أكدت المُعارضة السورية ثويبة كنفاني أن المعارضة السورية ستتحالف مع الشيطان من أجل الإطاحة بنظام الأسد، وأرجعت ذلك إلى ما وصفته بتخاذل المجتمع الدولي عن دعم المعارضة، مشيرة إلى أن المعارضة السورية ستبارك أي دعم عسكري تتلقاه من إسرائيل، موجّهة اللوم إلى تقاعس حكومة نتانياهو عن القيام بدورها.


محمد نعيم: فجّرت المعارضة السورية ثويبة كنفاني مفاجآت مثيرة، حينما طالبت بدعم إسرائيل للمقاومة السورية المسلحة والجيش السوري الحر على وجه التحديد، للإطاحة بنظام بشار الأسد.

وفي حوار أجرته من مدينة تورنتو الكندية مع صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، أكدت كنفاني أن المعارضة السورية ستتحالف مع quot;الشيطانquot;، إذا قدم إليها الدعم اللازم لإزاحة النظام السوري من مقعد الرئاسة.

تغلب المشاعر على المنطق
استهلت الصحيفة العبرية حوارها مع المعارضة كنفاني، التي انضمت أخيراً إلى صفوف الجيش السوري الحر، بإبراز عبارة تنطوي على إحساس كوميدي، ينبع من ميادين القتال السورية، قالت فيها: quot;ضحكت كثيراً وأنا في مدينة حلب، حينما رأيت بعيني أحد قادة الجيش السوري الحر، وهو يوجّه سلاحه باتجاه إحدى دبابات بشار الأسد، مطلقاً أعيرة نارية عدة، وفجأة قفز من داخل الدبابة شابان كانا يقودان الدبابة، وهربا مصابين بهستيريا الخوف على حياتهما، عندئذ لم أتمالك نفسي، وانفجرت بالضحكquot;.

تقول كنفاني إن أجواء المعارك العنيفة بين المعارضين المسلحين في سوريا وقوات بشار الأسد، تتغلب فيها المشاعر والأحاسيس على المنطق، فالقوات التي لا تزال مساندة للنظام الإجرامي في دمشق على علم بأنها تحارب من أجل الباطل. أما المعارضة فتقاتل بروح فدائية، تطالب بالحرية، وترفض العيش تحت نير الإذلال والقهر والظلم.

من تورنتو الكندية إلى صفوف quot;الحرquot;
وتسرد كنفاني (41 عاماً) تلك المواقف السريعة، بعدما تركت أسرتها المكونة من زوج وطفل وأمها في مدينة تورنتو الكندية، لتقرر الانضمام إلى صفوف الجيش السوري الحر في سوريا، وتؤكد سيرتها الذاتية أنها مهندسة من مواليد دمشق، وأنها هاجرت من سوريا للعمل في مدينة دبي الإماراتية عام 1995، ومن هناك انتقلت إلى كندا، لكنها قررت العودة إلى بلادها، عندما أدركت أن دعم المعارضة السورية ضد الأسد بالمال ونشر الأخبار عبر صفحات التواصل الاجتماعي لن يكفي لإزاحة النظام.

أضافت كنفاني: quot;لم أستطع العودة إلى سوريا لصعوبة الحياة فيها، فبعد أن يقيم أي إنسان في مدينة، مثل دبي أو تورنتو، لا يمكنه الإقامة مجدداً في سوريا، فأنا أقيم في كندا منذ عشر سنوات تقريباً، ولكن في السنة الماضية، وعندما اشتعلت نار الثورة في بلادي ضد النظام الفاسد، نحيت الحلم الكندي جانباً، وآثرت المشاركة في الإطاحة بنظام الأسد، الذي يقمع بيد حديدية منذ ما يقرب من 20 شهراً الثورة الشعبية ضدهquot;.

المصريون والوعي السياسي
وأوضحت كنفاني أن أسرتها أيّدت إصرارها، فشجّعتها والدتها وزوجها وطفلها على مساعدة أطفال سوريا، ورغم أنه كان من الصعب أن تترك أسرتها، إلا أنها كانت مصرّة على أن تساعد السوريين الأبرياء.

