استعادت بورسعيد المصرية تقليد حرق الدمي الذي كانت تمارسه سنويًا يوم شم النسيم، وكان أوقف منذ عشر سنوات لمخاوف من أن يتسبب في اندلاع حرائق، وكان من أبرز أبطال هذا العام: مرسي وبشار وبديع والشاطر إضافة إلى رموز رياضية واقتصادية.
القاهرة: عادة ما يحتفل المصريون بأعياد شم النسيم، بالخروج إلى المتنزهات، وتناول الفسيح والرنجة والبصل الأخضر، متجاهلين تحذيرات وزارة الصحة السنوية، بأن هذه المأكولات ضارة جدًا، وتصيب بالتسمم، وكان لأهالي مدينة بورسعيد طقس آخر في الاحتفال بعيد شم النسيم هذا العام، من خلال إقامة معرض للدمى، ضم شخصيات عربية ومصرية ودولية تحظى بكراهية المصريين، ليتم إحراقها في الشوارع والميادين.
أقيم معرض هذا العام، الذي يشترك فيه الأهالي بصنع دمى على أشكال مختلفة من البشر، لاسيما الزعماء والرؤساء، ويتم إحراقها، في تقليد قديم يعود إلى حقبة الاحتلال البريطاني لمصر في نهاية القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين.
تقليد سنوي مستعاد
ودأب أهالي بورسعيد على إحراق دمية تمثل quot;إدموند هنري اللنبيquot;، المندوب السامي لبريطانيا في مصر، أثناء ثورة 1919، والذي اشتهر بقسوته تجاه المصريين، ويطوف البورسعيديون الشوارع بهذه الدمية، ويرددون أغنية شعبية هي quot;يا اللمبي يا بن حلمبوحة.. مين قالك تتجوز توحةquot;.
توقفت تلك المظاهر منذ نحو عشرة أعوام، بقرار من المحافظ، بدعوى الخوف من اندلاع حرائق في المدينة بعد توصيل الغاز الطبيعي إليها.
لكنّ البورسعيديين أعادوا هذا الطقس هذا العام، وصنعوا دمى لشخصيات عديدة في مصر، على رأسها: الرئيس محمد مرسي، الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، وخيرت الشاطر، نائب المرشد العام، والرئيس السوري بشار الأسد، إضافة إلى دمى رمزية للاقتصاد المصري المتدهور، وأخرى للرؤساء والملوك العرب.
حرفة موجهة للطواغيت
وقال محمود هاني، عضو في الجمعية الوطنية للتغيير في بورسعيد، إن البورسعيديين يهوون صناعة الدمى منذ نحو قرن من الزمان، مشيرًا إلى أنهم كانوا يحرصون على صناعة دمى للطواغيت، منذ ثورة 1919، التي بدأوا فيها يصنعون أول دمية للورد اللنبي، المندوب السامي البريطاني.
وأضاف لـquot;إيلافquot; أن أهالي بورسعيد دأبوا على حرق دمية أو أكثر للرموز السياسية في مصر أو العالم، مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون، أو إسحاق رابين، ثم بنيامين نتانياهو، وإيهود باراك، والرئيس السابق حسني مبارك، ووزير داخليته حبيب العادلي.
وأوضح أن أهالي بورسعيد نظموا معرضًا ضخمًا هذا العام، أقامه الفنان محسن خضير، الذي ينتمي إلى عائلة خضير الشهير بكتابة الخط العربي، لافتًا إلى أن المعرض أقيم على مسرح كبير، وضعت عليه دمى كثيرة، بعضها للرئيس السوري بشار الأسد، باعتباره أكبر طاغوت في العالم حاليًا، إضافة إلى دمى غير محددة الشخصيات، ولكنها ترمز إلى الملوك والرؤساء العرب، فضلًا عن دمى للرئيس محمد مرسي، وخيرت الشاطر والمرشد العام محمد بديع، ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم.
أحزان في كل مكان
وأشار إلى أن المعرض أقيم تحت عنوان quot;أحزان في كل مكانquot;، في إشارة إلى أن الحزن يعمّ بيوت أهالي بورسعيد، ويعمّ مصر كلها، بل ويعمّ العالم العربي كله. ولفت إلى أنه تم وضع شارات سوداء على كل الدمى المعروضة، التي تحرق في نهاية الاحتفال.
من جهته، قال سيد سليمان، صانع للدمى، إن دمى هذا العام، لا تمثل الرئيس مرسي أو هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء أو قيادات جماعة الإخوان فقط، بل صنع البورسعيديون دمى أخرى لرموز الألتراس الأهلاوي، والإعلاميين الرياضيين، الذين شاركوا في إشعال الحرب بين الألتراس المصري البورسعيدي، والأتراس الأهلي، مشيرًا إلى أن قيادات اتحاد الكرة والنادي الأهلي كان لهم نصيب من الدمى، التي تجري مراسم إحراقها في الشوارع.
وأضاف لـquot;إيلافquot; أن المميز في معرض هذا العام، أن الدمى صنعت من دون كتابة اسمها عليها، بحيث يترك المجال للأهالي لتخمين من هو صاحب الدمية. ولفت إلى أن المعرض أقيم على منصة أو مسرح في شارع الشرقية في حي العرب في بورسعيد تحت عنوان quot;نشاطركم الأحزانquot;، وكتب أسفلها: quot;الحزن في كل مكانquot;.
وأشار إلى أن المجسمات تتضمن العديد من المشاهد الرئيسة، الأول: مشهد لدمية تمثل مصر، وضع على صدرها وشاح العلم، وكتب عليها quot;مصر الحزينة بتنادي مين هيجيب حق ولاديquot;، في إشارة إلى ضياع حقوق ضحايا الثورة، ثم ضياع حقوق ضحايا بورسعيد، والمشهد الثاني عبارة عن دمية تقف أمام قبرين مكتوب عليهما quot;هنا يرقد الشهيدquot; وquot;شهيد مات قلب أمّه بيتنفضquot;، quot;عليه العوض ومنه العوضquot;. أما المشهد الثالث فهو مجموعة دمى، للرؤساء والملوك العرب، يقفون بجوار دمية لبشار الأسد، وكتب عليها: quot;لا أرى، لا أسمع لا أتكلمquot;.
وأوضخ أن هناك مشاهد أخرى منها للرئيس محمد مرسي، يقف أمام لافتة كتب عليها: quot;النهضةquot;، بينما كتب على دميته quot;اللي بالي بالكquot;، في حين يحيط به حراسه الشخصيون، في إشارة إلى أنه ليس لديه مشروع للنهوض بمصر، وأنه يعيش في برج بعيداً عن شعبه.
وأضاف أن المعرض لم ينسَ القوى المعارضة أيضًا، التي لا تسعى إلى الفوز بالكرسي أيضًا، وتمارس المتاجرة بدماء الشهداء، ولا تعمل من أجل مصر، وكتب عليها: quot;المؤامرةquot;.
التعليقات