أكد وزير الدفاع المصري أنه لن ينقلب على مرسي، وأن المؤسسة العسكرية لن تعود إلى الشارع إلا في حالات أمنية قصوى يحددها الرئيس، مطالبًا المصريين بالتغيير عبر صناديق الاقتراع.


القاهرة: أنهى وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي، الجدل بشأن عودة الجيش إلى الحياة السياسية، والانقلاب على حكم الرئيس محمد مرسي. وقال إن القوات المسلحة لن تعود إلى ممارسة السياسة مرة أخرى، ولن تقلب على نظام الحكم، داعيًا الفرقاء السياسيين إلى quot;التفاهمquot;، ولافتًا إلى أن التغيير لن يكون إلا عبر صناديق الاقتراع.

يأتي هذا ردًا على دعوات تتبناها المعارضة المصرية إلى عودة الجيش إلى الحكم مرة، أخرى، وظهر ذلك جليًا عبر دعوات من رموز المعارضة أو حملات أطلقتها، منها: حملة ما يعرف بـquot;توقيعات السيسيquot;، وهي حملة توقيعات تبنتها المعارضة، تهدف إلى جمع تفويضات من المصريين للفريق عبد الفتاح السيسي من أجل إدارة البلاد، لكنها فشلت.

quot;تمردquot; لإطاحة مرسي
تطلق حاليًا حملة أخرى تحمل اسم quot;تمرّدquot;، وتهدف إلى جمع تفويضات من المصريين، على إقرار لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي.

وقال السيسي موجّهًا حديثه إلى القوى السياسية في مصر، في كلمة ألقاها أثناء حضوره quot;تفتيش حربquot; في الفرقة التاسعة مدرعات في المنطقة المركزية: quot;لا بد من وجود صيغة للتفاهم في ما بينكم، فهذا الجيش نار، لا تلعبوا به، ولا تلعبوا معه، لكنه ليس نارًا على أهلهquot;.

ودعا السيسي القوى السياسية إلى التوافق، وقال: quot;لا بد من صيغة للتفاهم بيننا، البديل في منتهى الخطورة. ومع كل التقدير لكل من يطالب الجيش بالنزول إلى الشارع، خلاص، لو حصل ده لن نتكلم عن مصر لمدة 30 أو 40 سنة للأمامquot;.

الانتخابات هي الحل
وقطع الشك باليقين في ما يخص إمكانية الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، قائلًا: quot;مفيش حد هيشيل حد، ويجب ألا يفكر أحد أن الحل عبر الجيش، وعليكم ألا تغضبواquot;. وتابع: quot;الوقوف 10 أو 15 ساعة أمام صناديق الانتخابات أفضل من تدمير البلدquot;.

وواصل الحديث، قائلًا: يجب أن يعرف الجميع أن هناك حراكًا كبيرًا يتم في البلد، يجب أن نشارك كلنا فيه، كلنا كشعب، وليس كجيشquot;. وتابع: quot;هناك من يتحدث من دون أن يعرف معنى نزول الجيش إلى الشارع ليضرب بيد من حديد، هذا أمر في غاية الخطورةquot;.

ووفقاً لخبراء عسكريين، فإن تصريحات وزير الدفاع المصري، جاءت لتؤكد ثوابت القوات المسلحة، من العملية السياسية في مصر، مشيرين إلى أن الجيش لن يغوص في مستنقعات السياسة مرة أخرى، لاسيما بعد الإساءات التي تعرّض لها أثناء إدارة المرحلة الانتقالية، فضلًا عن أن نزوله الى الشوارع يهدف إلى إنهاكه، بما يخدم مصالح الأعداء في الخارج.

حملات مغرضة
وقال اللواء، فؤاد حسين الخبير العسكري، لـquot;إيلافquot; إن الحملات التي خرجت ضد الرئيس محمد مرسي تطالب بعودة الجيش إلى الحكم، ومنها حملة ما يعرف بـquot;توكيلات السيسيquot;، ثم حملة quot;تمردquot;، لا سند قانوني لها، مشيرًا إلى أن أصحاب هذه الدعوات هم من المنتفعين من النظام السابق، سواء كانوا رجال أعمال أو متعاملين معه من أصحاب الأجندات السياسية في الداخل والخارج، بهدف إقحام المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية وإلهائها عن مهمتها الأساسية المتمثلة في حماية الوطن.

ولفت إلى أن من يطالبون بعودة الجيش الآن إلى إدارة البلاد هم أنفسهم من ثاروا ضد المجلس العسكري، وهتفوا مرارًا وتكرارًا quot;يسقط حكم العسكرquot;، واتهموا قياداته بخيانة الثورة والانقلاب عليها، مؤكدًا أن الجيش خيّب ظنهم، وأثبت أن المجلس العسكري لم يكن طامعًا في السلطة، وأنه كان يرغب في تسليمها إلى رئيس منتخب، وقد أوفى بوعده.

