ما زالت مسألة اقتحام السجون اثناء ثورة 25 يناير وفرار نحو 20 ألف سجين بينهم الرئيس المصري الحالي محمد مرسي ترخي بظلالها على الحياة السياسية المصرية، خصوصًا أن ثمة من يستغل المسألة في الصراع السياسي الحالي، قائلًا إن مرسي فار من وجه العدالة.

القاهرة: شكّلت وقائع اقتحام السجون إبان ثورة 25 يناير المصرية واحدة من أبرز ملامح الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، إذ تم تنفيذها بشكل منظم، وهو ما أسفر وقتها عن فرار نحو 20 ألف سجين. وتسببت تلك الوقائع بإحداث المزيد من الفوضى، وفي تدفق أعداد متزايدة من المجرمين إلى الشوارع، ما أدى إلى ارتفاع معدل الجريمة، ولا يزال. ومِن بين مَن هربوا حينها نحو 40 عضوًا في حركة المقاومة الإسلامية حماس وفي حزب الله، إلى جانب أكثر من 30 عضوًا بارزًا في جماعة الإخوان المسلمين، بمن فيه رئيس الجمهورية الحالي محمد مرسي.
والمربك في هذا الأمر هو أنه لم يتم تحميل أحد المسؤولية في تلك الوقائع. ومع هذا، تحولت تلك القضية إلى صداع سياسي بالنسبة لمرسي، بحسب شبكة إيه بي سي نيوز الأميركية.

استغلال الفرار
في تقرير مطول، أشارت الشبكة الأميركية إلى القضية التي ينظرها القضاء المصري الآن، بشأن وقائع اقتحام السجون وقت الثورة، موضحةً أن مسؤولين كبارًا في قطاعات الشرطة والمخابرات ومصلحة السجون ألقوا باللوم في ذلك على حركة حماس، الحليف المقرب من جماعة الإخوان، بقولهم إن الحركة أرسلت عناصر تابعة لها من غزة لينضموا إلى بدو من سيناء بغية اقتحام السجون وتحرير أعضاء حماس المحبوسين.
وفي ظل ما تشهده مصر حاليًا من حالة استقطاب سياسي، بدأ خصوم مرسي يستغلون تلك الواقعة لتوجيه الانتقادات إليه، من منطلق أن أنصار الإخوان هم من انتهكوا أمن البلاد، وعملوا على تغذية حالة عدم الاستقرار الحاصلة.
وقالت الشبكة الأميركية إن ميل البعض في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية لإلقاء اللوم على حماس يعكس جزئيًا حالة الاستياء الموجودة من العلاقات التي تربط جماعة الإخوان بحماس، والتي لطالما نُظِر إليها باعتبارها تهديدًا. وتنفي حماس بشدة تورطها في أي من تلك الوقائع، ولم تستدل المحكمة التي تنظر تلك القضية الآن في مدينة الإسماعيلية على أية أدلة تثبت تورطها.
لفلفة القضية
سعد الحسيني، أحد قادة الإخوان ممن تم إطلاق سراحهم وقت الثورة بعد اقتحام السجن الذي كان فيه، ويشغل الآن منصب محافظ، قال إن الاتهامات الموجهة لحماس بهذا الخصوص محاولة لتشويه صورة مرسي. ونفى من الأساس شن هجمات على السجون، موضحًا لمجموعة من الصحافيين قبل أيام أن الشرطة هي التي فتحت السجون وسط حالة الفوضى التي كانت حاصلة آنذاك.
وأوضحت الشبكة أن بعض المنتقدين يرون أن مرسي يعد هاربًا من وجه القانون لأنه لم يسلم نفسه بعد هروبه، وهي جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن مدة تصل لعامين.
ورغم الاهتمام الذي توليه الصحف المصرية لقضية هروب مرسي من سجن وادي النطرون، مع قيادات أخرى في الجماعة، وقت الثورة، إلا أن هناك محاولات حثيثة على ما يبدو لحفظ القضية من منطلق عدم توافر الأدلة، ويكفي خروج وزير الداخلية قبل أيام ليؤكد خلو كشوف المسجلين بالسجن من اسم مرسي للفلفة القضية.
قال عصام القوصي أحد مسؤولي سجن وادي النطرون :quot; شاهدنا قدوم مسلحين فوق شاحنات وسيارات دفع رباعي مزودة برشاشات ومعدات ردم لاقتحام السجون، وكانوا يرتدون ملابس مشابهة لملابس البدو وأخرى كالملابس العسكرية، ويتحدثون بلهجة بدو سيناء وسكان غزةquot;.
أضاف القوصي: quot;بدا الأمر وكأنه النهاية بالنسبة لنا، ودخل المهاجمون في قتال مع حراسنا ما يقرب من 90 دقيقة، وتم قتل 14 نزيلًا حين تم فتح السجن عنوةquot;.
هذه الاتهامات هي نفسها التي تحدث عنها عدد آخر من كبار المسؤولين الأمنيين، حين تناولوا الدور الكبير الذي لعبته حماس في مسألة اقتحام السجون وقت الثورة. أما أعضاء الجماعة الهاربون فأكدوا عدم درايتهم بما حدث بهذا الخصوص. فعلي عز، وهو قيادي بارز في الجماعة لاذ بالفرار مع مرسي، قال إن الشهادات التي تتحدث عن وجود قوة من البدو وقطاع غزة ليس لها أي أساس من الصحة.
وأكد واحد من أبرز قادة الجناح العسكري لحركة حماس في غزة أن الاتهامات المنسوبة للحركة لا تهدف لشيء سوى لتقويض نظام مرسي وتأجيج مشاعر الامتعاض في مصر تجاه حماس.