يتميّز المشهد الإعلامي الجزائري بوجود عشرات الصحف، لكن الحكومة ما زالت تحتكر الإعلام المرئي والمسموع، رغم صدور قانون ينهي هذا الاحتكار، ما جعل المحللين يتساءلون عن النوايا الحقيقية للسلطة بمناسبة اليوم العالمي لحرية التعبير.


الجزائر: صادق البرلمان الجزائري في كانون الثاني/ديسمبر 2011 على قانون جديد للإعلام، يُنهي خمسين سنة من احتكار الحكومة للقطاع السمعي البصري. لكن القانون الخاص لتنظيم عمل القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية الخاصة لم يصدر.

إعادة إنتاج quot;المكتوبquot;
بالنسبة إلى أستاذ الإعلام في جامعة الجزائر رضوان بو جمعة فإن quot;كل شيء مرتبط بالانتخابات الرئاسية (نيسان/إبريل 2014)quot; وهي سبب تأخير الإعلان عن القانون المنظم للقطاع السمعي البصري، كما quot;يجب عدم انتظار الكثير منهquot;. وقال لوكالة فرنس برس quot;في أحسن الأحوال سيعيد النظام إنتاج ما فعله في الصحافة المكتوبةquot;.

وأوضح أن quot;السلطة لا تريد إذاعات وفضائيات تعكس التنوع والتعددية السياسية والاجتماعية والثقافية واللغوية للجزائر، بل تريد مجالًا سمعيًا بصريًا يعكس صراع الزمر داخل النظام، كما هو موجود في الصحافة المكتوبةquot;. أما القنوات، التي quot;غضّت السلطة عنها الطرف، ومنحتها تراخيص موقتة، فهي موجودة للدفاع عن عمق النظامquot;، بحسب بوجمعة.

وكان وزير الاتصال محمد السعيد أكد أن قطاعه quot;سيجتاز في مطلع 2014 مرحلة جديدة في مسار تطوره مع فتح المجال السمعي البصريquot;. وتوجد حاليًا في الجزائر خمس قنوات تلفزيونية، وخمس إذاعات وطنية، و47 إذاعة محلية، وكلها مملوكة للحكومة.

في المقابل هناك عدد كبير من الصحف اليومية الخاصة يصل إلى 74 صحيفة يومية باللغة العربية، و56 باللغة الفرنسية، بحسب وزارة الاتصال. ولا توزّع معظم هذه الصحف إلا بضعة آلاف من النسخ. أما عدد الصحف التي تطبع أكثر من 100 ألف نسخة فلا يتعدى أصابع اليد الواحدة. وتسيطر صحيفتا الشروق (540 ألف نسخة) والخبر (450 ألف نسخة) على سوق الصحافة.

احتكار الأخبار سلطويًا
لا يعرف محتوى القانون الجديد المنظم للقطاع السمعي البصري، إلا أن تسريبات في الصحافة تحدثت عن اقتصار الترخيص للفضائيات quot;الموضوعاتيةquot;، التي تهتم بالرياضة والدين مثلًا، وليس القنوات الإخبارية.

وبرأي رئيس تحرير موقع صحيفة الوطن quot;الوطن.كومquot; مراد حشيد فإن quot;ما تفعله الحكومة غير واضح.. فلا يمكن الحديث عن فتح المجال السمعي البصري من خلال اقتصاره على القنوات الموضوعاتيةquot;. وتابع في تصريح لوكالة فرنس برس quot;هذا يعني أن السلطة تريد الحفاظ على احتكار الأخبار لممارسة الدعايةquot;.

أما العدد الكبير للصحف اليومية quot;فليس دليلًا على حرية الإعلامquot; بالنسبة إلى مراد حشيد، مشيرًا إلى أن quot;المهم هو النوعية، وليس الكميةquot;. ووصف بدوره أحسن جاب الله، الذي سبق له العمل في مصلحة الإعلام في رئاسة الجمهورية، quot;خطوات الحكومة اليومquot; بـquot;الضبابيةquot;.

وقال quot; لقد سنّوا قانون إعلام يحتاج نصوصًا تطبيقية، ويتفرع عنه قانون للسمعي البصري، وسلطات ضبط للصحافة المكتوبة والسمعي البصري، لكن من ينتخب أعضاء السلطتين، وكيف يتم ذلك والقطاع مشتت وغير منظم؟quot;، كما نقلت عنه صحيفة الخبر الخميس.

مصير مجهول
وبعد سنة من quot;غضّ الطرف عنهاquot;، أعلنت وزارة الاتصال أنها منحت تراخيص لثلاث قنوات لفتح مكاتب في الجزائر quot;بصفة موقتةquot;، مع توضيح أنها quot;تخضع لقانون أجنبيquot;، أي إنها ليست جزائرية. وفي غياب قانون السمعي البصري فإن القنوات، التي حصلت على الترخيص، يمكن أن تفقده quot;في أي وقتquot; كما إن مصير قنوات أخرى تعمل في الجزائر أو تحضر لبداية العمل غير معروف.

وذكرت وزارة الاتصال في بيان صدر في 6 نيسان/إبريل أنها quot;رخصت للقنوات التلفزيونية quot;الشروقquot; وquot;النهارquot; وquot;الجزائريةquot; الخاضعة لقانون أجنبي، بفتح ممثليات في الجزائر العاصمة بصفة موقتةquot;، كما يمكن quot;تصحيح أو سحب (الترخيص) في أي وقتquot;.

وتقهقرت الجزائر من الموقع 122 سنة 2012 إلى الموقع 125 في ترتيب منظمة quot;مراسلون بلا حدودquot; لسنة 2013 الصادر بمناسة اليوم العالمي لحرية التعبير المصادف في الثالث من أيار/مايو.

واعتبرت صحيفة الخبر الصادرة الخميس أنه quot;رغم إصدار الحكومة لقانون جديد حول الإعلام في إطار حزمة الإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية (في 2011)، غير أن هذا المعطى لم يحسن من الترتيب الدولي للجزائر في مجال حرية التعبير والصحافة، بل بالعكس جعل الجزائر تتراجعquot;.