يخطط الرئيس الإيراني لإبقاء مقاليد السلطة بيده بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة من خلال ترشيح اسفنديار رحيم مشائي. ويروّج أحمدي نجاد ومشائي لفصل الدين عن الدولة إلا أنّ أحدًا لن يصدق أن الرئيس الذي نكل بالمحتجين عام 2009 أصبح مصلحًا علمانيًا.


لندن: يخطط الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لاستهداف سلطة رجال الدين السياسية بهجوم غير معهود إذا تمكن من هندسة فوز مساعده الأوثق في الانتخابات الرئاسية المقررة هذا الصيف. ويعتزم أحمدي نجاد وساعده الأيمن اسفنديار رحيم مشائي فصل الدين عن الدولة إذا تسنى ضمان فوز مشائي بالرئاسة في حزيران (يونيو) المقبل.

ويرى مراقبون أن هذا المخطط لو كتب له النجاح سيكون أخطر ضربة توجه إلى سلطة الملالي منذ تأسيس الجمهورية الاسلامية في عام 1979، وان الحد من سطوة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي سيعني عمليا تفكيك البنية اللاهوتية لنظام الحكم في إيران.

نفوذ آيات الله

ونقلت صحيفة التايمز عن مصادر إيرانية أن الرئيس أحمدي نجاد ومشائي عقدا سلسلة من الاجتماعات مع حلفائهما في طهران خلال الأيام الماضية تركزت على رسم استراتيجيتهم في الانتخابات المقبلة لاختيار خلف أحمدي نجاد. وحمل مشائي في أحد هذه الاجتماعات على نفوذ آيات الله في السلطة.

ونقل أحد المصادر عن مشائي قوله quot;أكن أعمق الاحترام لرجال الدين ولكنهم ليسوا سياسيين. ووجودهم يضرّ بالسياسة الإيرانية. إن دورهم يجب أن يكون دورًا روحيا فقطquot;. وأضاف مشائي، بحسب المصدر، quot;في السنوات الأربع المقبلة ستكون لدينا فرصة لتعديل الدستورquot;. ولم يفصح مشائي بالملموس عن طبيعة هذا التعديل quot;ولكن دلالته غنية عن البيان. فهو كان يدعم فصل الدين عن الدولةquot;، بحسب المصدر.

ويواجه أحمدي نجاد ومشائي عقبات كأداء في طريق مخططهما. فان مشائي مكروه من رجال الدين الذين يتهمونه بالمسؤولية عن الصراع المحتدم على السلطة بين الرئيس والمرشد الأعلى وانقسام النظام بسبب هذا الصراع خلال العامين الماضيين.

لهفة لرحيل نجاد

وعقد المرشد الأعلى الذي يتطلع بلهفة إلى رحيل أحمدي نجاد والاستعاضة منه بدمية من اختياره، العزم على منع ترشيح مشائي.

ويسيطر آية الله علي خامنئي على مجلس صيانة الدستور الذي يختار المرشحين ولكن الرئيس يسيطر على وزارة الداخلية التي تشرف على الانتخابات نفسها. وهدد أحمدي نجاد قبل أيام بإلغاء الاقتراع نفسه إذا لم يُسمح بترشيح مشائي. ويحظر الدستور الإيراني ترشيح الرئيس لأكثر من ولايتين ولكن خصومه يخشون انه يخطط لإبقاء مقاليد السلطة بيده من وراء الكواليس.

صيت سيئ

وحتى إذا سُمح لمشائي بخوض الانتخابات فان تأمين فوزه مهمة شاقة. فرغم صيت مشائي السيئ في الأوساط السياسية في طهران فانه ليس معروفًا على الصعيد الوطني. ولكن أحمدي نجاد أشار إلى استعداده لتوظيف ثروته وقدراته ومكانته في الحملة من اجل فوز صديقه.

شراء الإعلام

وقال مصدر في طهران لصحيفة التايمز إن لدى أحمدي نجاد موارد مالية ضخمة يستطيع بها أن يشتري صحافيين ويغرق القنوات التلفزيونية بالتغطية الإعلامية ويطلق زخما لصالح مشائي. وأضاف المصدر quot;ان كل شيء سيعتمد على حجم ما لديهم من أموال وما إذا كان بمقدورهم توزيعه على مستوى القواعد الشعبيةquot;.

وكان رؤساء إيرانيون سابقون حاولوا ان يتحَدّوا سلطة رجال الدين ولكنهم جميعا انكفأوا عندما تدخل المرشد الأعلى بسطوته السياسية ضدهم. غير ان أحمدي نجاد ما زال على تحديه ولم ينكفئ بل كرر تهديداته بالكشف عن الفساد في قلب النظام. وقاد سكوت خامنئي على هذه التهديدات كثيرين في طهران إلى التكهن بأن لدى الرئيس ما يدين به المرشد الأعلى نفسه.

حلفاء الأمس.. أعداء اليوم

وتردت العلاقة بين الرئيس والمرشد الأعلى اللذين كانا حليفين في ما مضى، منذ فوز أحمدي نجاد بولاية ثانية في انتخابات 2009 المشكوك في نزاهتها. وأثارت النتيجة في حينه احتجاجات واسعة رد عليها النظام بحملة بطش واسعة وسط اتهامات بتزوير الاقتراع.

وبدا خامنئي في موقف ضعيف حين لم تكن تزكيته الشخصية للرئيس كافية لضمان فوز ساحق في الانتخابات. ويُفترض بالمرشد الأعلى، بوصفه زعيمًا روحيًا، أن يكون فوق الصراعات السياسية ولكنه بدلا من ذلك انجرّ إلى تبادل الاتهامات حين تردت علاقته بالرئيس أحمدي نجاد.

مصلح علماني!

وبعد التنكيل بالمحتجين في عام 2009 سيجد الناخبون الإيرانيون صعوبة في الاقتناع بأن أحمدي نجاد أصبح مصلحًا علمانيًا.

وقال استاذ التاريخ الإيراني في جامعة سانت اندروز الاسكتلندية علي أنصاري إن أحدا لن يصدق أحمدي نجاد ومشائي بيافطتهما العلمانية الليبرالية الجديدة ولكنهما يستطيعان أن يلحقا كثيرًا من الضرر ولا سيما ان quot;خامنئي بلغ مرحلة في حياته السياسية من الصعوبة بمكان ان يسيطر فيها على القوى المختلفة التي أطلقهاquot;.