وأضافت: quot;في بداية الثورة حاولت إرسال مساعدات مالية إلى أسر سورية كثيرة، والمشاركة في نقل الأخبار الجارية في الداخل السوري عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الثورة فشلت في تحقيق الانتصار، وزاد الوضع السوري سوءاً، عندئذ قررت العمل عن قرب وسافرت إلى سورياquot;.

قبل دخولها سوريا، زارت كنفاني مصر، وعن تلك الرحلة تقول: quot;التقيت عدداً من السياسيين المصريين، لكنني تفهمت أن تواجدي في القاهرة لا ينطوي على فائدة للثورة السورية، كما أصبحت على يقين بأنه ليست لدى المصريين ثقافة سياسية، ولعل ذلك كان سبباً مباشراً في سرقة ثورتهم لمصلحة قوى راديكالية متمثلة في التيارات الدينية quot;الإخوان والسلفيينquot;.

تركيا ولقاء ضباط في الجيش الحر
بعد شهر من زيارتها للقاهرة وصلت كنفاني إلى محطتها الثانية في تركيا، وهناك التقت عدداً كبيراً من ضباط الجيش السوري الحر، واقترحت عليهم خطة عمل لتوحيد المعارضة، وتشكيل مجلس سياسي يمثل جيش الثورة السورية.

وعلى حد قولها، اقتنعت غالبية ضباط الجيش السوري الحر بالاقتراح، وبدأ الجميع في التعاون من أجل تكوين قيادة مشتركة، تضم كل وحدات المعارضة المسلحة في تركيا، وفي المقابل انضمت كنفاني إلى كتائب الجيش السوري الحر، التي رابطت لفترة على الحدود السورية التركية، وعندما تمكنت من دخول سوريا، تعرفت إلى الكثير مما يجري، فضلاً عن تقربها من عدد كبير من قادة الجيش الحر، واعتادت على ارتداء البذات العسكرية.

خلال أربعة أشهر تحركت كنفاني على الخط الفاصل بين تركيا وإسرائيل، ولم تتخطَ أطول فترة قضتها في العمق السوري أكثر من عشرة أيام، وكانت في أكبر المدن السورية حلب إلى جانب المعارضة السورية المسلحة.

وأضافت: quot;عشت في مدينة حلب في التوقيت نفسه، الذي قتلت فيه أسرة quot;بريquot; الموالية لنظام الأسد تسعة من شباب كتائب الجيش السوري الحر، عندئذ كانت قوات النظام طلبت وقف إطلاق النار لمدة أربع وعشرين ساعة، غير أن أسرة بري اخترقت وقف إطلاق النار، وقتلت بطريقة إجرامية تسعة من المعارضة المسلحةquot;.

الشباب ثروة كبيرة
تعوّل كنفاني كثيرًا على الشباب في صياغة مستقبل سوريا بعد سقوط الأسد، وتقول: quot;إن الشباب ثروة كبيرة، وتتلخص مهمتهم في إعادة بناء الوطن، وألا يقاتل فريق منهم الآخرquot;، وفي ما يتعلق بالجيش السوري الحر تؤكد كنفاني أن كثافة الجيش في مدينة حلب تعكس إصراراً على تحقيق النصر، مشيرة إلى أنها شاهدت بعينها كيفية تغلب عناصر المعارضة المسلحة على قوات الأسد.

دعم من إيران وروسيا وحزب الله
منذ آذار/ مارس 2011 اندلعت الثورة الشعبية ضد النظام السوري، ونجح الديكتاتور بشار، على حد تعبير كنفاني، في الحفاظ على مقعده الرئاسي، معتمداً في ذلك على قمع المقاومة، وتفعيل كل صور القوى ضد المدنيين العزل من السلاح، إلا أن النضال الشعبي، الذي تحول في ما بعد إلى حرب أهلية حصد حتى الآن أرواح ما يربو على 40 ألف سوري.

