يشير المراقبون إلى مؤشرات ستة على قرب سقوط الأسد، هي تقارب روسيا وتركيا، وتركيز الدفاع في دمشق، وإخلاء كوادر الأمم المتحدة من العاصمة، وتشكيل الائتلاف السوري المعارض، وتأليف مجلس عسكري يوحِّد الفصائل المقاتلة.


أكدت شواهد سياسية وأمنية أن أيام الرئيس السوري بشار الاسد في الحكم باتت معدودة، وفي حين لا يُعد هذا الكلام جديداً، إلا أنه بدت خلال الاسابيع القليلة الماضية مؤشرات غير مسبوقة، تؤكد دنو اجل النظام السوري واقترابه من السقوط بحسب تقرير نشرته صحيفة يديعوت احرونوت العبرية، التي تشير معطياته الى تلك الشواهد.

شواهد السقوط الستة

الشواهد التي يدور الحديث عنها هي: تقدم المعارضة السورية المسلحة وتنظيم صفوفها بشكل جعلها تصيب اهدافاً حيوية وإستراتيجية قريبة جداً من مقر النظام الاسدي في دمشق، وتصاعد التصريحات الاقليمية والدولية حول الاسلحة الكيماوية التي يعتزم بشار الاسد استخدامها، الامر الذي يؤكد اقتراب مشهد النهاية لزعيم حزب البعث، بالإضافة الى تقديرات موثقة جاءت على لسان خبراء ومراقبين دوليين، تؤكد أن المعارضة المسلحة للنظام السوري، اضحت قادرة اكثر من أي وقت مضى على اسقاط الاسد، وأن هذا السقوط بات قاب قوسين او ادنى من الخروج الى حيز التنفيذ.

ووفقاً للمحلل والخبير الاميركي quot;جوزيف هوليدايquot; الباحث في معهد ابحاث الحروب، فلم تعد للاسد القوة الكافية للسيطرة على جميع الاراضي السورية، فإعادة سيطرة النظام على مناطق معينة من سوريا اضحت مستحيلة، ولعل ذلك يؤكده العديد من الشواهد على ارض الواقعquot;.

وأوضح الخبير الاميركي في حديث لشبكة سي ان ان الاخبارية، أن اول شواهد اقتراب سقوط نظام الاسد هو السلاح الكيماوي، فالسلاح الذي يدور الحديث حوله، يمتلكه الاسد منذ فترة طويلة للغاية، إلا انه خلال الاسابيع القليلة الماضية تزايدت التقارير الصحافية التي تؤكد أن الاسد شرع في الاعداد لاستخدام هذا السلاح القاتل لقمع المعارضة المسلحة ضده، وعلى خلفية تلك المعلومات، بعث الرئيس الاميركي باراك اوباما رسالة تحذير مباشرة الى الرئيس السوري، تلتها رسائل من قائد حلف الناتو quot;اندروس فوغ رسموسنquot;.

وجاء في رسائل التحذير: quot;أن العالم سيتدخل اذا توجه السلاح غير التقليدي لمدنيينquot;، بينما ردت دمشق على ذلك بشكل واضح: quot;لم ولن نستخدم السلاح الكيماوي ضد السوريينquot;، إلا أن تقارير تقدير الموقف الامني والعسكري في مختلف دول العالم شككت في التزام الاسد، خاصة عندما تناقلت وسائل الاعلام تقارير تؤكد استخدام السلاح الكيماوي في مدينة السفيرة التابعة لحلب السورية، والتي تم العثور فيها على مستودعات للأسلحة الكيماوية.

