سجّل الجيش السوري النظامي تقدّما لافتا في محاولاته السيطرة على مدينة القصير، وسقطت عدة بلدات في قبضة جيش الأسد، فيما تنسحب المعارضة من مكامنها السابقة مع تكثّف الحصار والقصف.


دمينة الغربية: ارتفعت اعمدة الدخان من المنازل المحترقة في بلدة دمينة الغربية في ريف القصير التي انسحب منها مقاتلو المعارضة السورية صباح الاثنين، تاركين وراءهم بطاريات مدفعية وانفاقا مهجورة، فيما دخل الجيش السوري مشددا الحصار اكثر على مدينة القصير القريبة التي تعتبر من ابرز معاقل المعارضة المسلحة في ريف حمص في وسط البلاد.

وقال الضابط السوري الذي قاد العمليات، وهو برتبة مقدم، رافضا كشف اسمه لوكالة فرانس برس، quot;هاجمنا البلدة قرابة الساعة التاسعة (6,00 ت غ)، ونفذنا هجوما متزامنا على بلدتي الحيدرية وعش الورور، وكانت البلدات الثلاث في ايدي المسلحين. بعد ثلاث ساعات من المعارك، كانت المسألة انتهتquot;.

وبعد سيطرتهم على البلدة الواقعة على بعد سبعة كيلومترات شمال مدينة القصير، راح عناصر الجيش يدخلون كل منزل ويفتشونه. المنازل التي تمكن فريق وكالة فرانس برس من دخولها الى جانب الجيش فارغة من سكانها... لا بل تترك انطباعا بان هؤلاء السكان هجروها منذ وقت طويل، بسبب عدم رؤية اغراض شخصية فيها.

على الارض، يمكن مشاهدة بعض الفرش والصنادل البلاستيكية السوداء التي يرتديها اجمالا المقاتلون، وايضا مواد غذائية. في احد المنازل، قميص قطني اسود كتب عليه بالابيض اسم مجموعة اسلامية مقاتلة quot;كتائب اهل الاثرquot;.

في وسط دمينة الغربية، مدرسة ابو علاء المعري خلت من كل شيء: لا مقاعد، لا الواح خشبية، لا تجهيزات... كما تم نزع اسم ابو العلاء الذي يعتبر من ابرز شعراء العرب وينظر البعض الى كتاباته على انها مناقضة للدين الاسلامي.

عند مدخل البلدة، توقفت ثلاث دبابات... ويقول الضابط السوري ان على الجيش ان يستعيد ثلاث بلدات اخرى بينها الضبعة حيث المطار العسكري الذي استولى عليه مقاتلو المعارضة قبل شهر، ليحكموا الحصار من جهة الشمال.

ويضيف المقدم quot;هذه القرى استراتيجية لانها تقطع الطريق بين مدينتي حمص القديمة التي لا تزال بايدي المسلحين والقصير. وبسيطرتنا عليها، نمنع اي تواصل بين المنطقتين وخصوصا وصول الامداداتquot;.

ومنذ اكثر من سنة، تحاول قوات النظام السيطرة على مدينة القصير.

ومنذ اسابيع تدور معارك عنيفة في منطقة ريف القصير الحدودية مع لبنان بين القوات النظامية مدعومة من حزب الله اللبناني والمجموعات المقاتلة المعارضة، وقد احرزت خلالها القوات النظامية والمجموعات الموالية لها تقدما تدريجيا باتجاه مدينة القصير.

ويقول ضابط كبير آخر رافضا كشف اسمه ايضا quot;لقد انهينا عملنا تقريبا من الجهة الشمالية. الجهتان الشرقية والجنوبية بين ايدينا، وهناك الوية اخرى تصل من الغربquot;.

وذكرت تنسيقية القصير الاثنين على صفحتها على موقع quot;فيسبوكquot; ان quot;الثوار تصدوا لمحاولة حزب الله اقتحام قرية الحميدية ومنطقة بساتين القصيرquot; اليوم، بينما افاد المتحدث باسم الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبدالله الموجود في المنطقة ان معارك اليوم في محيط المدينة quot;كانت الاعنفquot;.

وعبر مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن عن خشيته quot;من مجزرة في حال اقتحام القوات النظامية المدينةquot;.

وكانت صحيفة quot;الوطنquot; السورية القريبة من السلطات ذكرت في عددها الصادر اليوم ان وحدات الجيش quot;تضيق الخناق على الميليشيات المسلحة التي تتحصنquot; في القصير، وانها اوقفت العمليات العسكرية داخل المدينة quot;لإخلاء المدنيينquot;.

وذكر ناشطون لوكالة فرانس برس الاسبوع الماضي ان 25 الف شخص لا يزالون يقيمون في المدينة.

في بلدة الحيدرية المجاورة لدمينة الغربية، تنتشر على الجدران عبارات تشيد بquot;كتيبة الفاروقquot; المعارضة للنظام السوري والتي تنشط خصوصا في مناطق حمص.

ويقول مسلح موال للنظام في البلدة السنية والعلوية المختلطة انه جاء ليتفقد منزله الذي هجره قبل ثمانية اشهر، مضيفا quot;اضطررت للفرار بعد ان دخل المسلحون البلدة. لقد عدت اليوم لكن منزلي نهب بالكاملquot;.

واضاف الشاب البالغ من العمر 26 عاما، quot;لكنني ساعود للاستقرار هنا. وقد اتصلت بجيراني لابلغهم ان البلدة اصبحت بين ايدي الجيش، ووعدوا بالعودةquot;.

ويقاطعه المقدم quot;لا وقت نضيعه. علينا ان نكمل عملناquot;.