تبادل المالكي والصدر إتهامات حول مشروع عراقي لتوزيع فائض واردات النفط على المواطنين العراقيين، فيما تم الإعلان عن إحالة مسؤولين في وزارة الخارجية إلى محكمة الجنايات بتهم فساد في مشاريع القمة العربية الاخيرة التي عقدت في بغداد في آذار الماضي.
قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إن بعض النواب في إشارة إلى الصدريين يمارسون اسلوب الاستغفال في محاولة لإستمالة المواطنين وإستدرار عطفهم أو تعبئتهم ضد هذه الجهة أو تلك.
وأضاف أن ما قامت به مجموعة من النواب بشأن الاعتراض على حكم المحكمة الاتحادية على قانون الموازنة يندرج في مجال السعي لتحقيق مكاسب انتخابية وتضليل الرأي العام بشكل لا يكشف فحسب عن إعتماد الاساليب غير المشروعة في تحقيق المكاسب السياسية أو غير السياسية والتعتيم على المخالفات التي يقومون بها وانما التعبيرعن إستهانة بذكاء المواطنين وبقدرتهم على تمييز الصادق من الزائف وبين من يعمل حقيقة من اجل مصالحهم ومن يحاول استخدام عواطفهم جسراً لتحقيق مكاسب معينة.
ودعا إلى quot;مراعاة قيم التنافس الحر النظيفة وكسب رضا المواطن من خلال العمل الجاد لخدمته ودعم التشريعات التي تصب في صالح بناء البلاد وتطوير الخدمات ومحاربة الفساد وسيادة القانونquot;، على حد قوله.
وأضاف المالكي أنه لذلك فهو يوضح حقائق تتعلق بهذه القضية ومنها أن المادة (23) من قانون الموازنة العامة تتضمن ثلاث عشرة فقرة وليست خاصة بتوزيع فائض الموازنة على المواطنين.. وأن مجلس الوزراء وليس رئيس الوزراء هو من وجه سؤالاً للاستيضاح من المحكمة الاتحادية حول مبدأ عام يتعلق بمدى صلاحيات مجلس النواب وحقه في إضافة أو حذف أو تغيير مواد في قانون الموازنة العامة بعد اقرارها من قبل مجلس الوزراء.. إضافة إلى أنّه لم يكن في الموازنة اي فائض وان ادعاء وجود نسبة 20 في المئة فائض عن الموازنة أمر عار عن الصحة تمامًا.
وقال المالكي في الختام quot;في الوقت الذي نوضح فيه هذه الحقاق نشير إلى عزم رئيس الوزراء لتقديم مقترحات عملية في مجال دعم المواطن ومد يد العون للفقراء والمعوزين من المواطنين لتحسين مستواهم المعيشي في اقرب وقتquot;.
وجاء كلام المالكي هذا ردًا على دعوة الزعيم الشيعي قائد التيار الصدري مقتدى الصدر امس للقضاء العراقي، الذي قال متهكمًا إنه quot;غير المسيسquot;، إلى إعادة النظر بقراره إلغاء فقرة من الموازنة لتوزيع فائض واردات النفط على العراقيين داعياً رئيس الحكومة إلى quot;تحمل مسؤولياته أمام الشعبquot;.
كلام الصدر هذا جاء في رد على سؤال لمجموعة من العاملين في مؤسسات المجتمع المدني حول تقديم رئيس الوزراء شكوى إلى المحكمة الاتحادية ضد ادراج فقرة توزيع حصة من عائدات النفط على الشعب العراق وصدور قرار من المحكمة الاتحادية بعدم دستورية الفقرة.
وقال الصدر في بيان إنه quot;يمكن لبعض النواب رفع قضية طعن في قرار المحكمة الاتحادية القاضي بإلغاء فقرة من الموازنة لتوزيع واردات النفط على المواطنينquot;. وطالب الصدر quot;القضاء غير المسيس إلى إعادة النظر في القرار لضمان تقوية العلاقة بين السلطة القضائية وسلطة الشعبquot; على حد تعبيره. ودعا الصدر رئيس الوزراء نوري المالكي بتحمل مسؤوليته امام الله وامام الشعب في تقديم الخدمات.
