عمان: قال محللون انه في ظل اشتداد المعارك المستعرة وتضارب المعلومات حول مخاطر مخزون الاسلحة الكيميائية في سوريا، تواجه البلدان المجاورة لها مخاطر كبيرة بسبب امكانية امتداد النزاع الدموي اليها.
وقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في بغداد السبت ان quot;الطائفية شر ورياح الطائفية لا تحتاج لاجازة عبور من هذا البلد الى اخر (...) وما عودتها الى العراق الا لانها اشتعلت في منطقة اخرى في الاقليمquot;.
ويشير المالكي بذلك على ما يبدو الى سوريا التي تملك حدودا مشتركة مع العراق بطول نحو 600 كلم، وتشهد نزاعا داميا مسلحا بين جماعات مسلحة والنظام، يحمل طابعا مذهبيا، قتل فيه عشرات الآلاف.
لكن المحللين يرون ان جيران سوريا وخصوصا لبنان والاردن، هم اكثر عرضة للتأثر في حال امتداد النزاع في حين سيتأثر العراق ايضا جنبا الى جنب مع اسرائيل وتركيا بطريقة او بأخرى.
ويقول انتوني سكينر الذي يرأس مؤسسة quot;مايبلكروفتquot; البريطانية الاستشارية لتحليل المخاطر في الشرق الاوسط وشمال افريقيا لوكالة فرانس برس quot;انها منطقة معرضة للمخاطر بما فيها خطر التصعيد. المنطقة بأسرها قد تصبح متورطة على نحو متزايد في هذا الصراعquot;.
ويستضيف الاردن اكثر من 500 الف لاجئ سوري بينما يستضيف لبنان نحو 400 الف لاجئ سوري، ويواجه البلدين تحديات صعبة أخرى.
ووجدت عمان نفسها تنجر اكثر الى الصراع مع نشر قوات اميركية على الاراضي الاردنية وسط تحذيرات من الرئيس بشار الاسد بأن المملكة يمكن ان تتورط في حرب بلاده، واتهامات لها بالسماح بمرور مقاتلين الى سوريا.
ويرى سكينر ان quot;الاردن دفع (في الصراع) بسبب اشتداد حدة المعارك على حدوده وبسبب مخاوفه من الاسلاميين المتطرفين والسلفيينquot;، مشيرا الى ان quot;الاردن يشعر بالقلق ازاء الفوضى المحتملة التي قد تستمر لسنوات او عقود حيث من المرجح عدم بقاء الاسد في نهاية المطافquot;.
واوضح ان quot;هناك ايضا السلفيين الاردنيين الذين عبروا الحدود بأتجاه سوريا من اجل المساهمة في اسقاط الاسدquot;.
وشهد لبنان، سقوط قذائف على اراضيه سواء اتت من النظام السوري او المقاتلين المعارضين له، في المناطق السنية والشيعية في الشمال والشرق.
ويعتمد لبنان سياسة الحياد على الرغم من انقسامه سياسيا الى حركتين، حزب الله المدعوم من إيران وحلفائها وهي تدعم الاسد، وقوى 14 آذار وتدعم المعارضة السورية.
وتتهم المعارضة السورية نشطاء حزب الله الشيعي اللبناني بأرسال مقاتلين للقتال الى جانب القوات النظامية السورية في منطقة القصير، في ريف محافظة حمص القريبة من الحدود اللبنانية.
وقال سكينر ان quot;هذا خطر حقيقي ولبنان يمكن ان يدخل في حالة حربquot;.
من جهته، يرى يزيد صايغ المستشار في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، لوكالة فرانس برس ان quot;الجانب المؤثر بالنسبة للأردن ولبنان هو موضوع نزوح الاعداد الكبيرة من اللاجئينquot;.