توجيهات مباشرة من الأسد

وقالت محافل سياسية اميركية رسمية لوسائل اعلام مختلفة، إن الجيش السوري كلف عدداً كبيراً من الكيميائيين السوريين بإعداد كميات كبيرة من الاسلحة الكيماوية، خاصة تلك التي تحتوي على غاز الاعصاب المميت quot;سارينquot;، وتجهيز الطائرات الحربية التي من المنتظر أن تحمل تلك الأسلحة، انتظاراً لتوجيهات وأوامر مباشرة من الرئيس السوري، إلا ان أياً من هذه المحافل لم يحدد اية شواهد على صحة معلوماته، وربما يدخل ذلك بحسب تقدير صحيفة يديعوت احرونوت في اطار الحرب الدعائية التي تقودها الولايات المتحدة ضد الاسد، لردعه عن استخدام الاسلحة الكيماوية ضد السوريين، او أهداف أخرى خارجية في اسرائيل على سبيل المثال او الاردن او تركيا، فضلاً عن احتمالات استباق الولايات المتحدة وحلفائها التدخل العسكري في سوريا، بوابل من التقارير التي تدينه وتبرر العمل المسلح ضده.

الى ذلك تشير تقديرات امنية، الى أن من بين ما يؤكد اقتراب نهاية الاسد أنه بسبب quot;الوضع الامنيquot;، اعلنت الامم المتحدة الاسبوع الماضي اخلاء معظم كوادرها غير الحيوية في سوريا، كما تم الغاء زيارة جميع وفود المنظمة الاممية الى سوريا، وتعليق كافة انشطة الامم المتحدة في هذا البلد، ووفقاً لتقديرات المراقبين، تعد هذه الخطوة تمهيداً لإخلاء كوادر الامم المتحدة تماماً من سوريا، واكد المراقبون أن هذه الخطوة تم التنسيق حولها مع مختلف دول العالم، واستبقتها دول بعينها عندما اخلت سفراءها من دمشق او استدعتهم للتشاور، وكانت رومانيا آخر الدول التي اخلت سفيرها الاحد الماضي من دمشق، ولا تزال تستضيف السفير السوري في بوخارست.

ثالث شواهد اقتراب سقوط نظام الاسد هو نجاح المعارضين السوريين المسلحين الاسبوع الماضي في خلق هيئة سياسية تمثلهم، واعتبروها حكومة بديلة لنظام بشار الاسد، وكانت الدول الخليجية اول الدول التي اعترفت بتلك الحكومة المعروفة بـ quot;المجلس الوطني السوريquot;، الذي يترأسه احمد الخطيب، كما كانت فرنسا اول الدول الغربية التي اعترفت بالمجلس كممثل عن الشعب السوري، واعتبر المراقبون أن هذا التطور تطور عسكري اكثر منه سياسياً.

وفي حين يعمل المعارضون المسلحون السوريون تحت لواء ما يُعرف بالجيش السوري الحر، إلا انهم في مضمونهم العام لا يعتبرون جيشاً نظامياً، وإنما يتألفون من مجموعات لكل منها هدف مختلف، وتقوم تلك المجموعات بالسيطرة على مناطق بعينها دونما تنسيق، وفي نهاية الاسبوع الماضي التقى 500 عنصر من تلك المجموعات، وانتخبوا مجلساً عسكرياً اعلى يضم ثلاثين عضواً، وانتخبوا سليم ادريس ليكون قائداً للمجلس العسكري، وادريس كان ضابطاً برتبة عميد في الجيش السوري قبل الانشقاق عنه، واعتبر المراقبون أن تشكيل المجلسين اللذين يدور الحديث عنهما، يعد خطوة ايجابية على سبيل اتحاد المعارضة السورية، وفرصة غير مسبوقة لمضاعفة دعمهما بالسلاح والعتاد للإطاحة بنظام الاسد.

تدخل عسكري اكثر نجاعة

اما رابع الاسباب التي تنذر باقتراب دنو نظام الاسد، فتشير معطيات عبرية الى أنه تم استقراؤه منذ ما يقرب من اسبوع، حينما نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريراً تحت عنوان quot;الولايات المتحدة تدرس التدخل العسكري الاكثر نجاعة في سورياquot;.