وأوضح انه يمكن لبعض النواب رفع قضية الطعن وتمييز ذلك ضد ما رفعه المالكي من دعوى ضد الشعب. وأضاف الصدر quot;ليعلم الجميع ان حصة المواطن كانت من الفائض وهذا يعني انها ليست حملاً على كاهل الحكومةquot;. وشدد بالقول إن على المالكي أن يثبت قواعد الشعب لا أن يثبت قواعد الكرسي وأن يتحمل مسؤولياته أمام الشعب العراقي في ما يتعلق بتوفير الخدمات.
وكانت كتلة الأحرار البرلمانية الممثلة للتيار الصدري كشفت امس عن كسب رئيس الحكومة دعوى قضائية لإلغاء مادة في موازنة العام 2012 لتوزيع فائض واردات النفط على المواطنين ومنح زيادات على رواتب المتقاعدين.
كتل سياسية على خط الاتهامات
وفي مؤتمر صحافي لنواب كتلة الاحرار الصدرية فقد قالوا إن جميع العراقيين quot;يعرفون أن مجلس النواب صوت في موازنة 2012 على مقترح كتلة الاحرار النيابية بتوزيع جزء من فائض واردات النفط على أبناء الشعب العراقي وهو واجب وليس منة عليه، وهذا الامر افرح ابناء الشعب العراقي لإعادة المواطنة او مبدأ المواطنة إلى كل العراقيينquot;.
وأوضح رئيس الكتلة بهاء الاعرجي أنه تم سؤال وزير المالية العيساوي عن حجم الفائض فأجاب : تجاوز عشرين مليار دولار عام 2012 وبالتالي فنسبة 25% هي خمسة مليارات دولار، وهذه الخمسة مليارات هي التي توزع على أبناء الشعب العراقي ولو قسمت على 30 مليون عراقي تكون حصة الفرد العراقي 233 دولاراً وهو ما يعني لو أن عائلة بحجم خمسة أفراد تستحق مبلغ 1000 دولار.
وكشف الاعرجي عن أن quot;الحكومة ورئيس الوزراء بالتحديد قام بتقديم دعوى قضائية لإيقاف صرف هذه الأموال لأبناء الشعب العراقي وهذه الدعوى قد كسبها للأسف الشديد quot;ونستغرب كيف كسبهاquot;.
وأشار إلى أنّ رئيس الوزراء يمنع استفادة الشعب العراقي من حقه في فائض النفط العراقي وقال quot;لو كانت هذه الأموال مخصصة لحزب معين أو لدولة غير العراق ممكن كان وافق عليها لكن لأن هذه القضية يستفيد منها العراقيون فقد منعها وهذه سابقة خطيرةquot;.
وناشدت الكتلة العراقيين التحرك من اجل المطالبة بحقهم لأن منع هذا الحق quot;لا ينم إلا عن كراهية كبيرة وحقد على أبناء الشعب العراقي من كثير من الموجودين في العملية السياسيةquot;. وأكد الاعرجي قائلاً quot;إننا لن نقف وسوف نستمر وهذه السابقة كانت مكملة لسابقة البطاقة التموينية فالأولى كانت إلغاء البطاقة التموينية والثانية إلغاء فقرة توزيع جزء من ايرادات النفط على ابناء الشعب العراقي ويستر الله من الثالثةquot;، على حد قوله.
ومن جانبها انتقدت القائمة العراقية طبيعة العلاقة بين المالكي والمحكمة الاتحادية وقالت عضو القائمة لقاء وردي في لقاء متلفز إنquot;المحكمة الاتحادية تعاملت بشكل غير حيادي ومثير للشك في كثير من القضايا ما يعد شائبة في تاريخ القضاء العراقيquot;.
وأضافت وردي أن quot;مجلس النواب ابدى اعتراضات كثيرة حول قرارات المحكمة ومجلس القضاء الاعلى والتي فسرت الامور بشكل غير دقيق في كثير من القضاياquot;. وتابعت أن مجاملة القضاء للسلطة التنفيذية تعد نقطة ضعف وانعطافة خطيرة في مسار القضاء العراقي مستشهدة بقضية النائب محمد الدايني الذي حكم بالاعدام ثم برأه البرلمان الدولي، وقالت إن هذه quot;كانت احدى القضايا المفبركة والموجهة من قبل السلطة التنفيذية التي لم تكتفِ بالتدخل في شؤون السلطة القضائية بل عملت على تجريد مجلس النواب من صلاحياته في اقتراح القوانينquot;.
