فيما لم تجفّ دماء ضحايا التفجيرات التي شهدتها مناطق مختلفة من العراق الليلة الماضية فقد تجدد العنف اليوم الخميس، وضرب مناطق مختلفة من البلاد، وسط دعوات إلى استقالة الحكومة وعقد جلسة برلمانية طارئة لبحث الانهيارات الأمنية، حيث أكدت وزارة الداخلية اعتقالها قادة عسكريين للقواطع التي شهدت التفجيرات للتحقيق معهم ومعاقبة المقصرين، في وقت تم فرض حظر شامل للتجوال في مدينتي الرمادي والفلوجة في غرب البلاد.
أسامة مهدي: بعد دعوة قائمة quot;متحدونquot; بزعامة رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي لاستقالة الحكومة، فقد طالب التيار الصدري بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر بعقد جلسة برلمانية طارئة لمناقشة انهيار الوضع الأمني على خلفية التفجيرات التي تشهدها البلاد وتصاعدها خلال الساعات الأخيرة. وكان البرلمان العراقي بدأ الثلاثاء الماضي عطلته التشريعية التي تستمر حتى الثامن عشر من الشهر المقبل.
لتحقيق أمني لا إعلامي
وقال رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري أحمد المطيري خلال مؤتمر صحافي في بغداد مع عدد من أعضاء الهيئة اليوم إن التفجيرات التي يتعرّض لها الشعب العراقي تدعو إلى التحقيق الجاد والشفاف فيها لأغراض أمنية، لا إعلامية، للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء التردي المستمر للوضع الأمني. ودعا مجلس النواب إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة الوضع الأمني وتوجيه لجنة الأمن والدفاع إلى فتح تحقيق ميداني مواز لتحقيق الحكومة وكشفه للرأي العام.
وشدد على أن الوضع الأمني الحالي المتدهور يبعث على خيبة الأمل، quot;وبات رهين استيعاب رئيس الحكومة وقادته الأمنيين لخطورة الوضع ومأزقه المتجه نحو الفوضى، لعدم كفاءة الخطط من جهة أو لعدم أهلية بعض العاملين عليهاquot;. وحمّل الأجهزة الأمنية وقياداتها مسؤولية تلك التفجيرات. وشدد على ضرورة quot;الإسراع في حسم ملف الوزراء الأمنيينquot;، مؤكدًا quot;أهمية إبعاد الصداميين والمفسدين من الأجهزة الأمنيةquot;.
من جانبه قال ائتلاف العراقية بزعامة أياد علاوي quot;إن تصاعد الأعمال الإرهابية النوعية، رغم وعود الحكومة المتكررة بفرض الأمن، يقوّض مصداقية الحكومة الحالية في القدرة على بسط الاستقرار وحماية أرواح المواطنين، ويستلزم إعادة تقويم الملف الأمني وقياداته على كل المستوياتquot;.
واعتبرت الناطق الرسمي باسم الائتلاف النائبة ميسون الدملوجي في تصريح صحافي مكتوب تلقته quot;إيلافquot; أن الفساد، الذي يشوب صفقات الأسلحة والتجهيزات الأمنية، ومنها أجهزة الكشف عن المتفجرات، مضافًا إلى عدم مهنية بعض القيادات الأمنية والعسكرية التي جاءت على أساس الفئوية والمحسوبية الحزبية، يشكل أهم التحديات أمام خلق جهاز أمني وطني محترف، يتكفل بسط الأمن وإشاعة السلام في بيئة من الوئام السياسي والاجتماعي القائم على الثقة والشراكة الحقيقية. وشددت على أن فشل الحكومة المستمر يستدعي تقديم استقالتها، على أن يكلف مجلس النواب تشكيل حكومة قادرة على حماية الشعب العراقي.
اعتقال قادة قواطع عسكرية شهدت انفجارات
من جانبها، أكدت وزارة الداخلية اعتقال قادة القواطع العسكرية، التي جرت فيها التفجيرات، للتحقيق وتحديد المقصّرين من أجل معاقبتهم.
وقالت وزارة الداخلية العراقية في بيان صحافي حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه إنه quot;تنفيذًا لتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة وزير الداخلية وكالة نوري كامل المالكي أمر الوكيل الأقدم للوزارة عدنان هادي الأسدي باتخاذ إجراءات حجز وتحقيق لمعرفة ملابسات الحوادث وتحديد المسؤوليات والتقصيرات بحق أمراء القواطع، الذين وقعت تفجيرات إرهابية في مناطقهمquot;.
وأشارت إلى أنها اتخذت جملة من الإجراءات العقابية الرادعة بهذا الخصوص، كما أمر الوكيل الأقدم بتكريم أمراء القواطع ومنتسبيها، الذين تمكنوا من إفشال مخططات القوى الإرهابية، وحافظوا على سلامة قواطعهم ومناطقهم من التفجيرات الإرهابية.
