قادة العراقية والتيار الصدري والتحالف الكردستاني خلال اجتماعهم في أربيل

تصاعدت حدة التراشق الإعلامي بين الرئيس العراقي وزعيم الكتلة العراقية حول ملابسات الدعوة الى سحب الثقة من الحكومة، حيث قال طالباني إنكلام علاوي بأنني صاحب فكرة تغيير المالكي منافٍ للحقيقة، موضحًا أنه ونوابه لم يوقعوا على طلب بذلك... فيما اعتبر الحكيم أن تغيير المالكي لن ينهي الأزمة السياسية الحالية داعيًا إلى وقف ما وصفه بالقصف الإعلامي بين السياسيين.


قال الرئيس العراقي جلال طالباني إن قول زعيم ائتلاف العراقية أياد علاوي بأن قضية سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي كانت باقتراح من رئيس جمهورية العراق هو أمر مخالف للحقيقة والواقع.

وأضاف: quot;مع الاحترام لآراء علاوي وعمله السياسي فإن هذا التصريح اثار مشاعر من الحيرة والاستغراب خاصة وأنه يأتي في سياق سلسلة من التصريحات لعدد من قادة quot;العراقيةquot; ونوابها والمقربين منها، وهي توحي وتصب كلها في الاتجاه ذاته وهو أن رئيس الجمهورية quot;تعهدquot; أو quot;قدم ورقةquot; أو حتى انه quot;ملزم دستوريًاquot; بسحب الثقة من رئيس الوزراء، كما نقل عنه بيان رئاسي اليوم.

وأشار طالباني إلى أنّ الورقة التي قدمت إلى اجتماع اربيل في 28 نيسان (أبريل) الماضي تضمنت تسعة بنود بينها مقترح سحب الثقة ويعرف علاوي من الذي اعدها وقدمها ولم يكن الرئيس هو الذي اقترحها، وكان المقترح أن توجّه الورقة إلى التحالف الوطني (الشيعي) وليس إلى مجلس النواب وفي حال عدم التعامل ايجابيًا معها يصار إلى عرض موضوع سحب الثقة (في البرلمان)quot;. واوضح أن معدي الورقة اقترحوا أن تعطى مهلة شهر واحد للرد لكن علاوي هو الذي طلب اختصار المدة إلى اسبوع، وبعد النقاش تم الاتفاق على فترة اسبوعين.

وأكد طالباني أنه امتنع عن توقيع الورقة وطلب من زملائه في قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني (بزعامته) والحاضرين في الاجتماع الامتناع عن التوقيع أيضًا، وفي حال رفض التحالف الوطني أو رئيس الوزراء الالتزام بالمبادئ والاطر والاتفاقات فإنه سيوجّه إلى مجلس النواب طلب سحب الثقة. وقال إنه شدد خلال الاجتماع على ضرورة التركيز على الاصلاحات ورفض الانفراد بالحكم في حين أن الحاضرين في الاجتماع حصروا جل اهتمامهم بموضوع سحب الثقة.

وأضاف طالباني أنه تلقى لاحقًا تبليغات رسمية من التحالف الوطني ورئيس الوزراء بالاستعداد لاحترام وتنفيذ الاتفاقات السابقة ومراعاة الفقرات الواردة في quot;رسالة اربيلquot; عدا فقرة سحب الثقة. وأكد طالباني أن هذه حقيقة موقفه الذي ينطلق دومًا من كونه رئيسًا للدولة، وبالتالي لا بد أن يظل محايدًا وراعيًا للاجماع الوطني ولمّ الشمل وتوحيد الصف وهو دور سوف يفقده اذا وقف مع طرف ضد طرف آخر، معبرًا عن الامل quot;أن يضع هذا البيان حدًا للتصريحات المجافية للواقع والمنافية لروح الحوار البناء والامانة والصدقquot;، كما قال.

وكان علاوي قال الثلاثاء الماضي إن طالباني كان صاحب مقترح سحب الثقة من المالكي في اجتماع أربيل الأول الذي عقد في 28 نيسان الماضي، وأكد أن طالباني كان يطمئن المجتمعين في أربيل بأنه قادر على سحب الثقة من دون الخوض في الآليات الدستورية. وأشار علاوي في تصريحات صحافية إلى أنquot;التوافق السياسي بين الكتل ليس على موضوع سحب الثقة فقط وإنما على التوجه العام في البلاد، والذي أصبح على خطورة كبيرة وعلى ثلاثة مستويات تتمثل في quot;الخروق الدستورية المريعة التي يقوم بها النظام الحاكم المتمثل برئيس الوزراء وبالتجاوزات البالغة الخطورة لحقوق الإنسان في العراق فضلاً عن الانفراد بالقرار السياسيquot;.

