إنقاذ الاقتصاد المنهار سيكون على رأس أولويات الإيرانيين في الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 حزيران (يونيو). أما السياسة الخارجية، فستشكل عاملًا حاسمًا أيضًا، في الوقت الذي تناضل فيه إيران من أجل التخفيف من حدة العزلة الاقتصادية والديبلوماسية التي تعاني منها منذ سنوات.


بيروت: في البلاد التي تواجه ارتفاعاً هائلاً في معدلات البطالة ومعدل التضخم، عرض عدد قليل من المرشحين بضعة وصفات غامضة عن برنامجهم لإنعاش الاقتصاد المتعثر. لكن الجميع بشكل عام عرضوا عضلاتهم وتعهدوا بوضع إيران على المسار الصحيح لحل مشاكلها مع المجتمع الدولي من دون أن يتفقوا على كيفية القيام بذلك.

في حين أن العديد من المرشحين المعروفين ليسوا على دراية جيدة في السياسة الاقتصادية، إلا أن معظمهم يتباهى بخبرته الواسعة في السياسة الخارجية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعديد من القضايا الاقتصادية في إيران، لأنها نتيجة للعقوبات الدولية التي تحد بشدة من قدرة البلد على التصدير والحصول على مردودات نفطها.

خبرة سياسية

يقول بيجان خاجيبور، الشريك المدير لشركة عطية الدولية، وهي شركة استشارية مقرها فيينا quot;المرشحون الذين يتمتعون بالخبرة السياسية يربطون بين السياسة الخارجية والأوضاع الاقتصادية في البلادquot;. ويضيف quot;مواضيع مثل العقوبات الدولية والعلاقات الإيرانية - الأميركية ستكون الاهتمامات الرئيسية للمرشحينquot;.

وأشارت صحيفة quot;واشنطن بوستquot; إلى العدد الكبير لمرشحي الرئاسة الإيرانية، من ضمنهم رئيس إيراني سابق، واثنين من وزراء الخارجية السابقين، ومفاوض نووي سابق والرئيس الحالي لحركة عدم الانحياز التي ترأسها إيران حتى عام 2015.

يبقى من غير الواضح من سيحصل (من بين ما يقرب من 700 متنافس مسجل) على موافقة مجلس صيانة الدستور، وهو الهيئة المكلفة التدقيق في المرشحين الرئاسيين. ومن المقرر أن يضع المجلس اللمسات الأخيرة على قائمته من المرشحين اليوم الثلاثاء، على أن تبدأ الحملة الانتخابية يوم الخميس.

جاذبية الاعتدال

من المعروف أن المرشحين الذين يؤيدون استقلال إيران ويدافعون عن حقوقها الدولية يلقون ترحيباً وتجاوباً من الناخبين، لكن اتباع نهج أقل تشدداً تجاه السياسة الخارجية قد يكون أكثر جاذبية للناخبين في الجمهورية الاسلامية، فيما تحاول الدولة تخفيف بعض الضغوط الناجمة عن العقوبات.

هذا الواقع، وفقاً لبعض المحللين، سوف يضر بفرص كبير المفاوضين النوويين الإيراني، سعيد جليلي، الذي يعتبر السبب الرئيسي في فشل المحادثات الدولية بشأن البرنامج النووي الإيراني، لأنه لم يتحلى بالمرونة في أسلوب التفاوض.

وينظر البعض إلى إصراره على quot;المقاومةquot; والتركيز على استراتيجية إيران النووية باعتبارها السبب وراء استمرار الأزمة في البلاد وتجاهل المشاكل التي يعاني منها الشعب. quot;جليلي ليس الرجل المناسب لهذا المنصب بالنسبة للإيرانيين لكنه الأكثر تعقلاً بين المحافظينquot; قال مهرزاد بروغردي، مدير دراسات الشرق الأوسط في جامعة سيراكيوز.

مرشحون

حسن روحاني، أحد أسلاف جليلي في المفاوضات النووية يمثل نهجاً أكثر اعتدالاً في السياسة الخارجية، الأمر الذي يجذب الكثير من الإيرانيين. وقال روحاني الاسبوع الماضي أمام طلاب جامعة طهران: quot;يعتقد البعض أنه يجب أن نحارب كل العالم، بينما يرى البعض الاخر أننا يجب أن نستسلم. لكن هناك خيار ثالث، وهو أن يكون هناك تفاعل بيننا. يجب أن نتعامل مع العالم على أساس مصالحنا الوطنيةquot;.

علي أكبر ولايتي هو أحد المحافظين المعتدلين، وطبيب أطفال في جامعة جونز هوبكنز، الذي شغل منصب وزير الخارجية الإيراني في فترة 1981-1997، وكان مستشاراً لفترة طويلة للمرشد الأعلى للبلاد آية الله علي خأمنئي. وعلى مدى العام الماضي، تحدثت تقارير عديدة عن انخراط ولايتي في مفاوضات سرية مع الولايات المتحدة، وهو ادعاء نفاه مراراً وتكراراً.

في 11 أيار (مايو)، عقد ولايتي مؤتمراً صحافياً ليعلن ترشيحه قائلاً: quot;لدينا القدرة على الحفاظ على حقنا في الطاقة النووية وتحسين العلاقات مع بقية العالم في الوقت نفسهquot;، لكنه لم يجب مباشرة على أسئلة عن كيفية تأثير انتخابه كرئيس للجمهوية الاسلامية على العلاقات مع الولايات المتحدة.

اسفنديار رحيم مشائي، أحد مستشاري الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، هو جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية الإيرانية، وحالياً رئيس حركة عدم الانحياز. وكان مشائي يدير سابقاً الوزارة الإيرانية للسياحة والتراث الثقافي، التي استخدمها لتعزيز مبادرات ديبلوماسية منذ فترة طويلة مع الأردن ومصر.

الآراء منقسمة حول مشائي لا سيما بعد تصريحة الشهير بانه لا توجد عداوة بين إيران واسرائيل أو الولايات المتحدة، لكن العديد من الناخبين يعتبرونه الرجل المناسب، لأنه ظل يناضل من أجل جذب الاستثمارات من الشتات الإيراني.

رفسنجاني... المرشح الأكثر قدرة

وبالنسبة للعديد من المراقبين، الرئيس السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني هو المرشح الأكثر قدرة على معالجة التحديات السياسة الاقتصادية والخارجية التي تواجه إيران.

quot;رفسنجاني يعرف العلاقة بين السياسة الخارجية والاقتصادquot;، قال بروغردي من جامعة سيراكيوز، مشيرًا إلى أن الرئيس السابق سيحاول إقناع السلطة العليا في البلاد بأن بقاء النظام على الأمد الطويل يعتمد على رفع أو تخفيف تأثير العقوبات.

لكن مع ذلك، يتعرض رفسنجاني لهجوم مكثف من قبل المحافظين، الذين يعتقدون أن البراغماتية الديبلوماسية التي يتحلى بها تقوض المبادئ الأيديولوجية للجمهورية الإسلامية.