من المتوقع أن يحتل الملف السوري قمة المباحثات بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأميركي باراك اوباما، لكونه أحدث انقسامات بين الحليفين القديمين، خاصة بعد التفجيرات الأخيرة في مدينة ريحانلي التركية.


القاهرة: في وقت يصارع فيه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وهو واحد من أبرز حلفاء أميركا في العالم الإسلامي، من أجل التوصل لحل ينهي الأزمة في سوريا، والتي أثرت سلباً على اقتصاد بلاده المتنامي بشكل سريع، نتيجة لاستقبالها مئات الآلاف من اللاجئين، فإنه من المتوقع أن يُعبِّر صراحةً عن خلافات بلاده السياسية مع واشنطن حين يلتقي بعد غد الرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض.

الزعيمان متفقان على رحيل الأسد
وهي المخاوف التي عززتها التفجيرات التي وقعت يوم السبت الماضي في مدينة ريحانلي التركية، حيث يقيم هناك الآلاف من اللاجئين السوريين، وراح ضحيتها 46 شخصاً.
وبينما ألقت حكومة أردوغان بالمسؤولية على حكومة الرئيس بشار الأسد بتنفيذ التفجيرات، فقد بادر المسؤولون السوريون إلى نفي وتكذيب هذا الادعاء على وجه السرعة.
ونوّهت في هذا الصدد صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أن أردوغان، الزعيم التركي الأقوى على مدار أجيال، يتفق مع أوباما بشأن بعض الأهداف العامة في سوريا وإيران والعراق، الذين يشتركون جميعهم في الحدود مع تركيا. وأعلن كلا الزعيمين على ضرورة رحيل الأسد بعد عامين من العنف خلّفا أكثر من 70 ألف قتيل.

الملف السوري أحدث الانقسامات
وتوقعت الصحيفة أن يعرب أردوغان لأوباما خلال اجتماعهما بعد غد عن الاختلافات الحادة القائمة بينهما على الصعيد السياسي، لاسيما بخصوص طرق التعامل مع الملف السوري وباقي الملفات الشرق أوسطية، ما أسفر عن حدوث انقسامات بين أوباما وأردوغان الذي يوصف بأنه quot;جسرquot; بين واشنطن والدول الإسلامية.
وسبق لأردوغان أن ضغط على واشنطن بهدف تسليح المعارضة السورية للمساعدة في الإطاحة بالأسد، غير أن أوباما رفض الانصياع لتلك الفكرة. ويتوقع أن يتطرق أردوغان للتقارير التي تحدثت عن استعانة الأسد بالسلاح الكيميائي ضد الثوار، وذلك في محاولة من جانبه لحث الرئيس الأميركي على اتخاذ موقف أكثر صرامة.
وأشارت الصحيفة إلى أن أردوغان يريد أن يشارك بشكل أكبر كذلك في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بينما تفضل واشنطن أن يلتزم أردوغان الصمت.
وسبق لأوباما أن التقى بأردوغان في أنقرة عام 2009 في أول جولة له في المنطقة كرئيس للبلاد، كما قام وزير الخارجية جون كيري بثلاث رحلات لتركيا منذ توليه منصبه في كانون الثاني (يناير) الماضي. وهو الاهتمام الذي رأت الصحيفة أنه يوضح الأهمية التي يتعامل بها أوباما مع أردوغان. وعقب تفجيرات مدينة ريحانلي، أصدر كيري بياناً وصف فيه تركيا بـ quot;المحاور الهامquot; بالنسبة للولايات المتحدة.
ومعروف أن أردوغان، 59 عاماً، من أبرز الشخصيات التي توجه انتقاداتها للولايات المتحدة وغيرها من الحلفاء الغربيين لعدم انتهاجهم نفس موقفه الصارم مع الأسد.
وشن أردوغان هجوماً ضارياً على الأسد في أعقاب الكشف عن المجزرة التي ارتكبتها قواته بالقرب من مدينة بانياس السورية قبل عدة أيام، ووجه انتقاداته كذلك إلى المجتمع الدولي والولايات المتحدة بشكل ضمني بسبب الإخفاق في التعامل مع الأمر.
وأضافت الصحيفة أن زيارة أردوغان المرتقبة لواشنطن جاءت وهو منتشٍ بنجاحين حققهما خلال الآونة الأخيرة، الأول في آذار (مارس) الماضي حين أعلن عبد الله أوغلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون، أن أنصاره سينبذون العنف بعد حرب عصابات استمرت على مدار 3 عقود وراح ضحيتها ما لا يقل عن 40 ألف شخص.
أما النجاح الثاني فجاء في نفس الأسبوع بعد تلقيه اعتذاراً من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو بخصوص الهجوم الذي تعرضت له سفينة تركية كانت تحاول أن تخرق الحصار المفروض من جانب إسرائيل على غزة عام 2010.

شخصية أردوغان تثير المخاوف
ثم تحدثت الصحيفة عن تزايد نفوذ أردوغان بشكل تدريجي على الصعيد الداخلي. وبينما أظهرت استطلاعات للرأي تزايد جماهيريته، فقد تبين على النقيض أن هناك قدراً كبيراً من الشكوك بشأن موقفه الحاد تجاه سوريا وسجل حقوق الإنسان للبلاد في عهده.
وبعدها أشارت الصحيفة إلى أن شخصية أردوغان المهيمنة وخططه الكبرى تثير مخاوف منتقديه، الذين ينظرون إليه باعتباره شخصية استبدادية على نحو متزايد، وأنه ورغم عمله على زيادة ثراء تركيا، فإنه لا يبدي اهتماماً بمسألة الحريات الشخصية.
وقال عثمان فاروق لوغوغلو، وهو سفير تركي سابق لدى الولايات المتحدة، وهو الآن أحد أعضاء البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري المعارض:quot;إنه يرغب في تمييز الذكرى السنوية رقم 100 للجمهورية التركية بتحديه لكافة أسس الجمهوريةquot;.
وعلى النقيض،اوضح مؤيدوهquot; بأنه عليه أنيعمل على خلق الحريات، وليس قمعها، وذلك عن طريق سماحه للأشخاص المتدينين بالتعبير علناً عن رؤاهم في مجتمع لطالما نبذهمquot;.