وكان القادة الخمسة الذين اجتمعوا في أربيل في 28 نيسان، وهم الرئيس جلال طالباني وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني وزعيم القائمة العراقية اياد علاوي ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، قد وجهوا رسالة إلى رئيس التحالف الوطني ابراهيم الجعفري تمهل المالكي 15 يومًا لتنفيذ الاصلاحات المطلوبة قبل سحب الثقة منه.. وقد رد التحالف على الرسالة لكن هذا الرد لم يتضمن أي موقف من تهديد القادة بسحب الثقة من الحكومة في حال عدم تنفيذ الاصلاحات التي طالبوا بها والمتعلقة بضرورة تنفيذ مقررات الاجتماع التي تضمنت التركيز على أهمية الاجتماع الوطني لحل الأزمة السياسية وضرورة الالتزام بمقرراته التي يخرج بها والالتزام بالدستور الذي يحدد شكل الدولة وعلاقة السلطات الثلاث واستقلالية القضاء وترشيح اسماء للوزارات الأمنية على أن يصادق عليها مجلس النواب خلال فترة أسبوع quot;إن كانت هناك نية صادقة وجادة من قبل المالكيquot;، كما قالوا.

الحكيم: سحب الثقة من الحكومة لن ينهي الأزمة

إلى ذلك، اعتبر رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم أن سحب الثقة من الحكومة لن ينهي الأزمة السياسية التي أكد أنها لن تتوقف مادام التركيز على التفاصيل والجزئيات دون الجوهر داعيًا إلى وقف ما وصفه بالقصف الإعلامي بين السياسيين.

وأضاف الحكيم في كلمة ألقاهافي الملتقى الثقافي الاسبوعي في مقر المجلس في بغداد بحضور حشد كبير من المواطنين الليلة الماضية ووزعها مكتبه الإعلامي أن quot;سحب الثقة من الحكومة اجراء لا يمثل جوهر المشكلة كما أن عدم وصول الارقام التي تمكن من سحب الثقة إلى العدد المطلوب لا يعني نهاية الأزمة السياسية. وطالب الكتل السياسية بايقاف ما وصفه بالقصف الإعلامي والتصريحات النارية في ما بينها والبدء بمرحلة هدوء تسمح للخيرين أن يساهموا في ايجاد نقطة التقاء بين الاطراف دون كسر لاحد. كما دعا القادة إلى التخلي عن الحلول التصادمية والتركيز على الحلول التصالحية.. وقال إن حل الأزمة يكمن في تقديم التنازلات والالتزام بالدستور وبالتوافقات المنسجمة.

واضاف الحكيم أن quot;حل الأزمة السياسية يكمن بالوقوف عند الاسباب التي اوصلتها إلى هذا الطريق المسدود الذي يشعر البعض أنه لا خيار الا بسحب الثقة من الحكومةquot;. وأشار إلى أنّquot;الحلول المطروحة حاليًا ليست واقعية مما يعني تدوير الازمات وتفقيسها وظهورها باشكال أخرى يجعل الوضع العراقي امام معطيات خطيرة تتمثل باستفحال كل أزمة على حدة، مما يولد تراكمًا ومعطيات خطيرة تمتزج في ما بينها لتشكل حصيلة يصعب الحديث عن حلحلتهاquot;. وحذّر من أن عدم الذهاب إلى الحلول الواقعية سيعني المزيد من التضييق وتعسر التسوية.

وأوضح أن الارهابيين يستغلون الخلافات السياسية في تنفيذ عملياتهم مشيرًا إلى التفجيرات التي شهدتها مدن عدة من البلاد أمس وأوقعت حوالي 70 قتيلاً و250 جريحًا.. وتساءل قائلاً: quot;من يتحمل مسؤولية الدم العراقي الذي يسال بين الحين والاخر ؟ وإلى متى يقدم المواطن العراقي هذه الدماء على طريق الازمات السياسية ؟ ومتى تتمكن الاجهزة الأمنية من وضع الخطط الناجعة لحفظ دماء العراقيين معربًا عن أسفه الشديد لهذه المجازر التي لا ينفع معها الاستنكار ولا عبارات التضامن مع عوائل الشهداء والجرحىquot;.