واضاف ان quot;الاعداد الكبيرة (من اللاجئين) تضع الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية غير الامنية والسياسية تحت ضغط شديد جداquot;، مشيرا الى انه quot;حتى المتعاطفين مع المعارضة السورية تضايقوا من عدد السوريين الضخم الذين وفدوا الى لبنان والاردنquot;.
واوضح ان quot;الانعكاسات كبيرة ولكن ليست بالضرورة خلق حروب اهلية في دول الجوار. ستخلق توترات اقتصادية اجتماعية شديدة في دول اصلا تعاني مشاكل كبيرة جدا من فقر وبطالة وتهميشquot;.
ومع اشتداد النزاع في سوريا، يستمر التنافس بين القوى الخارجية على دعم هذا الطرف او ذاك وكذلك حروب الوكالة وعملية التسخين.
ويقوم حلفاء الولايات المتحدة كالسعودية وقطر وتركيا بمساعدة المعارضة في حين تقوم ايران وروسيا بدعم النظام السوري.
ويقول سكينر ان قوات الاسد منهمكة بشكل كبير في قتال الثوار بالداخل بحيث انها غير قادرة على الرد على اولئك الذين يدعمون الثوار رغم وقوع قصف عبر الحدود من قبل افراد من قوات الامن طال تركيا واسرائيل.
واضاف quot;رغم ذلك، لم تعتبر هذه الهجمات كبيرة بما يكفي لاستفزاز الاخرين ما يستوجب لكمة قوية مضادة. يبدو ان الاسد يستخدم وكلاء وان كان ذلك غير مرتبط بوضوح بموقفه من هذا الامرquot;.
وكانت قذائف من سوريا سقطت في الجانب التركي من الحدود وداخل المنطقة التي تحتلها اسرائيل في مرتفعات الجولان.
من جهة اخرى، يقول سكينر ان quot;تهديد النزاع السوري دفع تركيا للانخراط في ما يبدو انه عملية سلام جادة مع حزب العمال الكردستانيquot;.
وفي الوقت نفسه، تشاطر إسرائيل الولايات المتحدة خشيتها من وقوع ترسانة الاسلحة الكيماوية السورية في الايدي الخطأ.
واضاف صايغ ان quot;امام الولايات المتحدة واسرائيل خيارات محدودة للتعامل مع الاسلحة الكيميائية. فهم لا يريدون ان تتطور الامور التي قد تعطي النظام السوري فرصة لاستخدام هذه الاسلحةquot;.
ويقول سكينر ان مسألة هذه الاسلحة quot;تسهم في خطر امتداد (النزاع) وهي حقا مصدر للقلقquot;.
ودعت المعارضة السورية الجمعة الى تحرك quot;عاجل وحاسمquot; للامم المتحدة عبر فرض منطقة حظر جوي على الاقل على الطيران السوري، ولكن الرئيس الامريكي باراك أوباما قال انه ينتظر quot;حكم نهائيquot; للتحقيق على ما إذا كان النظام السوري قد استخدم الأسلحة الكيميائية ضد المتمردين قبل اتخاذ أي إجراء.
وفيما يتعلق بالعراق، يقول الصايغ quot;واضح ان العراق متأثر وهناك احتقان طائفيquot;، مشيرا الى ان quot;الصدام ممكن في حال عجز العراقيون على الاتفاق حول القضايا الاخرى فيما بينهمquot;.
ويقول اميل حكيم محلل شؤون الشرق الاوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ان quot;سوريا استخدمت الكثير من الاذى والضغوط على جيرانها لمعاقبتهم وجعلتهم في حالة مراجعة أو عبر شكل من أشكال الابتزاز لتذكيرهم بالكلفة الاقليمية اذا ما دفعوا بالنظام الى الرحيل بعيدا جداquot;.
واضاف quot;حدث امتداد للنزاع بالفعل. الوضع يتجه فقط نحو الاسوء وسنشهد تكثيفا للقتال عبر الحدود، وهجمات مباشرة وغير مباشرة، وتدفق المزيد من اللاجئينquot;.