وعن رأيها حول مستقبل الثورة السورية واحتمال بقاء النظام السوري تقول كنفاني: quot;لم يكن الأسد يستطيع مواصلة الحرب في إدلب وحلب تحديداً، ما لم يحصل على دعم لوجستي وعسكري من إيران وحزب الله وروسيا، وإلى جانب هذا الدعم هناك العديد من المحاربين الذين ينتمون إلى حزب الله، وآخرون أرسلتهم إيران إلى سوريا ليحاربوا إلى جانب قوات بشار الأسد النظامية، رأيت بعيني جنوداً من حزب الله وإيران تقاتل إلى جانب قوات الأسد، فأنا أستطيع جيداً التفرقة بين السوريين والإيرانيين واللبنانيين.

كنفاني نفسها لم تقم بدور فاعل في القتال الدائر ضد قوات وشبيحة الأسد، وعلى حد قولها فإنها لا تستطيع أن تتخيل نفسها وهي تحمل سلاحاً في وجه إنسان آخر، ولكنها تلقت تدريبات على حمل السلاح، وتتفهم أن النضال المسلح أصبح ضروريًا من أجل تحقيق الهدف النهائي، وهو إسقاط نظام بشار الأسد، وتقول: quot;للأسف الشديد يضطر السوريون إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم، لذلك قررت أن أكون معهم حتى لا يوجّهوا سلاحهم إلى بعضهم البعضquot;.

تعترف الصحيفة العبرية بأن الحوار مع كنفاني لم يكن سهلاً، إذ استغرقت موافقتها وقتاً طويلاً، وحينئذ قالت: quot;إن العديد من كوادر المعارضة تتردد كثيراً عند الحديث لوسائل إعلام إسرائيلية، على خلفية اتهام إسرائيل بدعاوى خالية المضمون، أرساها حافظ الأسد لدى السوريين، إذ بدى الأخير كأنه يدعم المقاومة ضد الإسرائيليين، في وقت لم يطلق فيه رصاصة واحدة عليها من أجل تحرير الجولان المحتلquot;.

لسنا أعداء لإسرائيل.. ودعمها للأسد يهدد الصداقات
وأوضحت كنفاني أنها احتكت بعدد ليس بالقليل من عناصر المعارضة السورية المسلحة، ولمست لديهم فكراً مماثلاً لفكرها حول علاقة نظام الأسد الأب والابن بإسرائيل، وأضافت: quot;لسنا أعداء للإسرائيليين، ولن نتصادم مع الدولة العبرية، غير أنه إذا واصلت إسرائيل دعمها للأسد فسوف تخسر أصدقاء، سيكونون موالين لها أكثر من الأسد وأركان نظامهquot;.

ووفقاً لمفهومها، فإن اسرائيل على الرغم من علاقتها بإيران وحزب الله، تفضّل بشار الأسد كنظام للحكم في سوريا، وتمنحه تأييداً غير مبرر، وأضافت كنفاني متسائلة: quot;لا أعرف لماذا بات هذا الانطباع سائداً، ولكنني لمسته لدى كل عناصر المقاومة المسلحة ولدى السوريين أنفسهمquot;.

نريد السلام إلى الأبد
وتابعت: quot;لدينا مثل شعبي عربي يقول quot;يا جاري أنت في بيتك وأنا في بيتيquot;، فالمقاومة السورية المسلحة والسوريون بشكل عام يجمعون على هذا المثل، الذي يعني أن الثوريين السوريين ليس لهم شأن بإسرائيل، فالأسد خدعنا، وتعامل معنا كمجانين في كل ما روّج له حول هضبة الجولان خلال 41 عاماً، وهي الفترة التي لم يطلق فيها رصاصة واحدة على إسرائيل، ولكننا نرغب في أن نعيش بسلام، وأن يكون لكل منا بيته، ولقمة عيش نستطيع أن نربّي بها أطفالنا، فلن يكون لنا ضلوع في حرب من الآن مع إسرائيل وإلى الأبدquot;.

