هاجم مسلحون تابعون للشيخ قيس الخزعلي مكتبًا للزعيم الشيعي مقتدى الصدر بعد ساعات من محاولةاغتيال تعرض لها مساعده، وهو ما ينذر باحتمالات تفجر القتال بين حلفاء الأمس.

تسود الأوساط الشعبية والرسمية العراقية مخاوف من تفجر قتال بين مسلحي الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وعصائب أهل الحق بزعامة المنشق عنه الشيخ قيس الخزعلي الذي هاجم مسلحوه مكتبًا للصدر وانصار له يشاركون في احياء مراسم وفاة الإمام الكاظم في بغداد الليلة الماضية بعد ساعات من محاولة اغتيال تعرض لها مساعد للصدر الذي اتهم بها جماعة العصائب ووصفها بأهل الباطل.
صدامات مسلحة بعد ساعات من محاولة اغتيال زعيم صدري
وشهدت مناطق في بغداد احتكاكات الليلة الماضية بين مسلحي الطرفين، حيث اطلقت عناصر من عصائب اهل الحق النار على مواكب لانصار الصدر كما هاجموا مكتبًا له ونشب صدام بين مجموعتين في منطقة العلاوي وسط بغداد قُتل فيه شخصان لكن سرعان ما تم احتواؤه بتدخل قياديين من الطرفين والقوات الأمنية.
وتشهد منطقة الكاظم بضواحي بغداد الشمالية الغربية التي يتوافد عليها مئات الآلاف من العراقيين حاليًا لاحياء مراسم وفاة الامام موسى الكاظم سابع ائمة الشيعة غدًا الاربعاء اجواء مشحونة بالتوتر والخوف اثر نزول المئات من مسلحي الجماعتين بذريعة حماية الزائرين على الرغم من حشد القوات الأمنية العراقية لآلاف من عناصرها بحماية جوية من المروحيات لهذا الهدف، بحسب ما ابلغ اعلامي عراقي ذلك quot;إيلافquot;.
واوضح أن هذه الصدامات جاءت بعد يوم من تعرض القيادي في التيار الصدري حازم الأعرجي إلى محاولة اغتيال بأسلحة كاتمة داخل الكاظمية اسفرت عن مقتل أحد مرافقيه، وذلك عندما كان يقوم بجولة تفقدية راجلة على مواكب الزائرين في المنطقة حين قام ثلاثة مسلحين باطلاق النار عليه من أسلحة كاتمة للصوت فقتلوا مرافقًا له، بينما رد المرافقون الآخرون على مطلقي النار وتمكنوا من إصابة أحدهم بساقه لكن رفاقه نجحوا في سحبه وسط جموع الزائرين.
ويعتبر حازم الاعرجي من ابرز قيادات التيار الصدري ومسؤول مكتب الصدر في منطقة الكاظمية، وهو شقيق رئيس كتلة الاحرار الصدرية في مجلس النواب بهاء الأعرجي، وكان له دور كبير في قيادة جيش المهدي قبل أن يتم تجميد الجيش بأمر من مقتدى الصدر في آب (أغسطس) عام 2007.
الصدر يصف عصائب أهل الحق بأهل الباطل
وقد أعلن الصدر، الذي اتهم مقربون منه مليشيا عصائب اهل الحق بزعامة المنشق عنه قيس الخزعلي بالمسؤولية عن محاولة الاغتيال، الحداد ثلاثة ايام في عموم مكاتبه استنكاراً لمقتل حارس الاعرجي وحذر من خطورة الاقتتال الداخلي وشنّ هجومًا حادًا ضد العصائب.
وقال الصدر في بيان إن مكاتب التيار الصدري quot;ليست للخلافات الدنيوية وليس للتشكيلات المليشياوية الحكومية للاعتداء علينا آل الصدر فو الله قد اذهبتم ماء وجوهنا ولم تراعوا فينا إلاً ولا ذمة وقد تعديتم على الخطوط التي خطها لنا اباؤنا وأجدادنا وعلماؤنا وشهداؤنا لا سيما حاملي السلاح منكم، كفاني وكفا آل الصدر شر اعمالكم فلستم لي ولا لأبائي تنتسبون وغفر الله لمن اعتدى عليه بغير حق ونسأل الله ان يعاقب كل من أساء أو ظلمنا . آل الصدرquot;.
