تريد الحكومة البريطانية تسليح المعارضة السورية بالسلاح النوعي، لكن هذا السلاح يحتاج تدريبًا، أي إرسال متخصصين بريطانيين إلى الميدان السوري، وهذا سيشكل ذريعة للأسد ليتمسك بنظرية المؤامرة الكونية على نظامه.


غضب الحكومة البريطانية من الصراع المستعر في سوريا لا يقدم أو يؤخّر في إحداث تغيير في السياسة التي تنتهجها البلاد، ولا في الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على توريد الأسلحة إلى المعارضة.

وعلى الرغم من الأصوات، التي تنادي بضرورة التدخل لوضع حد للأزمة السورية، تبقى بريطانيا بعيدة عن احتمال تزويد الثوار بالأسلحة لحسم معركتهم ضد الرئيس السوري بشار الأسد. والكلام المغري، الذي يتكرر في وزارات الخارجية في الدول الغربية، يرتكز على مبدأ quot;يجب فعل شيء ماquot;، ويبدو الآن أن حكومة المملكة المتحدة على استعداد للاعتراض على أي تمديد لحظر الاتحاد الأوروبي توريد أسلحة إلى سوريا، عندما يعرض الأمر للنقاش في بروكسل الاثنين المقبل.

لكن حتى الساعة، لم تقرر الحكومة إرسال الأسلحة إلى الأخيار في صفوف الثوار، على الرغم من أنها تطالب بالمرونة التي تمكنها من القيام بذلك، وتعتقد أن عدم تجديد الحظر الأوروبي سوف يرسل إشارة قوية إلى الرئيس السوري بشار الأسد.

تساؤلات بريطانية
مثلها مثل العديد من المغالطات، هذه الخطوة جذابة، إنما سطحية، خصوصًا عندما تترافق معها التقارير المروّعة عن وحشية نظام الأسد، والاستخدام العشوائي للعنف ضد المواطنين، وتأثير ذلك على لبنان وتركيا والأردن من فيضانات لا تنتهي من اللاجئين. لكن الغضب ليس كافيًا لتوفير مبرر أو أساس سليم لمثل هذا التغيير في السياسة.

في هذا السياق، أشارت صحيفة غارديان إلى أن الكثير من الأسئلة يطرح نفسه في مسألة تعديل أو وقف الحظر على توريد الأسلحة إلى سوريا. لماذا تندفع الحكومة البريطانية إلى هذا الحد، أي في ممارسة حق النقض، إذا لم يكن لديها استعداد لمتابعة ذلك بتوريد الأسلحة؟، كيف سيتم تحديد الجماعات المعارضة للأسد التي ستستفيد من الأسلحة؟، وما هي المعايير التي تحدد قيمها الديمقراطية؟.

فالمعارضة السورية معقدة وواسعة النطاق، والمجموعات الإسلامية الراديكالية أصبحت أكثر تأثيرًا وقوة، تموّل أنشطتها من خلال نهب الاحتياطيات السورية، وبيع النفط في السوق السوداء، وهذا يعني أنها بالتأكيد لا تشاطر بريطانيا قيمها في الديمقراطية وحقوق الإنسان.

كيف يمكن منع الأسلحة من الوقوع في أيدي المتطرفين، ولا سيما أن هذه المجموعات أثبتت أنها وحشية تمامًا مثل الأسد، وسيكون من الخطير جدًا أن تصل إلى أيديها أسلحة ثقيلة. لكن الحكومة لا يمكن أن تكون واثقة تمامًا من أن الأسلحة لن تقع في الأيدي الخطأ، على الرغم من أنها سوف تتخذ كل الاحتياطات اللازمة لمنع حدوث ذلك.

معضلة الأسلحة الجديدة
إذا كان هناك خطر من وقوع الأسلحة في الأيدي الخطأ، فما الهدف من زيادة هذا الخطر أكثر من ذلك عن طريق عدم تمديد الحظر الأوروبي؟، وما هو نوع الأسلحة الذي من شأنه أن يقدم إلى الثوار؟.

الأسلحة الحديثة متطورة على نحو متزايد، وبالتالي تتطلب التدريب والخبرة. فلا جدوى في إرسال أسلحة إذا كانت الجهة المستفيدة غير قادرة على استخدامها. أما الحلّ فقد يكون في إرسال الفنيين العسكريين والمدنيين لتقديم المساعدة اللازمة. لكن هذه الخطوة ستكون خطرة، لأنها قد تدخل ضمن سياق إرسال الجنود البريطانيين إلى سوريا، وبالتالي تقدم إلى الأسد دليلًا أو ذريعة لدعم إدعاءاته، التي تقول إن الثورة في بلاده مؤامرة مدعومة من الغرب لإسقاط حكومته.

في خضم النقاش الحامي حول صوابية تسليح الثوار، تستمر روسيا في إرسال أسلحة متطورة إلى سوريا، من ضمنها دفعة من الصواريخ، التي تطلق من الشاطئ نحو السفن، والتي ستكون عقبة أمام أي حصار بحري أو هبوط للقوات البرمائية. ويقول الخبراء إنهم على يقين من أن الحبل السري الذي يربط بين روسيا وسوريا لن ينقطع.

لا سلاح بريطانيًا
السؤال الأكثر إلحاحًا هو: أين الدليل على أن نهج الأسد سيتأثر بحق النقض الذي قد تستخدمه بريطانيا ونتائجة المحتملة طالما أنه لا يزال يتمتع بالتأييد الروسي؟. لا إجابة عن هذا السؤال، والسبب الرئيس هو عدم وجود حلول منطقية في سوريا.

ويعتقد المراقبون أن بريطانيا يمكنها تقديم التدريب والدعم إلى الجماعات المعارضة، التي تشاركها القيم والمبادئ الديمقراطية، كما في وسعها حشد الدول التي تستطيع تقديم المساعدة المالية لدعم الجهود الإنسانية للاجئين في البلدان المجاورة لسوريا.

باستطاعة بريطانيا أيضًا أن تدعم النهج الدبلوماسي المشترك بين روسيا والولايات المتحدة لعقد مؤتمر بشأن سوريا، وربما تحذير إسرائيل من التورّط في الصراع السوري، إنما المؤكد هو أنها لن تقدم السلاح في وقت قريب.