وكان مجلس النواب العراقي اقر الموازنة العامة الاتحادية لعام 2012 خلال جلسته في 23 شباط (فبراير) الماضي والتي بلغت حوالي 100 مليار دولار وتم احتسابها وفقاً لتصدير النفط الخام على أساس معدل سعر قدره 85 دولاراً للبرميل الواحد وبمعدل تصدير قدره مليونان و600 ألف برميل من ضمنها صادرات إقليم كردستان.
فساد نفقات القمة العربية
كشفت لجنة النزاهة النيابية أن المتورطين في تهم الفساد التي شابت إعمار الفنادق الخمسة في بغداد والخاصة باستضافة القمة العربية التي عقدت في بغداد في آذار (مارس) الماضي احيلوا إلى محكمة الجنايات.
وقال رئيس اللجنة بهاء الاعرجي إن quot;اللجان التحقيقية اكملت تحقيقاتها بملف اعمار الفنادق الخاصة بقمة بغداد وتمت احالة الملف إلى محكمة جنايات الرصافة (في بغداد) من اجل الحكم على المتهمين في الملف خلال الفترة القريبة المقبلةquot;.
وأشار إلى أنّ المتورطين الرئيسيين في الملف هم موظفون كبار من وزارة الخارجية إضافة إلى مهندسين كبار من وزارة الاعمار والاسكان اثبتت التحقيقات مسؤوليتهم عن الفساد في ذلك الملف. وقال في تصريح نقله المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي الرسمية إن اللجنة ستكشف المزيد من ملفات الفساد الاخرى المتعلقة بالقمة العربية حال الانتهاء من التحقيقات الخاصة بها واحالتها إلى القضاء.
وكانت لجنة النزاهة النيابية شرعت في نيسان (ابريل) الماضي بالتحقيق بشأن شبهات فساد مالي مرتبطة بالتحضيرات الخاصة باستضافة القمة العربية في بغداد والتي وصفها مراقبون بأنها القمة الأكثر كلفة بين القمم العربية السابقة.
وقال عضو اللجنة حسين الأسدي إنه تم رصد مؤشرات تدل على فساد إداري ومالي في أغلب التعاقدات التي أبرمتها اللجنة التحضيرية لتوفير الدعم اللوجستي للقمة مرتبطة بمشاريع ترميم الفنادق وعمليات شراء السيارات المصفحة والأثاث الفاخر من أجل استضافة القمة مشيراً إلى أن اللجنة تشعر بوجود هدر كبير في المال العام بعد تشخيصها وجود مبالغة كبيرة بالإنفاق.
وكشف الأسدي عن أن quot;فندق الرشيد قد صرف عليه مبلغ خمسين مليون دولار للترميم، في حين أن القوات الأميركية وقبل انسحابها انفقت عليه نحو ثلاثين مليون دولار، مع أن قيمته الفعلية لا تصل إلى خمسين مليون دولارquot;. وأشار إلى أن quot;أكثر من عشرة ملايين دولار من أموال القمة صرفت على تأهيل منزل أحد المسؤولين الكبار رغم أن المنزل لا علاقة له بالقمةquot;.
وأوضح أن اللجنة التحضيرية للقمة اشترت ستين سيارة مصفحة من نوع مرسيدس بسعر 259 ألف دولار للسيارة الواحدة التي لا يتجاوز سعرها الـ120 ألف دولار إضافة إلى شراء 300 سيارة أخرى غير مصفحة.
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قال في مؤتمر صحافي بعد انتهاء القمة إن كلفة هذه الاجتماعات العربية السنوية بلغت نحو 500 مليون دولار. ويعاني العراق من معدلات فساد كبيرة تطال غالبية مؤسساته الرسمية وقد احتلت البلاد المرتبة 169 من بين 174 دولة في مؤشر الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية للعام 2012 .
التعليقات