وتقول كنفاني إن هضبة الجولان قضية لا تغيب عن وجدان السوريين، غير أن هذا التوقيت لا يحمل إلا هدفاً واحداً، وهو الإطاحة بنظام الأسد، فهذا الهدف هو الذي يحتل أولوية جدول الأعمال، ويسبقه بلا شك حصول المعارضين السوريين على المساعدات العسكرية، وعلى حد قول كنفاني: quot;من يدعم المعارضة السورية بالسلاح في الوقت الراهن سيفوز في المستقبل القريب، ومن يتقاعس عن ذلك سيكون هو الخاسر الأكبرquot;.

وأوضحت كنفاني أن الجيش السوري الحر ومختلف القوى الثورية، دعت العالم إلى التعاون وتوفير الدعم العسكري، فضلاً عن المطالبة بتدخل حلف الناتو من أجل إسقاط نظام الأسد، وتوقع المعارضون أن يدعمهم العالم، إلا أنه تخازل عن المعارضة السورية تماماً.

دعم إسرائيل العسكري مبارك من الثوار
بحسب المعارضة السورية كنفاني، فإنه إذا كان المجتمع الدولي تدخل في الحال وأطاح بنظام الأسد كما فعل مع النظام الليبي، لكان الوضع في سوريا أفضل بكثير مما آل إليه في الوقت الراهن.

وأوضحت: quot;جميع الثوار السوريين سيباركون أي دعم عسكري يحصلون عليه من إسرائيل، فكوادر المعارضة السورية سعت إلى الحصول على دعم عسكري من دول مختلفة تتقدمها إسرائيل، إلا أن أحداً لم يمد يد العون إلى الثوار، كما إن دوائر صنع القرار في الدولة العبرية، لا تبدي اكتراثاً بالمعارضة السورية، وهذا يعدّ خطأ فادحاً من الحكومة الإسرائيلية، إذ إنه على مر العصور تنجح كل الثورات حتى إذا طال وقتهاquot;.

لا وجود للقاعدة في سوريا
تشير كنفاني إلى أن هناك مخاوف لدى العديد من القوى الإقليمية في المنطقة من سيطرة تنظيمات راديكالية متطرفة على سوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، غير أنها تستبعد ذلك، وتقول: quot;إن المعارضة السورية لن تسمح بذلك، ولن تعطي فرصة لأية جهة أجنبية بالتدخل في إدارة البلاد في اليوم الذي يلي رحيل الأسد، غير أنه إذا واصل المجتمع الدولي الالتزام بالصمت، فالمعارضة السورية ستضطر للاستعانة بأي عنصر خارجي لوضع حل للأزمة الراهنة، فأنا لا أرى في سوريا حتى الآن عناصر تابعة لتنظيم القاعدة، ولكنه إذا لم يتحرك المجتمع الدولي لإنقاذنا، فستكون فرصة القاعدة سانحة للظهور في المشهد السوري بعد رحيل الأسدquot;.

رفض ارتداء الحجاب الاختلاف الوحيد
وتؤكد كنفاني أن المعارضة السورية لا تؤيّد العنف أو التطرف، لكنها في الوقت عينه على استعداد للتحالف مع الشيطان من أجل تحقيق هدفها، وقالت إن المرة الوحيدة التي أثارت فيها غضب قادة الجيش السوري الحر، كانت حينما رفضت ارتداء الحجاب خلال حضور لقاء مع كتائب تتلقى دعماً مالياً من سلفيين سعوديين، وكان الاعتراض مقتصراً على ارتداء الحجاب، وليس على وجودها في صفوف الجيش الحر.

وفي ما يتعلق بالتقارير التي تحدثت خلال الآونة الأخيرة عن شروع الأسد في استخدام السلاح الكيميائي لقمع المعارضة السورية، قالت كنفاني: quot;الجميع في الجيش السوري الحر، وفي المعارضة السورية بشكل عام، يخشى من ذلك، والجيش السوري الحر من جانبه لن يستخدم هذا السلاح. أما إذا بدأ بشار الأسد ndash; معاز الله ndash; في استخدامه، فستكون للمعارضة السورية المسلحة استراتيجية أخرى حيال كل ما يتعلق بالسلاح الكيميائيquot;.