توحد العراقيون اليوم سنة وشيعة في صلاة واحدة لمواجهة الطائفية والارهاب. واتهم المحتجون في محافظات شمالية وغربية الحكومة بتشكيل مليشيات مسلحة لقتلهم وتهجيرهم، في وقت دعا السيستاني إلى حصر السلاح بيد الدولة.


لندن: أكد خطيبان لصلاة شيعية سنية موحدة في بغداد على ضرورة مواجهة الطائفية والإرهاب، فيما اتهم المحتجون في محافظات شمالية وغربية الحكومة بتشكيل مليشيات مسلحة لقتلهم وتهجيرهم، بينما دعا السيستاني الحكومة إلى حصر السلاح بيد الدولة متهما السياسيين بالتخلي عن الوطنية والجري وراء المصالح الخاصة .

صلاة موحدة

وفي كلمة قبيل خطبة الجمعة في الصلاة الشيعية السنية الموحدة التي أقيمت في جامع الخلاني الشيعي وسط بغداد، قال الشيخ خالد الملا رئيس جماعة العلماء المسلمين السنية إن المؤمنين العراقيين يجتمعون في صلاة يؤسسون فيها لمشروع دائم للمحبة والتعايش والأمن والاستقرار في العراق، صلاة ليس فيها تحريض على القتل والطائفية وانما هي صلاة تحترم فيها جميع الخصوصيات الدينية والمذهبية وقومية للعراقيين لتذهب عن النفس ارجاس الطائفية والدماء البريئة والخطاب المستورد المشحون بالحقد والكراهية واقصاء الاخر وابعاده وتهجيره وتفجيره ونتصدى فيه للارهاب ومفخخاته واحزمته الناسفة.

وشدد الشيخ الملا بالقول إن هذه الصلاة توحد العراقيين بكل توجهاتهم، ليرفضوا الإرهاب ويقوم به مهما كان انتماءه ليكون السلاح بيد الدولة وحدها، وتكون المسؤولة وحدها عن حماية المجتمع. وحمل السياسيين والحكومة والاعلام ورجال الدين، مسؤولية العمل على تمتين اللحمة الوطنية وضرب الطائفية والنأي عن المروجين لها.

وشدد على ضرورة المبادرات التي يطلقها قادة سياسيون ورجال دين لجمع السياسيين والتوصل إلى حلول تنهي ازمات البلاد. واتهم متطرفين دينيين بعمليات القتل والذبح ونبش القبور، محذراً من الفتن التي يروجون لها.. ودعا الملا خطباء المساجد إلى الاعتدال والابتعاد عن التحريض الذي يؤجج الشاعر ويدفع بها إلى اتجاهات خاطئة وطالب العراقيين بالوحدة والالتزام بالعراق بلدا يضم كل المكونات والطوائف والقوميات في مواجهة ارهاب المسلحين.

ومن جهته قال خطيب جمعة جامع الخلاني السيد محمد الحيدري الشيعة والسنة إلى التمسك بحبل الاسلام ونبذ الفرقة والطائفية واشار إلى ان الفرقة هي بين الحكام وليس بين المواطنين . واشار إلى ان ظهور مجموعات مسلحة مؤخرا تقتل على الهوية جاء بعد انطلاق الفكر التكفيري الذي يدين المذاهب ويجيز قتل الناس وهو فكر طارئ على الاسلام.

ودعا علماء الدين والمختصين إلى فضح اهداف الفكر التكفيري ومخاطره على المجتمعات مشيرا إلى وجود اجندات خارجية من دول بينها اسلامية تدعم منفذي الإرهاب ماديا ومعنويا واعلاميا والمستفيد الوحيد من ذلك هي اسرائيل. واشار إلى ان هذه الصلوات الموحدة تمثل شوكة في عين الساعين لتقسيم العراق وقتل ابنائه داعيا إلى التعاون مع الاجهزة الأمنية لمواجهة العمليات الإرهابية ومنفيها الذين تغلغل بعضه في هذه الاجهزة.