وأشار إلى أن القوات المسلحة ليست لديها أية نية في العودة إلى الحياة السياسية مطلقًا، لأن ضباطها وقياداتها أثناء الفترة الانتقالية، تعرّضوا للإهانة على أيدي من يطالبونها الآن بالتدخل وإدارة البلاد، لافتًا إلى أن الهدف من تلك الدعوات الوقيعة بين الجيش والرئاسة، وإثارة حماسة وغضب الضباط، من أجل القيام بعمل قد يضرّ بالبلاد.

إلا لضرورات قصوى
ونبّه إلى أن القوات المسلحة ملتزمة بالشرعية، ولن تنقلب عليها، ولن تعود إلى مستنقعات السياسة مرة أخرى، إلا للقيام بمهمات محددة، مثل حفظ الأمن في مناطق ملتهبة، أو حماية المنشآت العامة، بناء على أوامر الرئيس.

وأعلنت حملة quot;تمردquot;، التي تتولى جمع توقيعات المصريين على إقرارات لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي، أنها جمعت مليونين و29 ألفاً و592 توقيعًا، خلال عشرة أيام.

ورغم عدم قانونية الإجراء، الذي يهدف إلى إسقاط شرعية الرئيس محمد مرسي، وإسقاط نظام حكمه، إلا أن محمد رضا، عضو الحملة، قال لـquot;إيلافquot; إن الحملة تعلم أنها غير قانونية، لكنها حملة سياسية، مشيرًا إلى أن التوقيعات صحيحة، والإقبال عليها يؤكد أن المصريين لا يثقون في الرئيس محمد مرسي.

ولفت إلى أنهم يهدفون إلى إسقاط شرعيته من خلال التوقيعات الشعبية، التي توازي صناديق الاقتراع عند الإخوان، مشيرًا إلى أنه إذا كان جاء للحكم عبر صناديق الانتخاب، فإن المصريين أنفسهم سوف يسقطونه، ولكن عبر التوقيعات التي لا تحتمل التزوير أو التلاعب فيها.

الإسلاميون يرحّبون
ورحّبت القوى الإسلامية بتصريحات السيسي. فقالت الجماعة الإسلامية، وحزب quot;البناء والتنميةquot;، ذراعها السياسي،إنها تنظر بعين التقدير لتصريحات القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول عبد الفتاح السيسي، التي أكد فيها على التزام الجيش بالبعد عن السياسة كقرار استراتيجي، وأنه يجب ألا يفكر أحد في أن الجيش هو الحل، وأن تحقيق التغيير يتم من خلال صناديق الانتخابات، وليس من خلال دعوة الجيش إلى النزول لحل المشكلات السياسية بما قد يؤدي إلى تدمير البلاد.

وأضافت في بيان لها، أن هذه التصريحات تعكس إدراكًا دقيقًا وعميقًا للأوضاع في مصر، وتكشف عن حس وطني تتمتع به القوات المسلحة وقيادتها، وأن هذا الأمر ليس بجديد عليها.

سياسيًا، ينظر الخبراء إلى تلك الخطوات سواء quot;توكيلات السيسيquot; أو حملة quot;تمردquot; بوصفها تعبّر عن حالة السخط والغضب، التي تعمّ أوساط المصريين، جراء الأداء السياسي المتدني للسلطة الحالية.

قنوط شعبي
وقال الدكتور رفعت سيد أحمد، رئيس مركز يافا للدراسات والأبحاث، لـquot;إيلافquot; إن إقبال المصريين على هذه الأنماط السياسية، إنما يعبّر عن حالة من حالات اليأس والإحباط من حكم جماعة الإخوان المسلمين. وأضاف أن ثمة حالة من الغضب تلفّ المصريين، بسبب غياب العدالة والتنظيم والحكمة في إدارة شؤون البلاد في المرحلة الراهنة.

ولفت إلى أن التوكيلات جاءت بعد بروز حالة أو دعوات العصيان المدني، التي بدأت من مدينة بورسعيد، وانتقلت عدواها إلى محافظات أخرى، لكنها لم تؤتِ ثمارها بشكل جيد، لاسيما في ظل حالة الفقر والتدهور الاقتصادي التي تعانيها مصر، منوهًا بأن أذهان المصريين تفتقت عن عملية التوكيلات لوزير الدفاع لإدارة شؤون البلاد، ثم حملة تمرد لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي، في رسالة سياسية شديدة اللهجة للسلطة القائمة حالياً.