ردًا على تصاعد تصريحات ومواقف المعارضة الكردية بشأن رفض التجديد لمسعود بارزاني لولاية ثالثة في رئاسة اقليم كردستان العراق، أكد بارزاني أنه لم يسعَ لمنصب الرئاسة مؤكدًا أنه يعتبر نفسه عنصرًا في قوات البيشمركة. ولم يشِر بارزاني إلى رفضه أو قبوله تعديل قانون رئاسة الاقليم، وأبقى خياراته مفتوحة في ما يتعلق بتجديد ولايته.


لندن: في أول رد فعل على رفض المعارضة الكردية التجديد له لولاية ثالثة في رئاسة اقليم كردستان العراق لم يرفض أو يوافق مسعود بارزاني على هذا التجديد مبقيًا الخيارات مفتوحة أمام هذه الولاية رغم نفيه السعي شخصيًا لها، في إشارة إلى إمكانية تعديل برلمانيلدستور كردستان، الأمر الذي يضمن له رئاسة ثالثة للاقليم والمستمرة منذ عام 2005.

بارزاني: الحديث عن رئاسة الاقليم له ايجابيات وسلبيات

قال رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني quot;منذ مدة يجري التطرق إلى انتخابات رئيس إقليم كردستان العراق عبر المقالات والتصريحات وهو موضوع يتخذ بعدين مختلفين أحدهما إيجابي والآخر سلبي. كثيرون تطرقوا إلى هذا الموضوع من منطلق الوطنية، فيما يتطرق آخرون اليه من منطلق اغراض سياسية خاصة ومتطلبات ومصالح شخصية مع تقديري لتوجهات الطرفين وحرية كل شخص في طريقة تفكيرهquot;.

وأضاف بارزاني في تصريح صحافي وزعته الرئاسة الكردستانية اليوم قائلاً: quot;في ما يتعلق بي ذاتياً فإن الموضوع ليس شخصياً ومنذ أن تم انتخابي لهذا المنصب وأنا اقول: أنني لست رئيساً بل كنت وسأبقى بيشمركة ولا أرى أي منصب أو موقع أقدس من هذا الإسم لأن خدمة مواطنينا وكرامة شعبنا أسمى من كل منصب أو موقع، والآن حيث يتم الحديث كثيراً عن هذا الموضوع بودي أن أوضح للمواطنين الأعزاء بأنني لم أطلب لا بتعديل قانون رئاسة الأقليم ولا تمديد فترة الولاية أو تمهيد الطريق لاعادة ترشيح نفسي وهدفي ليس موقعاً أو منصباً بل أن هذا الموقع هو مجرد وسيلة لخدمة الشعب والوطن وكان على الدوام موضعاً لأدافع عبره عن حقوق شعبي، وكنت راغباً بصدق أن احافظ من هذا الموقع على سيادة شعبي بعيداً عن الضغوط والصراعات الحزبيةquot;.

ولم يشر بارزاني إلى إمكانية رفضه أو قبوله تعديل قانون رئاسة الاقليم، وانما أبقى الخيارات مفتوحة، وهو ما يشير إلى امكانية قبوله بولاية ثالثة للاقليم.

بارزاني يوضح أسباب قبوله برئاسة الاقليم

وأشار بارزاني إلى أنّ quot;السبب الرئيس في قبولي بهذا المنصب هو ضمان الانتخاب المباشر من قبل الشعب والمعيار بالنسبة لي هو قبول ورضا الغالبية العظمى لأبناء شعبي ولست مستعداً لتشويه سمعتي والماضي النضالي لأسرتي من اجل أي موقع أو منصب، والآن وبعد العديد من التضحيات فقد ثبت وأستقر كيان سياسي في هذا الإقليم، فالأصح هنا أن يحافظ الجميع على هذا الكيان وتطويره وليس الخلط بين الأبيض والأسود في التوجهات والعمل على وفق نهج وفكر لتدمير وطن من اجل اسقاط سلطة، ثم ان نظام الحكم في الإقليم ليس رئاسياً وهو لم يتأسس من اجل شخص واحد سواء حسن ذلك الشخص أم ساء والمهم في كل ذلك هو احترام آراء الناس، وأن يتولوا مصيرهم بأنفسهم وأن لا يسمح بتوجيهها نحو صفقات سياسية فإن اهلنا على درجة عالية من الوعي السياسي وبإمكانهم تقرير مصيرهم بأنفسهم في المسائل القانونية والدستوريةquot;.