يذكر ان جامع الخلاني تعرض في حزيران (يونيو) عام 2007 إلى تفجير ضخم بشاحنة مفخخة، مما أدى إلى مصرع 87 شخصا واصابة 242 آخرين بجراح، وهدم أحد جدران المسجد وقاعة الصلاة . وجاء التفجير في اليوم الثاني لرفع حظر التجوال في بغداد الذي كان قد فرض عقب تفجير منارتي مرقد الامامين العسكريين في سامراء الامر الذي ادى إلى اقتتال طائفي في العراق راح ضحيته الالاف من المواطنين .

محاولة للخروج من الأزمة

وعلى صعيد الأوضاع الحالية المضطربة في البلاد يجتمع القادة السياسيون العراقيون غدا السبت في محاولة للخروج من الأزمة السياسية والأمنية التي تضرب البلاد.وسيستضيف الاجتماع صاحب الدعوة إليه رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم بمقر المجلس في بغداد، وذلك بمشاركة رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس القائمة العراقية أياد علاوي ورئيس التحالف الوطني الشيعي ابراهيم الجعفري وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي ونائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات صالح المطلك اضافة إلى ممثل عن اقليم كردستان.

وكانت بغداد شهدت للمرة الاولى الجمعة الماضي صلاة موحدة أقيمت في نصب الشهيد وسط العاصمة بمشاركة مئات المصلين من مواطنيها تقدمها رئيسي الوقفين الشيعي صالح الحيدري والسني أحمد عبد العغفور السامرائي الذي دعا إلى العمل من أجل إنهاء عمليات القتل وسفك الدماء والتصدي للفتنة التي يتعرض لها العراقيون.

ومن جانبه شدد الحيدري على أن العراقيين وحدة موحدة بشيعتهم وسنتهم وعربهم وأكرادهم وتركمانهم ومسلميهم ومسيحييهم فهم يشكلون جسد العراق الواحد. واقر بوجود جماعات تمارس العنف من اجل تحقيق مكاسب سياسية وتنفيذ اجندات اجنبية واتهم القاعدة والبعثيين والخارجين على القانون بعمليات القتل والتفجير التي تشهدها مدن العراق من اجل اشعال الفتنة الطائفية.

وكان المالكي دعا لهذه الصلاة في بيان في التاسع عشر من الشهر الحالي قال فيه quot;إن الصلاة الموحدة يفهم منها انها تجمع العراقيين من السنة والشيعة وهذا مانتمناه ، فالصلاة الموحدة الحقيقية يجب ان تجمع المسلمين بكل طوائفهم في مسجد واحد ، وانا ادعو إلى اقامة صلاة موحدة بهذا الشكل في أحد مساجد بغداد الكبيرة وتستمر بصورة دائمة كل يوم جمعةquot;.

السيستاني يدعو الحكومة لحصر السلاح بيد الدولة

أكد الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل مرجعية المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني، خلال خطبة الجمعة في كربلاء، رضاه عن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة لايقاف العمليات الإرهابية داعيا إلى مضاعفة جهود جميع العراقيين لحقن الدم العراقي وحصر السلاح بيد الدولة.

وقال الشيخ الكربلائي quot; لقد تم اتخاذ بعض الاجراءات من قبل الحكومة منها تغيير القيادات الأمنية التي لم تتمكن من معالجة المشكلة امر لابأس به بحد ذاته، وهذا الاجراء لوحده لا يكفي لوقف التفجيرات والقتل بالاسلحة الكاتمةquot;. واشار إلى انه لابد من دراسة الأسباب المهنية التي ما تزال تؤدي إلى استمرار بقاء ظواهرالعنف مع حصول تغيير في القيادات الأمنية الا ان التفجيرات لاتزال كبيرة وتحصل في بغداد ولابد من دراسة من قبل قادة امنيين كبار وضرورة الاعتماد على الجهد الاستخباري.

وأضاف أن هناك أسباب اخرى لانتشار هذه الظاهرة، منها عدم وجود حس وطني للسياسين وعدم تقديم المصالح الوطنية على المصالح الضيقة ووجود أجندات خارجية مرتبطة بالداخل للحصول على المال او المكاسب السياسية. وطالب الحكومة بحصر السلاح بيد الأجهزة الأمنية الحكومية ومنع حمله من قبل اية جهة ومنع حصول الاعتداءات من اي جهة بحق اي مواطن مهما كان هذا المواطن. وقال ان المرجعية الدينية العليا تجدد حرمة الدم العراقي شيعيا اوسنيا مسيحيا صائبيا اويزيديا عربيا كان او كرديا.

