التفّت جماعة (انصار الشريعة) المتشددة في تونس على قرار الحظر الذي أعلنته الحكومة بحظر مؤتمر الجماعة السلفية في مدينة القيروان. وأعلنت الجماعة نقل المؤتمر إلى حي شعبي بالعاصمة يعتبر معقلاً لها.


إسماعيل دبارة من تونس، وكالات: قالت وزارة الداخلية التونسية إن 11 شرطيًا وثلاثة متظاهرين اصيبوا الاحد بجروح في مواجهات بين سلفيين متطرفين وقوات الامن في ضواحي العاصمة التونسية.

وبحسب بيان للوزارة فإنه quot;اثناء احتجاجات اصيب 11 عون امن بجروح أحدهم اصابته بليغة، اضافة الى ثلاثة متظاهرين أحدهم اصابته بليغةquot;.

ولم تقدم الوزارة التي اشارت الى quot;عودة الهدوء نسبيًاquot; توضيحات بشأن طبيعة الاصابات أو عدد المشاغبين الموقوفين.

وكانت المواجهات بين قوات الامن والسلفيين مستمرة حتى بعد ظهر اليوم، بحسب مراسلة لوكالة فرانس برس.

وكان تنظيم quot;انصار الشريعةquot; السلفي المتطرف اعلن عقد مؤتمره السنوي اليوم الاحد في القيروان (وسط) دون أن يطلب ترخيصًا من الدولة التي لا يعترف بها، ومنعت السلطات عقد المؤتمر ونشرت تعزيزات أمنية كبيرة في المدينة.

وازاء ذلك، قرر السلفيون نقل مؤتمرهم الى حي التضامن بالضاحية الغربية بالعاصمة الذي شهد مع الاحياء المجاورة له مواجهات مع قوات الامن.

وقال شهود عيان في حي التضامن الشعبي بالعاصمة تونس لمراسل quot;إيلافquot; إنّ الشرطة اطلقت رصاصًا مطاطيًا وقنابل الغاز لتفريق المئات من السلفيين تجمعوا بالحي المذكور.

وردت الشرطة الفعل، عندما رشق اسلاميون غاضبون أعوان الامن بالحجارة للتعبير عن احتجاجهم على منع السلطات الانتقالية اقامة مؤتمر جماعة (أنصار الشريعة) التي تمثل التيار السلفي المتشدد في تونس.

وتواصل الشرطة ملاحقة السلفيين الذين كبّروا ورددوا هتافات من قبيل quot;يسقط حكم الطاغوتquot;.

ولاحظ مراسل quot;إيلافquot; تواجدًا أمنيًا مكثفًا بالعاصمة وشوارعها الرئيسية وتوقيفات واعتقالات في صفوف مشتبهين في انتمائهم للتيار السلفي.

وصباح الأحد، أعلنت جماعة quot;أنصار الشريعةquot; السلفية المتشددة التي يشتبه في ارتباطها بتنظيم القاعدة، تغيير مكان عقد مؤتمرها السنوي المقرر اليوم الأحد من القيروان (وسط غرب) الى حي التضامن الشعبي وسط العاصمة تونس رغم حظر حكومي.

وقالت الجماعة على صفحتها الرسمية في فيسبوك quot;الآن الملتقى السنوي الثالث لأنصار الشريعة بتونس (..) حي التضامن بالعاصمة.

ودعت quot;أنصار الشريعةquot; أتباعها إلى عدم التوجه إلى القيروان، حيث كان من المقرر أن يعقد التنظيم المتشدد اجتماعه السنوي، رغم قرار المنع الصادر من قبل الحكومة، كما اعتقلت قوات الامن التونسية التي انتشر عناصرها بالمئات في المدينة، المتحدث باسم هذه الحركة وفق مصادر متطابقة.

وتم الاعلان عن اعتقال المتحدث باسم الحركة سيف الدين الرايس، من جانب المجموعة السلفية عبر صفحتها على موقع فيسبوك.

كما نقلت اذاعة quot;شمس اف امquot; التونسية الخاصة عن مصدر أمني قوله: quot;تم إيقاف الناطق باسم أنصار الشريعة سيف الدين الرايس مساء السبت، من طرف قوات الحرس الوطني في القيروانquot;.

وأكد المصدر نفسهأن النيابة العمومية، أمرت بفتح بحث قضائي في حق الرايس على خلفية quot;تحريضه على القتل وإهدار دم الصحافيين وأعوان الأمنquot;.