وأضاف ان اغتصاب حقوق الناس هذه هو خطوة نحو التفرد الشخصي والحزبي وإذا كانت مسودة الدستور لم توضع موضع الإستفتاء فإن الدستور وصياغته قد صارا بشكل اعتيادي وانسيابي وعلى المواطنين أن يقرروا المصادقة على الدستور من عدمها، أما مسألة اتخاذ الأطراف السياسية قرارات والمصادقة نيابة عن الناس على مسودة الدستور فلا اساس قانوني له، بل هو مخالف لارادة الشعب والالتزام بالفكر الديمقراطي.

وأوضح انه لم يكن في نيته quot; الحديث عن هذه المسألة وأرجو أن لا يتخذ أي مسار شخصي لأنه لا يهم من الذي يتولي أي منصب، المهم هو المصلحة العامة للشعب والوطن الا أن هناك مساعي لتحريف الرأي العام وهو أمر لديّ الكثير من الملاحظات عليه والحديث عنه سأطرحها مستقبلاً الا أن مااطلبه وأدعو له اليوم هو وجود محاولات لإيقاف المسار المتقدم لقضيتنا ويتمنون ويعملون على عدم تحقيق الطموحات التي نتمناها جميعاً، كما أن هناك اناساً في إطار هذه الظروف السائدة شاؤوا أم أبوا يساعدون على تحقيق تلك المحاولات، فأنا أطالب في كل المناسبات ومنذ عام 1991 بالعودة إلى ارادة شعبنا وسأدافع عن طموحات الشعب في أي موضوع أو في أي منصب كنت، وعلى الأطراف السياسية أن تلتزم برغبات الناس وليس بالعكس الا أن الخوف من الرأي العام هو دليل على عدم الثقة بالنفسquot;.

وفي الختام قال مسعود بارزاني quot;بالنسبة لموضوع انتخاب رئيس الإقليم فليس المهم من الذي يتولى هذا المنصب فهو لم يصنع لشخص معين بل المهم عدم مصادرة حق الشعب من تحديد رئيس الإقليم، وهو حق مشروع وطبيعي. وفي الختام بودي أن أعلن للمواطنين الأعزاء بأن العملية الديمقراطية في إقليمنا لن تتراجع وأي سلب لحقوقهم في تحديد مصيرهم هو سائر ضد المسار الطبيعي لتقدم شعبنا ومحكوم عليه بالفشلquot;.

سجال حول رفض المعارضة الكردية التمديد لبارزاني

وجاء موقف بارزاني هذا ردًا على تصاعد تصريحات ومواقف المعارضة الكردية مؤخرًا باتجاه رفض التجديد له لولاية ثالثة في رئاسة اقليم كردستان.

وفي هذا الاتجاه، قال الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني وحزب الاتحاد الوطني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني في بيان مشترك إن quot;رئيس الإقليم لم يطلب التمديد لفترة رئاسته الحالية، وإن الاتصالات التي أجراها وفد الحزبين مؤخرًا مع أطراف المعارضة الكردية إنما كانت تهدف إلى التفاهم حول إعادة النظر بالقوانين التي لها أبعاد وطنية، من ضمنها مسألة الانتخابات الرئاسية القادمةquot;. وأضافا أن quot;الحزبين يعملان في المرحلة القادمة من أجل إيجاد الحلول القانونية لهذه المسألة المتعلقة بترشح بارزاني لرئاسة الإقليم لدورة أخرىquot;.

ومن جهته، هاجم المتحدث الرئاسي أوميد صباح المعارضة الكردية وعلى رأسها حركة التغيير قائلاً في بيان quot;إن الأطراف الثلاثة للمعارضة أبلغت في مؤتمر صحافي عقدته في العاشر من أبريل (نيسان) إنها تعارض أي تمديد لولاية رئيس الإقليم أو ترشيح الرئيس مسعود بارزاني وفي الوقت الذي يدرك فيه هؤلاء جميعاً أن رئيس الإقليم لم يطلب أي تمديد لولايته الرئاسية، بل إنه من منطلق إيمانه واحترامه لسيادة القانون، أصدر يوم 8 - 4 - 2013 قرارًا ضمن رسالة وجهها إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أبلغها بضرورة تنظيم الانتخابات الكردستانية بمواعيدها المحددةquot;.

