لا يستطيع محمود أحمدي نجاد العودة رئيسًا، ولهذا يحضر نائبه اسفنديار رحيم مشائي ليخلفه في الرئاسة. إلا أن هذا لا ينال رضى السلطات الدينية الإيرانية وقبولها، فهو في نظرها منحرف ومشعوذ.
بيروت: لا بد أن اسفنديار رحيم مشائي، مستشار الرئيس الايراني محمود أحمد نجاد ومدير مكتبه، سيثير الجدل إذا قرر الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. وفي الوقت الذي تطول فيه قائمة المرشحين الطامحين بالحلول محل نجاد، يبقى المرشح الأكثر إثارة للاهتمام هو الرجل الذي لم يعلن حتى الساعة عن نيته للترشح لخوض الانتخابات الرئاسية الايرانية في 14 حزيران (يونيو) المقبل.
غير صالح
مشائي شخصية قوية وغامضة، فهو مستشار نجاد الأكثر ثقة، لكنه أيضًا سبب الانقسام بين الرئاسة والسلطات الدينية في البلاد. فالعديد من المحافظين التقليديين قالوا علنًا إنهم لا يثقون به، كما اعتبره المرشد الأعلى علي خامنئي غير صالح لتولي مهام الرئيس.
لا تزال التساؤلات مستمرة عما إذا كانت الهيئات المحافظة ستوافق على ترشح مشائي، لا سيما وأنها المسؤولة عن مراجعة طلبات المرشحين. وفي حال تم هذا الترشيح، يقول العديد من المراقبين إن خطوته هذه ستمثل تحديًا جديدًا لرجال الدين، وهو الاتجاه الذي بدأ خلال فترة نجاد الحالية.
وقال رضا المرعشي، مدير الأبحاث في المجلس الوطني الإيراني الأميركي لصحيفة غارديان البريطانية: quot;قواعد اللعبة معروفة، واتُبعت إلى حد كبير على مدى ثلاثة عقود، ويجري الآن تظهير الطبيعة القاسية للسياسة الإيرانية من قبل معسكر نجاد، الذي تجاوز مرارًا حدود المقبول في الجمهورية الإسلاميةquot;.
منحرف ومشعوذ!
شغل مشائي موقع نائب الرئيس لفترة وجيزة في العام 2009، عندما عينه نجاد في تحد واضح لقرار خامنئي. واليوم، يمثل مشائي إيران بصفته رئيسًا لحركة عدم الانحياز، التي تضم نحو 120 دولة. ويصف العديد من المراقبين مشائي بالشخصية البراغماتية والمعتدلة، التي تسعى للتعاون مع الخصوم بشكل منفتح.
في خطاب له في العام 2008، أثار غضب المحافظين عندما أعلن أن لا وجود لدولة في العالم تعتبر عدوًا لايران، مثنيًا على الولايات المتحدة باعتبارها واحدة من الدول الكبرى في العالم. بالنسبة إلى الأعضاء الملتزمين إيديولوجيًا في المؤسسة السياسية الايرانية، تعتبر مثل هذه التصريحات راديكالية، وتشكل خطرًا على النظام الديني الذي يحكم إيران منذ ثورة العام 1979.
ويصفه بعض معارضين خط مشائي وآخرين من مستشاري نجاد بأنه منحرف، كما اتهموهم بممارسة أنشطة غير مشروعة كالشعوذة وغيرها. لكن مشائي اكتسب شعبية بين الوافدين الإيرانيين الذين يعتبرونه عنصرًا مهمًا لانفتاح ايران على الخارج.
تأييد معسكر نجاد
يمنع القانون الإيراني أحمدي نجاد من الترشح لولاية رئاسية ثالثة، وهو اصطدم بحدة خلال العامين الماضيين مع معسكر خامنئي. ولم يخف رغبته في رؤية حليفه يُنتخب خلفًا له.
إذا تمت الموافقة على ترشيح مشائي، يمكنه أن يحظى بدعم قاعدة أحمدي نجاد في الطبقة العاملة، وكثير منهم من قدامى المحاربين في حرب 1980-1988 مع العراق. كما انه يكسب تأييد القوميين الإيرانيين الذين يحتمل أن يشكلوا كتلة كبيرة من الناخبين.
لكن بعضًا يعتقد أن شعبية مشائي مبالغ فيها. تقول فريدة فرحي، المحللة في الشؤون الإيرانية في كلية العلوم السياسية في جامعة هاواي في مانوا، إن مشائي قد لا يحصل على ما يكفي من الدعم للفوز في الانتخابات، quot;فهو ليس معروفًا خارج طهران، ولا تنظر إليه الطبقات الوسطى على أنه شخصية جادةquot;.
مناصب عديدة
من المتوقع أن يتم الإعلان عن المرشحين النهائيين في منتصف أيار (مايو) القادم، ويقول بعض المحللين إن نجاد ومشائي استخدما عدم القدرة على التنبؤ كأداة فعالة في الحفاظ على السلطة.
خلال رئاسة نجاد، التي بدأت في العام 2005، شغل مشائي الكثير من المناصب الرئيسية، من بينها فترة رئيسًا لتراث إيران الثقافي ومنظمة السياحة، حيث نظم عدة رحلات إلى الخارج لترسيخ العلاقات مع عدد من القادة في البلدان الرئيسية التي لم تتواصل معها طهران بشكل كبير.
وبصفته رئيسًا للمجلس الأعلى للشؤون الايرانية في الخارج، دعا مشائي أكثر من ألف مهني إيراني يعيشون في بلدان أخرى للمشاركة في مؤتمر في طهران، نظم في العام 2010 لبحث سبل توسيع العلاقات بين الجمهورية الاسلامية والشتات الإيراني. وبالرغم من أن الحدث كان مثيرًا للجدل ومكلف ماديًا، إلا أنه ساعد على ترسيخ صورة مشائي المعتدل.
معلومات خطيرة
يعتقد أن العلاقة بين أحمدي نجاد ومشائي تعود إلى الثمانينات. وبقيت هذه العلاقة قوية، في ظل قلق الكثير من خصومهما السياسيين بشأن المعلومات التي جمعاها من منظمات الاستخبارات لاستخدامها ضد الخصوم.
ويشار إلى أن علاقات أسرية تجمع بين الرجلين، فابنة مشائي متزوجة من الابن الأكبر لأحمدي نجاد. كما أن مشائي رافق نجاد في كل ظهور علني تقريبًا في الأشهر الأخيرة، مظهرًا قدرته على جذب حشود كبيرة من مؤيديه.
التعليقات