وشدد على ان الاعتداء في اي مكان مهما كان حجمه وبشاعته لايبرر حصول اعتداء مماثل في مكان اخر. وطالب خطيب الجمعة شيوخ العشائر ووسائل الاعلام ورجال الدين والخطباء العمل باخلاص وغيرة للحفاظ على الدم العراقي وحرمته ويجب ان نعمل جميعا لايقاف هذا النزيف.

يذكر أن مسلحين ينتمون إلى مختلف الميليشيات الشيعية والتنظيمات المسلحة السنية بدأوا يظهرون في مناطق بغداد مؤخرًا وتنفيذ عمليات اغتيال على الهوية كما يقومون بنصب دوريات متحركة للاختطاف.

المحتجون بجمعة quot;حراكنا يقهر مليشياتكمquot;

ومن جهتهم اكد محتجو المحافظات الغربية والشمالية استمرارهم بحراكهم الشعبي حتى تحقيق مطالبهم واتهموا الحكومة بتشكيل ميليشيات مسلحة لقتلهم وذلك في جمعة quot;مسار حراكنا يقهر مليشياتكمquot;. وقال خطيب جمعة الرمادي عاصمة الأنبار الغربية ان السياسيين العراقيين يعدون الناس بانجازات لكنهم لا ينفّذون، وشدد على تصميم المحتجين الاستمرار بتظاهراتهم حتى تحقيق مطالبهم. واتهم الحكومة بتشكيل المليشيات المسلحة وتشجيعها على الاستعراضات التخويفبية لتقوم بعدها بالقتل والاغتصاب والتهجير والتفجير والاغتيال على الهوية.

وحذر الحكومة بالقول quot;ان سنة العراق بعد بدء الحراك الشعبي هم ليسوا قبله والسكين التي تذبحهم ستمر على رقاب من يستهدفهم اولاquot; فهم اصحاب قضية ولن يستسلموا او ينهوا حراكهم حتى تنفيذ مطالبهم. وفي مدينة سامراء شمال غرب بغداد فقد دعا الناطق الرسمي باسم المتظاهرين في المحافظات المنتفضة الشيح محمد طه حمدون الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى الوقوف مع أهل السنة في العراق مشيرا إلى أن الحكومة قد أعلنت الحرب الطائفية عليهم بحسب قوله.

وقال حمدون في خطبة الجمعة في سامراء إن الجامعة العربية والأمم المتحدة مطالبة بحماية أهل السنة في العراق والوقوف إلى جنبهم لان الحكومة قد أعلنت الحرب الطائفية عليهم من خلال عمليات الخطف والقتل على الهوية بالاضافة إلى التفجيرات التي تضرب مناطقهم.

وحول شعار هذه الجمعة، قالت اللجان التنسيقية للحراك الشعبي إن شعار quot;مسار حراكنا يقهر ميليشياتكمquot;. رفع في جميع ساحات التظاهرات الموجودة في محافظات الانبار ونينوى وكركوك وديإلى وصلاح الدين ومناطق في بغداد داعية جميع العراقيين إلى التوجه إلى ساحات الاعتصام للمطالبة بحقوقهم الشرعية وللتعبير عن استنكارهم لأعمال العنف الاخيرة وانتشار المليشيات المسلحة التي تستهدف الابرياء.

يأتي ذلك في وقت تشهد بغداد إجراءات أمنية مشددة في نقاط التفتيش تسببت بشلل شبه تام للعاصمة حيث يتم طلب الهويات التعريفية لكل شخص ومستمسكات السيارات وتفتيش حقائب النساء.

يذكر ان محافظات بغداد والأنبار وصلاح الدين وديإلى وكركوك ونينوى تشهد منذ 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي تظاهرات احتجاج واعتصامات تطالب بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين الأبرياء ومقاضاة quot;منتهكي أعراضquot; السجينات فضلاً عن تغيير مسار الحكومة وإلغاء المادة 4 إرهاب وقانوني المساءلة والعدالة والمخبر السري واصدار عفو عام وإلغاء الاقصاء والتهميش لمكونات عراقية.