يستخدم المحافظون، خصوم علي هاشمي رفسنجاني، مسألة تقدمه في السن ليطعنوا في أهليته لحكم إيران، قائلين إن امة فتية لن تنتخب رجلًا عمره ثمانون عامًا. إلا أن شريحة من الإيرانيين لم يكونوا ليصوتوا لو لم يترشح رفسنجاني.


لندن: في نظام سياسي مثل النظام الايراني، حيث الشيوخ هم الأصلح لقيادة البلد، أصبح سن علي اكبر هاشمي رفسنجاني (78 عامًا) أحدث سبب يسوقه خصومه لمطالبة مجلس صيانة الدستور بعدم الموافقة على ترشحه للانتخابات الرئاسية. فمنذ أن اعلن رفسنجاني في 11 ايار (مايو) ترشحه لخلافة الرئيس محمود احمدي نجاد، يتعرض الرئيس الايراني السابق وأحد مؤسسي الجمهورية الاسلامية لحملة من الانتقادات يقودها محافظون يرون فيه خطرًا يهدد سلطتهم. وكان من المقرر أن يعلن مجلس صيانة الدستور، الذي يضم 12 عضوًا، يوم الخميس قائمة المرشحين الذين نالوا موافقته على خوضهم السباق الرئاسي. لكن موعد اعلان القائمة أُرجئ خمسة أيام لأن دراسة مؤهلات ما يقرب من 700 مرشح سجلوا اسماءهم تستغرق فترة أطول مما كان متوقعًا.
وبصرف النظر عن عمر رفسنجاني، فإن اعلان ترشحه في اللحظة الأخيرة أضفى عنصر تشويق وإثارة على حملة انتخابية كانت راكدة، قابلها الايرانيون بعدم اكتراث، متوقعين ألا يشارك فيها إلا مرشحون من معسكر المحافظين يدينون بالولاء للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

كهل متهم بالفتنة
قال محلل ايراني طلب عدم ذكر اسمه لصحيفة واشنطن بوست: quot;كان المحافظون مرتاحين إلى فرصهم قبل أن يدخل رفسنجاني حلبة السباق، وهم الآن يواجهون تحديًا كبيرًا لأنهم يعرفون أن من شأن وجوده أن يستدرج الناخبين إلى صناديق الاقتراع، ومن الجائز ألا تكون اصواتهم لصالح المحافظينquot;.
وقال روزبه بارسي، الباحث المختص بالشؤون الايرانية في معهد الاتحاد الاوروبي للدراسات الأمنية، إن خصوم رفسنجاني المحافظين يقولون إنه مفلس ماليًا ومفرط في ليبراليته ثقافيًا.
وبدأ خصوم رفسنجاني المحافظون، بمن فيهم كتّاب افتتاحيات في الصحف المحلية وخطباء مساجد ونواب في البرلمان ومرشحون آخرون، يركزون في هجماتهم على عمره المتقدم.
وقال المرشح المحافظ كامران باقري لنكراني في مقابلة صحفية: quot;إن امة فتية لن تنتخب رجلًا عمره 80 عامًاquot;. وذهب رئيس البرلمان الايراني السابق والمرشح الرئاسي الحالي غلام علي حداد عادل إلى أن رفسنجاني يفتقد للطاقة اللازمة لإدارة البلد.
وكانت الهجمات السابقة تسلط الضوء على سجل رفسنجاني السياسي، واتهامه بالتورط في قضايا فساد لتحصيل ثروته الطائلة، وعلى ما يشاع عن دعمه حركة الاحتجاج التي اجتاحت ايران عقب انتخابات العام 2009 المطعون بنزاهتها. وتجنب رفسنجاني مصير الرجلين اللذين دعمهما، وهما مهدي كروبي ومير حسين موسوي، اللذان فُرضت عليهما الاقامة الجبرية منذ العام 2011، لكنّ المحافظين جددوا اتهاماتهم له بالتحريض على الفتنة.
ووجه رئيس مجلس صيانة الدستور، آية الله احمد جنتي، عبارات حادة إلى رفسنجاني في خطبة الجمعة الماضية التي ألقاها في جامعة طهران. وقال: quot;خلال فتنة 2009 أراد البعض أن يلغي هذا النظام، وعلى كل من يريد أن يصبح رئيسًا أن يوضح موقفه من هذا الفعل الذي يحرض على الفتنةquot;.

وجوده مشجع
وفي وقت سابق من الاسبوع، وقّع 7000 مهني وقانوني وتربوي على مذكرة تدعو جنتي إلى استبعاد افراد نشطوا في السنوات السابقة، وخصوصًا في الاضطرابات التي اعقبت انتخابات العام 2009، بسبب انحرافات عن طريق الثورة المباشر، بصرف النظر عن اسمائهم وألقابهم، في إشارة إلى رفسنجاني واسفنديار رحيم مشائي، كبير مستشاري الرئيس المنتهية ولايته احمدي نجاد.
وأعقبت ذلك مذكرة أخرى وقعها 100 عضو محافظ في البرلمان الايراني، مطالبين هم ايضًا مجلس صيانة الدستور باستبعاد رفسنجاني ومشائي.
لكن محاولات المحافظين للنيل من رفسنجاني لم تقلل من حجم التأييد الذي يتمتع به بين الايرانيين وبين معتدلين بارزين في الحكم، وحتى بين بعض المحافظين. وقال بيجن خواجه بور، المدير في مؤسسة آتيه انترناسيونال للاستشارات في فيينا، إن هذه الأوساط أدركت أن مغامرات النظام في مجال السياسة الخارجية يمكن أن تسبب معاناة اقتصادية، وهي تعتقد أن رفسنجاني يستطيع أن يساعد في حل أزمات السياسة الخارجية التي أوجدها احمدي نجاد.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن حسين (29 عامًا)، الذي يعمل مصمم مواقع الكترونية رفض اعطاء اسمه الكامل: quot;سألتُ زملائي لمن سيصوتون معتقدًا بأنهم سيقولون رفسنجاني، فنظروا إليّ كأني مخبول، ولم يقل أي منهم أنه يعتزم التصويتquot;. لكنّ محللين في طهران يقولون إن ترشح رفسنجاني يمكن أن يغيّر موقف مثل هؤلاء الايرانيين. وقال عضو حزب الائتلاف الاسلامي المتشدد أسد الله بادمجيان لوكالة الانباء العمالية الايرانية: quot;اعتقد أن وجود رفسنجاني سيضفي اثارة على الانتخابات، وهذا مهم جدًا، فالذين لم يكن في نيتهم التصويت سيشاركون الآن في الانتخاباتquot;.