في مسألة شائكة جديدة يأتي فيها اسم الرئيس محمد مرسي، ينظر القضاء المصري في قضية اقتحام سجن وادي النطرون أثناء الثورة وفرار المساجين، ومن بينهم مرسي وقياديون إخوانيون، ما يهدد الرئيس بالمؤبد.

القاهرة: تشغل قضية هروب السجناء من سجن وادي النطرون أثناء ثورة 25 يناير، الرأي العام المصري، وهي القضية المنظورة حاليًا أمام محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية، برئاسة القاضي خالد محجوب. ويأتي الإهتمام بها إنطلاقًا من أنها تمس رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي بشكل مباشر، إلى 34 قياديًا بجماعة الإخوان المسلمين، بينهم 7 أعضاء بمكتب الإرشاد، نتيجة هروبهم من سجن وادي النطرون أثناء الثورة. وتتوالى المفاجآت في هذه القضية، خصوصًا بعد تصريحات اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، حول عدم وجود أدلة تشير إلى وجود مرسي ضمن نزلاء سجن وادي النطرون، وهروبه أثناء الثورة.
في الوقت نفسه، أكد خبراء القانون أن مرسي وأعضاء مكتب الإرشاد يواجهون عقوبة المؤبد في حالة ثبوت حالات قتل نتيجة هروبهم من السجن.
أشغال مؤبدة
ووفقًا للمستشار سيد رفاعي، رئيس محكمة الاستئناف، فإن عدم وجود سجلات تثبت دخول مرسي و34 عضوًا إخوانيًا سجن وادي النطرون لا يعفيه من المسؤولية القانونية، خصوصًا أنه اعترف أكثر من مرة، بل تباهى بأنه كان محجوزًا في السجن أثناء الثورة، وتحديدًا في سجن وادي النطرون، مشيرًا إلى أن الدليل الحقيقي على دخول مرسي السجن المكالمة الهاتفية التي أجراها لقناة الجزيرة، واعترف فيها بالهروب واقتحام السجن من قبل البلطجية، معتبرًا أن تصريحات وزير الداخلية محاولة لإنقاذ الرئيس فقط.
وقال رفاعي لـquot;إيلافquot;: quot;لو ثبت للمحكمة أن الهروب كان مصحوبًا بالقوة، ونتج عن عملية اقتحام السجن وقوع حالات وفيات، فإن المادة 138 من قانون العقوبات نصت على أن الهارب من السجن سيعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة، كما التحقيقات كشفت عن وقوع حالات قتل لأربعة عشر شهيدًا، وحرق متعمد للسجن، وإتلاف للممتلكات العامة، وسرقة المال العامquot;.
وأشار إلى أنه لو ثبت أن اقتحام سجن وادي النطرون كان لخروج جماعة معينة، واستفاد من ذلك مرسي وأعضاء الإخوان الذين كانوا مسجونين معه، وهربوا ولم يسلموا أنفسهم بعد ذلك، quot;فإنه وفقًا لنص المادة 142 من قانون العقوبات، يواجه مرسي عقوبة السجن من 3 إلى 7 سنوات جراء مساعدة سجناء على الهروبquot;.
غير أنه يؤكد تمتع كل من مرسي والدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، بالحصانة الرئاسية والبرلمانية، ما يمنع عنهما المساءلة الجنائية إلى ما بعد رفع الحصانة عنهما. أما بقية المتهمين، فإذا أدانتهم المحكمة سيحالون لمحكمة الجنايات لمحاكمتهم فورًا.
ولفت رفاعي إلى أن النائب العام من حقه التقدم بطلب لمجلس الشورى لرفع الحصانة عن العريان، لكن سيكون هناك أزمة دستورية بالنسبة لرفع الحصانة عن مرسي، موضحًا أنه وفقًا للدستور، فإن مجلس النواب هو المسؤول عن رفع الحصانة عن الرئيس بموافقة ثلثيه، في حين أن لا مجلس نواب حاليًا، وهو ما سيستغله دفاع الرئيس للمماطلة في القضية.
للتنفيذ فورًا
من جانبه، أوضح أمير سالم، رئيس فريق الدفاع في قضية أحداث اقتحام سجن وادي النطرون، أن هروب مرسي من السجن كان مخططًا ومرتبًا له، بدليل تجهيز سيارات أجرة وملاكي لنقل مرسي و34 من قيادات الجماعة، من بينهم 7 من مكتب الإرشاد، أبرزهم الدكتور محمد سعد الكتاتني والعريان.