وفي مدينة القيروان، قام الناشطون الذين تحصنوا خلف سور مسجد في حي باب الشهداء في وسط المدينة، برمي حجارة على الشرطة التي ردت باطلاق قنابل غاز مسيلة للدموع.

وتم نشر مئات عناصر الامن والعسكريين في القيروان، عند مداخل المدينة لمنع قيام مؤتمر حركة انصار الشريعة وهو تجمع محظور من جانب الحكومة التي وصفته بأنه quot;تهديدquot; لأمن تونس.

وفي مختلف انحاء المدينة، سيّرت الشرطة دوريات، مطلقة صفارات الانذار وعلى متنها عناصر ملثمون. وقام الأمنيون بعمليات تفتيش دقيقة للسيارات العابرة.

وشهدت تونس منذ الثورة في مطلع العام 2011 تزايداً لأعمال عنف على خلفية صدامات مع مجموعات سلفية. الا أن البلاد تشهد ايضًا اضطرابات بسبب ازمة سياسية عميقة وتنامي النزاعات الاجتماعية في ظل تزايد معدلات الفقر والبطالة.

وحذر quot;حزب التحريرquot; الذي يطالب ايضًا بتطبيق الشريعة واقامة دولة خلافة اسلامية في بيان نشره السبت من أن يكون يوم الاحد quot;صدامياً دمويًاquot; في القيروان.

ودعا الحزب انصار الشريعة الى quot;إعلان تأجيل الملتقى مع تحميل السلطة المسؤولية كاملة أمام الله وأمام الرأي العامquot;. وأثارت خطب تحريضية ضد قوات الامن والجيش ألقاها سلفيون متشددون مؤخرًا في مساجد وخيمات دعوية غضب وزارة الداخلية التي قررت الاسبوع الماضي حظر الخيام الدعوية غير الحاصلة على تراخيص من الوزارة.

وتضمن بعض هذه الخطب تكفيرًا لـquot;الطواغيتquot; من عناصر الامن والجيش، ودعوات صريحة لقتلهم.

وفي الثاني من الشهر الحالي ذبح سلفيون متشددون ضابط شرطة في مدينة جبل الجلود (جنوب العاصمة) وسرقوا أمواله.

والاربعاء، اعلن راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الاسلامية الحاكمة أن إمام مسجد متطرفًا أفتى لهؤلاء بـquot;ذبحquot; ضابط الشرطة وبنهب امواله.

وأعلن وزير الداخلية لطفي بن جدو الجمعة في تصريح لإذاعة quot;كلمةquot; التونسية الخاصة: quot;لن نسمح بالتهديد بالقتل ولا بالتحريض على القتل ولا بالتحريض على الكراهية ولا بالسب ولا بالشتم ولا بنعتنا بالطواغيتquot;.

وحذرت السفارات الاميركية والالمانية والفرنسية في تونس الجمعة رعاياها من التوجه الى القيروان نهاية هذا الاسبوع لاحتمال اندلاع مواجهات بين السلفيين وقوات الامن.

يذكر أن انصار الشريعة تأسست بعد الثورة التي اطاحت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وتلاحق الشرطة منذ اشهر مؤسس الجماعة quot;أبو عياضquot;، المتهم بتدبير هجوم استهدف في 14 أيلول/سبتمبر 2011 السفارة الاميركية في العاصمة تونس،وأسفر عنمقتل اربعة اشخاص واعتقال عشرات السلفيين المتشددين.

من هم انصار الشريعة ؟

تعتبر جماعة انصار الشريعة التي أسسها غداة الثورة التونسية 2011، سيف الله بن الحسين المكنى ابو عياض، وهو من العرب الافغان المنتمين الى القاعدة وتتهمه السلطات بارتكاب عدة اعتداءات في تونس، المتطرفة اكبر تنظيم سلفي يدعو الى الجهاد في تونس.

ولم تعترف السلطات التونسية قانونيًا بهذه الحركة لانها لم تطلب ذلك، ولا تعترف بسلطة الدولة نظراً لان الله وحده هو مصدر الشرعية، كما يقول ناشطوها، وباتت متجذرة بقوة في الاحياء الشعبية حيث يقوم أنصارها بالدعوة والاعمال الخيرية.

وخلافًا للإسلاميين quot;العلميينquot; الذين يدعون الى اقامة الشريعة بالوسائل السلمية تعتبر انصار الشريعة على غرار كل الحركات المتطرفة اللجوء الى الاسلحة وسيلة شرعية لتحقيق أهدافها.