وقد اعتبر محمد توفيق رحيم مسؤول مكتب العلاقات الدبلوماسية في حركة التغيير الكردية المعارضة محاولة تمديد ولاية بارزاني quot;تكريساً للديكتاتوريةquot;. وشدد بالقول quot;نرفض تجديد ولاية رئيس الإقليم، ونؤكد إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وترشيح الرئيس لولاية ثالثة خرق للدستورquot;.

وأضاف أن quot; أي خطوة من هذا النوع تعتبر خرقاً قانونياً ودستورياً، وحتى إذا لم يكن الدستور مقراً، لأنهما (الحزبان الرئيسان)، يطالبان بعدم التمديد لولاية رئيسي الحكومة والبرلمان الاتحاديين في بغداد وحتى الوزراء لولاية ثالثة.. فكيف يمكنهما أن لا يطبقا المبدأ ذاته في الإقليم؟quot;. وعن مدى إمكان اتخاذ قرار بالتمديد أشار إلى أن quot;الحزبين يحوزان الغالبية وبإمكانهما ذلك، لكن هذا خرق للإجماع الوطني وترسيخ للديكتاتورية في الإقليمquot;.

وتفيد بعض المعلومات بأن الحزبين يضغطان باتجاه التمديد بسبب ما يقولان أنها حساسية المرحلة التي يمر بها الإقليم والأزمة مع بغداد، وأن أمامهما خيارين: الإبقاء على منصب رئاسة الجمهورية للرئيس جلال طالباني أو في حال استمرار غيابه يتم ترشيح شخصية أخرى من حزبه الاتحاد الوطني على أن تجدد ولاية رئيس الإقليم للمرحلة المقبلة التي تحتاج إلى تكييف قانوني عبر اتفاق الطرفين على إجراء استفتاء عام على الدستور.

يذكر أن أطراف المعارضة الكردية وهي حركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية قد حسمت أمرها برفض التمديد لبارزاني لولاية ثالثة.

بارزاني مسيرة طويلة من اجل حقوق الاكراد

ومسعود ملا مصطفى بارزاني من مواليد 16 آب (أغسطس) عام 1946 في مدينة مهاباد بكردستان إيران حيث تزامنت ولادته مع يوم تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني واقامة الكيان السياسي الكردي الجديد أي جمهورية كردستان في مهاباد التي لم تدم سوى مدة قصيرة من الزمن.

وبعد انهيار جمهورية كردستان في عام (1947)، اضطرت عائلة مسعود بارزاني مع مجموعة من بيشمركة الكرد وعوائلهم للرجوع إلى كردستان العراق وبعد عودتهم ابعدوا من قبل النظام العراقي إلى جنوب العراق ولاسيما (بغداد والبصرة)، ولكن والد السيد مسعود بارزاني الملا مصطفى البارزاني قائد الثورة الكردية توجه مع رفاقه إلى الاتحاد السوفيتي وبقوا هناك حتى عام 1958 لدى قيام الثورة التي اسست الجمهورية العراقية.

وقضى مسعود بارزاني معظم أيام شبابه في سبيل تحقيق الهدف الذي كان الحزب الديمقراطي الكردستاني وضعه لنفسه في عام 1961وهوالديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان، وبعد ذلك الفيدرالية لكردستان في اطار العراق الديمقراطي كما يؤكد دائمًا.

وكان لبارزاني دور رئيس في معظم الاحداث السياسية للعراق الجديد بعد سقوط صدامعام 2003 وأيضاً في تأسيس مجلس الحكم العراقي والذي أصبح عضواً فيه، وفي ما بعد رئيساً له.

وفي 12 حزيران (يونيو) عام 2005 انتخب مسعود بارزاني كأول رئيس لإقليم كردستان من قبل المجلس الوطني الكردستاني العراقي. وفي الانتخابات الثانية التي جرت في إقليم كردستان في 25 تموز (يوليو) عام 2009 حصل مسعود بارزاني على نسبة 70% من أصوات الناخبين، وبذلك انتُخب للمرة الثانية رئيسًا للإقليم وبصورة مباشرة من قبل مواطني الاقليم.

وبارزاني متزوج منذ عام 1965 وهو أب لثمانية أولاد.. ويتقن اللغات الكردية والعربية والفارسية بطلاقة ولديه المام باللغة الإنكليزية في المحادثة.