وأكد الحكيم على الحاجة إلى استقرار سياسي وتلاحم حقيقي بين الجميع يمنع نزيف الدم العراقي وقال إن الارهاب يستغل الارباك السياسي ليزيد الفتن بين العراقيين. وأشار إلى أنّ الازمات السياسية تعطل وصول الخدمات إلى الشعب العراقي متسائلاً إلى متى سيصبر هذا الشعب على القصور في تقديم الخدمات وهو يرى السياسيين منشغلين بأزماتهم وهو الذي يدفع الثمن. ودعا الى العودة إلى اصل الخلاف وجوهره مشددًا على ضرورة ايجاد منطقة في المنتصف بين الجميع.

وطالب الحكيم بايقاف ما اسماه بـquot;سياسة الابتزاز والارتزاق السياسي التي تمارسها بعض وسائل الإعلام التابعة للاطراف المتصارعةquot;.. مشيرًا إلى أنّ وسائل الإعلام مشغولة بالوعد والوعيد مما يجعل الجميع امام استحقاقات خطيرة بتحول الأزمة من الطابع السياسي إلى الشخصي ثم النفسي والعنفي مما يوصل الجميع إلى طريق اللاعودة والابتعاد عن الديمقراطية ويولّد اجواء التصدع بين القيادات السياسية وجمهور هذه القيادات ويخلق حالة من البغضاء والانتقام.

وعد الحكيم التصريحات التي تهدد بفتح ملفات فيها مخالفات قانونية أو ادارية أو فساد مالي أو اداري لا تعدّ منهجًا للحل، وقال إن كانت لدى أي طرف ملفات فيها مخالفات فما الذي يصبره على عدم فتح هذه الملفات دون تقديمها، مشيرًا إلى أنّ بقاء الملفات تحت اليد والتلويح بها وقت الحاجة لا يمثل مدخلاً للحل ولا سلوكًا ديمقراطيًا ولا مصداقية للالتزام بالنظام السياسي الجديد للعراق.

وحذّر من أن انزال الجماهير إلى الشارع سيولّد صراعًا بين المواطنين ويعقد الأزمة لافتًا إلى أنّ انزال كل طرف لجمهوره سيقترن باستفزاز يؤدي إلى اراقة دماء مما يعني صبغ الاحتجاجات باللون الاحمر. وحمل كل طرف يلجأ إلى الجمهور النتائج المترتبة على تبعات واراقة الدماء داعيًا إلى ابقاء الأزمة في اطارها السياسي وصولاً إلى الحل والمعالجة.

وبشأن تدويل الأزمة العراقية أشار الحكيم إلى أنّ هذا التدويل وادخال العناصر الخارجية فيها سيكون إشارة على عجز القيادات السياسية عن حل مشاكلها وهي إشارة غير صحيحة. وأكد أن العراق يمتلك قيادات حكيمة قادرة على حل المشكلة دون التدخل الخارجي لافتًا إلى أنّ الشعب يرى ويقيم القيادات العراقية. وقال إن العراق يمتلك تنوعًا مذهبيًا وقوميًا ودينيًا عادة هذا التنوع مصدر قوة ولا بد أن تكون هذه القوة حاضرة عند وضع خارطة الطريق لحل الأزمة السياسية بالتنازلات المتبادلة بما يخدم المشروع السياسي التصالحي.

وأضاف الحكيم أنه ليس من مصلحة الجميع أن يخرج أي طرف خاسرًا أو مكسورًا من هذه الأزمة محذرًا من أن الأزمات لن تنتهي مادام الجميع اوفياء للمشروع العراقي والديمقراطية والحرية معتبرًا المشكلة لا تكمن في الأزمة وانما في العجز عن حل هذه الأزمة. وشدد على ضرورة أن يكون هناك طريق لحل الأزمة عبر اداراتها وتطويقها.

يذكر أن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي يواجه مطالبات بسحب الثقة منه من قبل عدد من الكتل السياسية أبرزها التيار الصدري والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني فيما يحذر نواب عن دولة القانون بزعامة المالكي من خطورة هذه الخطوة على العملية السياسية.