لكن الحركة التي تقول إن لديها اربعين ألف منتسب لم تدعُ حتى الآن الى التمرد المسلح في تونس في حين تدهورت علاقاتها على مر الأشهر مع اسلاميي حركة النهضة التي تقود الحكومة التونسية.

وكثّفت السلطات بعد أن غضت النظر طويلاً عن هذا التيار، العمليات ضد السلفيين الداعين الى الجهاد، خصوصاً بعد الهجوم على السفارة الاميركية في تونس في 14 ايلول/سبتمبر 2012.

وهدد ابو عياض بإشهار quot;الحربquot; على السلطات التونسية واتهم النهضة بانتهاج سياسة مخالفة للاسلام متسببًا في قطيعة معها.

وردت السلطات بحظر مؤتمرها السنوي الذي كان مقرراً الاحد في القيروان فقررت انصار الشريعة تحدي هذا القرار.

وتشتبه الشرطة في أن ابو عياض الفار في وجه العدالة منذ ايلول/سبتمر 2012، من نظم تظاهرة احتجاج على فيلم معادٍ للاسلام تحولت الى هجوم على السفارة الاميركية واسفر عن سقوط اربعة قتلى بين المهاجمين.

وكان العديد من عناصرها ينشطون في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي واشتبكوا بالاسلحة مع قواته في نواحي مدينة سليمان نهاية 2006 وبداية 2007، واعتقل بعض قدماء محاربي افغانستان في غوانتانامو وتعرض العديد منهم الى التعذيب في سجون النظام البائد قبل الاستفادة من عفو عام غداة الثورة على غرار ابو عياض.

وكام ابو عياض (47 سنة) الذي اعتقل من 2003 الى 2011 في تونس، قبل ذلك احد قيادي مجموعة المجاهدين التونسيين في افغانستان وتنظيم القاعدة.

وتلك المجموعة الصغيرة هي التي ارتكبت اعتداء انتحاريًا نفذه عناصر ادعوا أنهم صحافيون، استهدف القائد مسعود زعيم المقاومة الافغانية المناهضة لطالبان قبيل اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2011 بالولايات المتحدة.

القاعدة تنبه سلفيي تونس من quot;استفزازاتquot; النظام

دعا مسؤول في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي سلفيي تونس المتشددين الذين خاضوا مواجهات الاحد مع قوات الامن التونسية، الى عدم الاستجابة لـquot;استفزازاتquot; النظام، بحسب ما اورد المركز الاميركي لمراقبة المواقع الاسلامية (سايت).

وقال ابو يحيى الشنقيطي عضو هيئة الشريعة بالقاعدة في المغرب الاسلامي مخاطبًا تنظيم quot;انصار الشريعةquot; الاسلامي المتطرف بتونس quot;لا تستجيبوا لاستفزازات النظام ووحشيته ولا ترتكبوا افعالاً يمكن أن تؤثر على الدعم الشعبي الذي تحظون بهquot;.

ووجهت الرسالة السبت عشية مؤتمر كان انصار الشريعة ينوون عقده في القيروان وسط تونس ومنعته السلطات بسبب عدم تقديم التنظيم طلب ترخيص.

وتشهد الضاحية الغربية من العاصمة التونسية بعد ظهر الاحد مواجهات بين سلفيين متشددين وقوات الامن بعد أن قالت مصادر في انصار الشريعة إنهم قرروا نقل المؤتمر الى حي التضامن الشعبي بالعاصمة.

واثنى المسؤول في القاعدة على التيار السلفي المتطرف في تونس ودعاه الى quot;المضي في اعماله الطيبة التي بدأت تؤتي ثمارهاquot;.

وقال quot;كونوا اصحاب حكمة وصبرquot;.

ومنعت الحكومة التونسية بقيادة حزب النهضة الاسلامي التي اقرت بداية ايار/مايو بوجود مجموعات للقاعدة في تونس، مؤتمر انصار الشريعة ووصفته بأنه quot;تهديدquot; لأمن البلاد.

واتهمت النهضة طويلاً بالتراخي لتسامحها مع مجموعات سلفية متطرفة. غير أنها صعدت لهجتها بعد اصابة عناصر من قوات الجيش والامن نهاية نيسان/ابريل وبداية ايار/مايو في انفجار الغام زرعها عناصر مجموعات مسلحة يطاردها الجيش التونسي قرب الحدود مع الجزائر.

ويتهم quot;انصار الشريعةquot; بدورهم النهضة باتباع سياسة منافية للاسلام وهددوا باعلان quot;الحربquot; على الحكومة.