء أوباما إلى الرئاسة منفذًا اتفاقية رحيل القوات الأميركية عن العراق، التي وُقعت في زمن بوش. كما تعهد بسحب القوات الأميركية من أفغانستان تدريجيًا، ولكنه أرسل قوات إضافية في عام 2009 مثلما فعل بوش في العراق عام 2007.

لعل الاختلاف الأكبر بين الرئيسين هو الموقف من سوريا. فإن أوباما رفض الدعوات المطالبة بالتدخل العسكري أو تسليح المعارضة السورية، التي تقاتل قوات نظام الرئيس بشار الأسد. وركز أوباما بدلًا من ذلك على تقديم مساعدات إنسانية وتشديد الضغط الدبلوماسي، في محاولة لحمل الأسد على التنحّي. ونقلت صحيفة واشنطن تايمز عن بيتر بيفر عضو مجلس الأمن القومي السابق قوله quot;من الواضح أنه يحاول أن يكون ضد بوشquot; في هذا المجال.

كما إن هناك أوجه شبه في السياسات الداخلية أيضًا، فالرئيسان أوباما وبوش مسؤولان عن تضخم الدين العام، رغم أن زيادته أكبر في عهد أوباما. وقال الأخير حين كان مرشحًا رئاسيًا إن بوش quot;لا مسؤولquot; وquot;لا وطنيquot; لاقتراضه بهذا القدر الكبير.