وأضاف إن quot;كان الطرفان يحبان الشهيدين الصدريين فيجب الا يتقاتلا وألا يكونوا لهم فينا شيئاً ولا في عراقنا الحبيب ولا في سوريا ولا في أي بقعة من بقاع العالمquot;.. وقال quot;لقد شمت العدو فينا وهو يهزأ بنا وقد استطاع ابعاد انظارنا عنه وصارت خلافاتنا بينناquot;. ودعا quot;جميع المؤمنين في عراقنا الحبيب عدم التقصير في هذه الزيارة مع الحفاظ على النظام والاخلاق وشكرا لكل حماة الزوار ومراقدهم من الجيش والشرطة العراقية والقوى الأمنيةquot;.
وأضاف quot;أوجه العزاء للشهيدين الصدريين لا لاستشهاد جدهم فحسب، بل لما حدث من صدام بين طرفين يدعيان الانتساب لهما ويدعيان محبتهما فإن قل اعتقادهم ومحبتهم بي انا العبد الفقير الحقير فما بالهم قد نسوا دماء شهدائهم وبعد ان قاتلوا معًا المحتل وهم الآن يتقاتلون بينهم quot;. واضاف quot;كفاني وكفا ال الصدر شر اعمالكم فلستم لي ولا لأبائي تنتمون وغفر الله لمن اعتدى عليه بغير حق ونسأل الله أن يعاقب كل من أساء أو ظلمنا. آل الصدرquot;.
وخاطب الصدر عصائب أهل الحق بالقول quot;فيا اهل الباطل ليس هذا يرضي شهيدنا فالقتال ليس من صلاحياتكم ولا صلاحيات قياداتكم وإن كنتم مع الحكومة فالحكومة نحن من صنعها ونحن من يحاول تقويمها ولستم الا طالبين لديناquot;، في اشارة الى الاتهامات الموجهة الى الحكومة العراقية باحتضان العصائب واستخدامها ضد الصدر.
الصدر يكشف علاقة العصائب بإيران
وكان الصدر اتهم العام الماضي عصائب اهل الحق لدى اتفاقها مع الحكومة على القاء سلاحها والانخراط في العملية السياسية بقتل سياسيين وعناصر في الجيش والشرطة العراقيين بحجة quot;العمالةquot; مقراً للمرة الاولى بأن ايران مسؤولة عنها.
وقال الصدر ردًا على سؤال لاحد اتباعه عن موقفه من عصائب اهل الحق: quot;اليوم حيث جاءت فرصة الانتخابات بانت نواياهم وبان مدى عشقهم للسياسة الدنيوية وكراسيهاquot;. واضاف: quot;لقد طلبت من مسؤوليهم في الجمهورية الاسلامية ان يغيّروا اسم العصائب وأن يغيّروا القيادة الثنائية ليكون بابًا لرجوعهم لأبيهم الصدر والمكتب الشريف، فأبت كل الأطراف ومنهم العصائب ذلكquot;. ولم يحدد الصدر في بيانه القيادة الثنائية، لكن المجموعة يقودها قيس الخزعلي وشقيقه ليث.
وهاجم الصدر العصائب بشدة، وقال quot;انهم سلموا اسلحتهم لينخرطوا في العملية السياسية التي كانوا يقتلون أفرادها ابتداء بالشهيد صالح العكيليquot;. وتابع quot;واستمروا بقتل افراد الجيش العراقي وشرطته مدعين عمالتهمquot;، متسائلا quot;فلماذا تنخرطون بالعملاء؟quot;. ووصف الصدر العصائب بانها عبارة عن quot;عشاق للكراسيquot; وquot;مجموعة قتلة لا دين لهمquot;.
المالكي يدعو الى تجاوز الخلافات ونبذ العنف والتطرف
ومن جهته، دعا حزب الدعوة الاسلامية بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي العراقيين الى التسامح والقبول بالآخر والسعي لتمتين نسيج المجتمع وتجاوز الخلافات ونبذ كل أشكال العنف والتطرف التي عانت منها كل شرائح المجتمع العراقي .
وقال الحزب في بيان صحافي تلقته quot;إيلافquot; اليوم quot;نحن نقف على أعتاب الذكرى السنوية لاستشهاد الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام .. لابد لنا أن نستعيد المعاني الإيمانية التي رسختها قصة استشهاد الإمام والتي بقيت خالدة على مدى العصور وصارت رمزًا للثبات على مواقف الحق والعدل وعنوانًا للصبر على المحن والصمود أمام التحديات والتمسك بالمبادئ ومواجهة الطواغيتquot;.
