مع نجاح الرئيس الأميركي باراك أوباما في الانتخابات الرئيسية التي منحته أربع سنوات إضافية في البيت الابيض، تبدأ الآن ولايته الثانية مع تركيز كبير على مستوى السياسة الداخلية، جنباً إلى جنب مع حاجته إلى فريق يثق به لمساعدته على معالجة الأحداث السياسية العالمية الحساسة.


ما إن انتهت الانتخابات الأميركية حتى علت بعض الأصوات الدولية لتتكهن بما سيأتي به انتصار أوباما وما إذا سيتجدد اهتمام أميركا بقضايا السياسة الخارجية التي واجهت شيئاً من الإهمال خلال حملة الانتخابات. والدليل على ذلك أن المبعوث الدولي للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي في الشرق الأوسط توني بلير، قال إن أوباما سوف يجدد سعيه لإيجاد حل لهذا النزاع.

وتوقع العديد من المحللين والمراقبين، وكذلك الدول الحليفة للولايات المتحدة - تحديداً تركيا - ان واشنطن ستكون الآن أكثر جرأة في العمل لوضع حد للحرب الأهلية الدموية في سوريا.

تعزيز الإرث الداخلي

ومن المؤكد ان أوباما سيبحث عن سبل تعزيز أوباما إرثه السياسي في الداخل بعد أن ركز في حملته الانتخابية على الحاجة لبناء الأمة على الصعيد الداخلي، وستهيمن المسائل الداخلية كوضع أميركا المالي، البطالة، الضريبة وإصلاح نظام الهجرة على اهتمامات الرئيس وإدارته.

وتحدث أوباما عن برنامج عمله في خطاب الفوز مثل متابعة الانتعاش الاقتصادي من أجل تجنب الهاوية المالية التي تهدد البلاد، وركز على ضرورة العودة للعمل، موضحاً انه سوف يعتمد على رصيده السياسي لكسب مثل هذه المعارك الداخلية.

وقال مارك سيغيل، مساعد النائب السابق للرئيس أوباما في quot;كارتروايت هاوسquot;: quot;لا أعتقد أن أوباما سيعجل بطرح أي مبادرة جديدة في ما يتعلق بالشرق الأوسط، ومن المرجح ألا يتدخل عسكرياً في سوريا أو إيرانquot;.

أجندة أوباما الداخلية تظغى على الخارجية

وبالطبع يميل بعض الرؤساء في فترات رئاستهم الثانية نحو معالجة المسائل الخارجية أكثر من التركيز على الداخلية منها، غير أن كثافة أجندة أوباما الداخلية ستجعله لا يتماثل مع مثل هؤلاء الرؤساء ولو في البداية على الأقل.

وبناء على ذلك، يمكن القول إن أوباما المشغول بالقضايا الداخلية إضافة إلى احتمال استقالة بعض كبار مسؤوليه على مستوى السياسة الخارجية، سوف يحتاج للاستعانة بشخصيات يمكنه الاعتماد عليها في هذا المجال أثناء انشغاله بالداخل.

يشار إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تحدثت عن نيتها بالتنحي عن منصبها في نهاية فترة رئاسة أوباما الأولى ثم عادت وأعلنت أنها يمكن أن تبقى في منصبها لبضعة أشهر، إلى أن يتم إيجاد البديل المناسب.

وعلى الرغم من أن وزير الدفاع ليون بانيتا لم يتحدث علناً عن أية خطط حول تركه منصبه، يلاحظ المراقبون أنه يقضي تقريباً كل عطلة نهاية أسبوع في بيته في كاليفورنيا مما يدفعهم للاعتقاد أنه ربما يقدم استقالته في وقت ما من السنة المقبلة.

وجوه جديدة

وتنحي كلينتون واحتمال أن يتبعها في ذلك بانيتا أيضاً، يفتح الباب أمام انضمام وجوه جديدة على مستوى وزارة الخارجية والأمن، وفي مقدمة هؤلاء السيناتور جون كيري، الذي عمل في السابق على نحو غير رسمي كمبعوث للبيت الأبيض لباكستان وأفغانستان، والذي يقاسم أوباما اهتمامه بمسائل منع انتشار الأسلحة النووية.

ومن الوجوه المرشحة جداً لشغل منصب وزير الخارجية سوزان رايس، سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة التي عملت سابقاً مستشارة للمرشح أوباما في فريق السياسة الخارجية لحملته عام 2008.
وهناك احتمال آخر يرجح أن يختار أوباما مستشاره الراهن لشؤون الأمن القومي توم دونيلون وزيراً للخارجية أيضاً.

أما في حال قرر بانيتا التنحي جانباً واختار أوباما السيدة ميشيل فلورنوي وزيرة الدفاع بديلاً له، فإنه سيدخل التاريخ عندئذ بصفته أول رئيس أميركي يعين امرأة في منصب وزيرة الدفاع. ومن المعروف أن فلورنوي خبيرة ومحنكة في شوون سياسة الدفاع وكانت قد شغلت المنصب الثالث في وزارة الدفاع، وعملت أيضاً مستشارة لأوباما خلال حملته.

وعلى الرغم من أن كل هؤلاء أشخاصاً موثوقين يتمتعون بالخبرة من خلال عملهم في مناصب مهمة في الشؤون الخارجية والأمن، إلا أن بعض المحللين يعتقدون أن أوباما ربما يختار وجهاً مختلفاً ليبين للكونغرس أنه مهتم بالتعاون بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري على مستوى السياسة الخارجية والدفاع.

كولن باول جمهوري دعم أوباما

رغبة أوباما باختيار وجد جديد بعيد عن كل التكهنات التي تدور حالياً، قد يدفعه لاختيار كولن باول في منصب وزير الدفاع، وهو أول وزير للخارجية في عهد إدارة الرئيس جورج بوش الذي تولى أيضاً منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة سابقاً.

فهل يصح هذا التوقع، لا سيما بعد أن أوضح أوباما رغبته في التعاون مع الحزب الآخر، إضافة إلى أن الجمهوري باول كان مؤيداً بارزاً له في الانتخابات الأولى والثانية؟ التكهنات كثيرة والأيام القادمة تثبت صحتها.