وقال التقرير الذي اعتمد على مصادر رسمية في واشنطن، إن الادارة الاميركية لم تتخذ قراراً نهائياً بذلك، وإنما تدرس عدة بدائل من بينها تزويد المعارضين السوريين بالسلاح بشكل مباشر، غير أن الصحيفة العبرية قالت تعليقاً على التقرير: quot;ليس بالضرورة ان يكون هذا التوجه هو ما تدرسه الولايات المتحدة، وإنما قد يكون ذلك في اطار الحرب الدعائية، التي تشنها واشنطن وحكومات غربية اخرى ضد النظام السوري، وربما يكون ذلك استشعاراً من البيت الابيض بدنو اجل نظام بشار الاسدquot;.

الموقف التركي يعد السبب الخامس في اقتراب سقوط الاسد، فبعد أن فشلت مساعي انقرة الرامية الى التهدئة والإصلاح بداية اندلاع الثورة السورية، تحول الموقف التركي سريعاً ليناهض نظام الاسد، واصبح رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان في صدارة المتحدثين ضد الرئيس السوري.

في المقابل، وقفت روسيا وإيران الى جوار الاسد، لكنه يبدو أن ميزان العلاقات تغيّر تماماً، فخلال الاسبوع الماضي التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اسطنبول رئيس الوزراء التركي اردوغان، وبحث الجانبان العلاقات الاقتصادية، ووافقت موسكو مزود تركيا الاول بالغاز على بناء محطة نووية، غير أن الزعيمين ناقشا كذلك الازمة السورية، كما حصلت انقرة على دعم من قبل الناتو يتمثل في وضع بطاريات صواريخ من طراز باتريوت على الاراضي التركية، للدفاع عنها من الصواريخ السورية، لكن الحديث بحسب الصحيفة العبرية يدور حول منظومة دفاع فقط، ويحمل ذلك رسالة للنظام السوري مفادها: أن تركيا ليست بمفردها من يقف ضد دمشق.

مقر إقامة رأس النظام

وإلى سادس أسباب اقتراب سقوط النظام السوري، إذ تشير المعطيات الى أن اجزاءً واسعة من الاراضي السورية سقطت في قبضة المعارضة المسلحة، وان قواتها تتقدم باتجاه دمشق مقر اقامة رأس النظام، وأعلنت المعارضة المسلحة قبل ايام انها تدير معارك ضارية على مشارف العاصمة السورية ضد قوات الاسد، وأن الطرق المؤدية الى ميناء دمشق الجوي اصبحت منطقة عسكرية تدور فيها رحى الحرب، مما ادى الى عودة احدى طائرات الركاب المصرية الى القاهرة، حينما كانت في طريقها الى مطار دمشق الدولي.

واعلن رئيس اجهزة الاستخبارات الفيدرالية في المانيا quot;غرهارد شلدنرquot; أن نظام الاسد بات في مرحلة الاحتضار، وانه لم يعد يتبقى له في الحكم سوى اشهر قليلة وربما ايام، واضاف: quot;المعارضة السورية المسلحة منظمة جيداً، ولذلك فإن معاركها المسلحة ضد قوات الاسد مفيدة للغاية وتحقق اهدافها اكثر من أي وقت مضى، صحيح انهم لم يصلوا الى الانتصار التام، إلا انهم يسيطرون اليوم تلو الآخر على مناطق واسعة من الاراضي السورية، بينما يتمركز الاسد في الدفاع عن دمشق والقواعد العسكريةquot;.

ونقلت شبكة سي ان ان الاخبارية عن سوريين في العاصمة دمشق الاسبوع الماضي شعورهم بأن فصول نهاية النظام اقتربت من الحسم، وقالت لينا (30 عاماً) وهي مدرسة سابقة: quot;إن النظام السوري بات يشعر بالتهديد، ونحن خائفون من أن يخيم التوتر والسجال العسكري بين المعارضة والنظام على مدينة دمشق خلال الايام القليلة المقبلة، فالمروحيات العسكرية تحلق بكثافة في سماء العاصمة، بالاضافة الى شدة الازدحام المروري في الطرق المؤدية للقصر الجمهوري، كما ارتفعت اسعار الوقود لدرجة كبيرة جداً، خاصة بعد نجاح المعارضة المسلحة في السيطرة على عدد من آبار النفطquot;.