ودعا العراقيين بكل اطيافهم إلى أن تكون هذه الذكرى منطلقاً للوحدة الوطنية ومحطة لاستلهام المعاني الإنسانية السامية ونشر ثقافة التسامح والقبول بالآخر والسعي لتمتين نسيج المجتمع وتجاوز الخلافات ونبذ كل أشكال العنف والتطرف التي عانت منها كل شرائح المجتمع العراقي.
وناشد الحزب quot;كل أبناء العراق وجميع القوى السياسية الخيرة إلى التلاحم الوطني ورص الصفوف وتجاوز الخلافات واحباط المشاريع التقسيمية والتدميرية القادمة من خارج الحدود التي تستهدف العراق وشعبه والمضي في مشروع بناء الدولة العراقية المعاصرة، بما يضمن تحقيق ما نطمح اليه جميعاً من خدمة للوطن وللمواطنين من خلال بناء دولة القانون القائمة على اسس العدالة والمساواة والعيش الكريم الآمن المطمئنquot;.
توتر يسود علاقات الصدر مع العصائب
والعلاقة بين عصائب اهل الحق والصدر متوترة جدًا، حيث اتهمها الاخير مرارًا بإثارة الفتنة وقتل مئات العراقيين الابرياء.
وفي وقت سابق، قال الشيخ أبو زينب الشمري من مكتب الصدر، في تصريح صحافي إن عامة الناس في المناطق الشيعية سواء في بغداد أو المحافظات الجنوبية تشعر بأن المرحلة المقبلة ستشهد عودة مضايقات اتباع الخزعلي للمجتمع كتلك التي كانوا يمارسونها ضد الحريات وما كانوا يفرضون من إتاوات على أصحاب المتاجر والمقاولين.
وأضاف quot;لكن هناك مخاوف أكبر من ذلك تتمثل في أن يتصدى الصدريون للعصائب ومحاسبتهم على ما اقترفوه خلال السنوات الماضية من جرائم بحق الناس باسم جيش المهدي وهذا الموضوع يمكن أن يكون على مستوى الثأر العشائري أو كشفهم وتسليمهم إلى السلطة، وبالتالي فإن الجانب الآخر لن يقف مغلول اليدينquot;.
وأضاف أن العصائب تعمل وفق هيكل منظم في الجانبين السياسي والعسكري وهناك آليات سبقت فيها التيار الصدري . واشار الى أن الخزعلي يحظى بدعم إيراني رسمي وديني كما أنه يتمتع بإسناد من حكومة المالكي التي عقدت معها صفقات خلال السنوات الماضية من بينها إطلاق أكثر من ألف عنصر لديها كانوا في المعتقلات العراقية والأميركية.
وبرز اسم العصائب بعدما خطفت خبير المعلومات البريطاني بيتر مور وحراسه الاربعة الذين يحملون جنسيات غربية في ايار (مايو) عام 2007 من مكتب تابع لوزارة المالية.
وقد تم الكشف بعد ذلك أن السبب وراء اختطاف هؤلاء من داخل مبنى وزارة المالية في عملية اتهمت الحكومة العراقية بالوقوف خلفها لإخفاء معلومات تتعلق بحالات فساد مالي في وزارة المالية، والتي استخدمها مسؤولون عراقيون على ما يبدو لاختطاف خبراء بريطانيين كانوا على وشك إتمام برامج حاسوبية تشرف على التعاملات المالية وتكشف حجم التلاعب والسرقات والاختلاسات، وهو ما اكدته صحيفة الغارديان البريطانية التي اعتبرت العملية من التنظيم بدرجة quot;لا تستطيع سوى حكومة القيام بها.
وتتهم واشنطن طهران بدعم ثلاثة فصائل شيعية مسلحة هي quot;عصائب اهل الحقquot; وquot;كتائب حزب اللهquot; وquot;لواء اليوم الموعودquot; الذي يقوده الصدر.
وعصائب أهل الحق كانت توصف بأنها حركة مقاومة للاحتلال الأميركي للعراق الذي بدأ في نيسان (ابريل)عام 2003، أسسها محمد الطباطبائي وقيس الخزعلي وأكرم الكعبي مع عدد من رجال وأتباع الحوزة الشيعية من الرافضين للتواجد الأجنبي وقد بدأت هذه الحركة بالعمل كمجموعات سرية عام 2004. واستمدت الحركة منهجها ومبادئها من فكر المرجع الديني محمد محمد صادق الصدر الذي اغتاله حزب البعث العراقي عام 1999 وهو والد مقتدى الصدر. وأعضاء العصائب هم النخبة من quot;جيش المهديquot; التابع لمقتدى الصدر والذي تأسس كتيار شعبي عقائدي رافض للاحتلال.