ودعت وزارة الداخلية المواطنين quot;إلى المزيد من التعاون والتواصل معها في الإبلاغ عن الحالات الإرهابية والمشبوهةquot;، مؤكدة أن معلومتهم ستجد الآذان الصاغية التي تترجمها إلى واقع ملموس في تحقيق أمن واستقرار بلدنا، كما حصل من تعاون من قبل مواطني منطقة الكاظمية المقدسة، الذين أبلغوا عن السيارات المفخخة في منطقتهم، فاستجاب الجهد الاستخباري في وزارة الداخلية لهذه البلاغات، وعمل في الحال على تفكيكها، وتخليص مواطنينا من شرورهاquot;.
وقد قتل ثمانية أشخاص، وأصيب نحو 30 آخرين بجروح اليوم الخميس في انفجار سيارتين مفخختين في بغداد، وهجومين استهدفا الجيش والشرطة في الموصل. وقال مصدر في وزارة الداخلية إن سيارة مفخخة انفجرت في سوق مريدي الشعبية وسط مدينة الصدر في شرق بغداد صباح اليوم، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل، وجرح 17 آخرين.
وفي وقت لاحق انفجرت سيارة مفخخة في منطقة الكمالية في شرق بغداد أيضًا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة تسعة بجروح.. وفي الموصل (350 كلم شمال بغداد) انفجرت سيارة مفخخة يقودها انتحاري، مستهدفة نقطة تفتيش للجيش في حي سومر في جنوب شرق الموصل، ما أدى إلى مقتل جنديين اثنين وإصابة ثلاثة آخرين بجروح.
ومن ثم انفجرت سيارة مفخخة ثانية على دورية للشرطة في منطقة الفيصلية شرق الموصل، ما أدى إلى إصابة اثنين من عناصر الدورية بجروح، وفقًا للملازم أول في الشرطة إسلام الجبوري. وجاءت هذه الهجمات بعد يوم من مقتل 34 شخصًا في سلسلة هجمات استهدفت أسواقًا شعبية في أنحاء متفرقة من العراق، بينها تفجيرات متزامنة، معظمها بسيارات مفخخة في بغداد، حيث قتل فيها 21 شخصًا، وأصيب 58 آخرين بجروح.
اغتيال شقيق برلماني وحظر للتجول في الرمادي والفلوجة
تزامنت هذه الانهيارات الأمنية مع اغتيال شقيق النائب عن ائتلاف العراقية أحمد المساري بإطلاق النار عليه من قبل مسلحين مجهولين في ضواحي العاصمة العراقية الجنوبية الغربية.
وقال مصدر أمني عراقي إن مسلحين مجهولين اغتالوا شقيق النائب المساري رمياً بالرصاص أثناء وجوده في معرضه الخاص ببيع وشراء السيارات، في منطقة المعارض في حي البياع جنوب غرب بغداد. وأضاف أن الشرطة سارعت إلى إغلاق مكان الحادثة، وفتحت تحقيقاً في ملابساتها، ونقلت جثة القتيل إلى الطب العدلي.
يشار إلى أن النائب المساري هو أحد قادة الاعتصامات والاحتجاجات، التي تشهدها محافظات غربية وشمالية منذ حوالى خمسة أشهر، وخاصة في مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار الغربية.
على الصعيد الأمني نفسه، فقد قررت قيادة عمليات الأنبار فرض حظر شامل للتجوال للأشخاص والمركبات في مدينتي الرمادي والفلوجة من الساعة العاشرة مساء اليوم ولغاية الساعة الرابعة من فجر يوم غد الجمعة.
من جهتها قررت اللجان التنسيقية للحراك الشعبي إطلاق تسمية quot;خيارنا حفظ هويتناquot; على جمعة يوم غد، التي تشهد تجدد الاحتجاجات وصلوات شيعية سنية موحدة. وقالت اللجان إن هذه التسمية جاءت بشكل موحد مع المحافظات العراقية الست المنتفضة، وإن الخيار لم يأت من فراغ، بل أتى نتيجة ما وصفته بالظلم والعدوان والقتل والخطف والاعتقال والتهميش والإقصاء للمحافظات هذه.
يذكر أن محافظات بغداد والأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك ونينوى تشهد منذ 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي تظاهرات احتجاج واعتصامات تطالب بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين الأبرياء ومقاضاة quot;منتهكي أعراضquot; السجينات، فضلاً عن تغيير مسار الحكومة وإلغاء المادة 4 إرهاب وقانون المساءلة والعدالة والمخبر السري وإصدار عفو عام وإلغاء الإقصاء والتهميش لمكونات عراقية.
التعليقات