وأضاف سلام لـquot;إيلافquot; أن هناك دليل آخر يؤكد أن الهروب مخطط ومدبر، وهي المداخلة الهاتفية التي قام بها مرسي من داخل ساحة السجن عبر جهاز محمول متصل بالأقمار الصناعية، بعد اقتحام السجن بربع ساعة، رغم أن الإتصالات الجوالة والإنترنت كانت مقطةعة يوم 28 كانون الثاني (يناير) 2011.
وأشار سالم إلى أن قرار القبض على مرسي لا يتطلب إذن نيابة لوجود قانون الطوارئ، بجانب أن قرار العفو من قبل الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء الأسبق يؤكد أن الرئيس كان مسجلًا في سجلات نزلاء سجن وادي النطرون، منبهًا إلى أن قرار العفو في حد ذاته لا يعفي مرسي من المساءلة، حيث كان يتطلب عليه تسليم نفسه للشرطة بعد الهروب.
وشدد على أنه لو صدر حكم يدين الرئيس فيجب عليه تنفيذه، وسيصبح وجوده في قصر الرئاسة باطلًا، وستتم الدعوة لانتخابات مبكرة.
نالوا العفو
على الجانب الآخر، قال نصر الحافي، عضو الفريق القانوني لجماعة الإخوان المسلمين في القضية، إن إثارة قضية هروب مرسي من سجن وادي النطرون في هذا التوقيت يهدف إلى التشويش على الرئيس في إطار حرب المعارضة التي تسعى إلى إسقاطه بطرق غير شرعية. وأوضح الحافي لـquot;إيلافquot; أن مرسي تم القبض عليه مع 34 قياديا إخوانيا وإيداعهم السجن من دون أي إذن نيابة أو اتهام صريح، مشيرًا إلى أنه كان معتقلًا سياسيًا وفقا لقانون الطوارئ. ونبه إلى مرسي كان من بين المستفيدين من عمليات اقتحام السجون، منوهًا بأنه تمكن من الهرب من السجن يوم 29 كانون الثاني (يناير) 2011، وهو اليوم التالي لجمعة الغضب بعد اقتحام مجهولين السجن وإخراج من فيه، ما اضطره للهرب خوفًا على حياته، quot;وقامت قوات الشرطة بتوزيع منشورات عن المطلوبين الهاربين من السجون المصرية، وكان معظمهم من المعتقلين سياسيًا من بينهم شخصيات من جماعة الإخوان المسلمين، وكان من بين كشوف الهاربين التي تم توزيعها على النقاط الأمنية الشرطية والعسكرية اسم مرسيquot;.
ولفت الحافي إلى أنه عندما تولى شرف رئاسة الحكومة، حرص أن تكون أول قراراته لوزير داخليته منصور عيسوي العفو عن جميع المعتقلين السياسيين، وكف البحث عن الهاربين من السجون من المدانين في قضايا سياسية حتى لو صدرت ضدهم أحكام قضائية، والاكتفاء بمطاردة الجنائيين الهاربين من السجون، وكان من بين المعفو عنهم مرسي وقيادات الجماعة.
سجل جنائي نظيف
أشار الحافي إلى أن النيابة لا يجوز لها استدعاء الرئيس للسؤال إلا بعد رفع الحصانة عنه كرئيس للجمهورية، وفقًا للمادة (152) من الدستور، التي حددت إجراءات محاكمة الرئيس، وتنص على الآتي: quot;يكون اتهام رئيس الجمهورية بارتكاب جناية أو بالخيانة العظمى بناء على طلب موقع من ثلث أعضاء مجلس النواب على الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، وبمجرد صدور هذا القرار يوقف رئيس الجمهورية عن عمله، ويعتبر ذلك مانعًا مؤقتًا يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته حتى صدور الحكم، ويحاكم رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس المحكمة الدستورية العليا، وعضوية أقدم نواب رئيس محكمة النقض ومجلس الدولة، وأقدم رئيسين بمحاكم الاستئناف، ويتولى الإدعاء أمامها النائب العام، وينظم القانون إجراءات التحقيق والمحاكمة وكذلك تحديد العقوبة، وإذا حكم بإدانة رئيس الجمهورية أعفي من منصبه مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرىquot;.
ولفت الحافي إلى أن قبول أوراق ترشيح مرسي في لجنة الانتخابات دليل على براءته، حيث أنه قدم السجل الجنائي الخاص به للجنة، ما يثبت عدم وجود إدانة جنائية بحقه. ونبه إلى أن المجلس العسكري لو كان يدرك جيدًا بطلان ترشيح مرسي لتم استبعاده فورًا، كما حدث مع المهندس خيرت الشاطر.