دعا الرئيس العراقي جلال طالباني القادة الداعين لسحب الثقة من المالكي إلى عدم استفزازه وأكد رفضه ذلك الإجراء، مشددًا على أنه سيقدم استقالته من منصبه إذا أرغم على تغيير قناعاته بذلك... بينما كشف رئيس البرلمان أسامة النجيفي عن رفضه طلبًا اميركيًا لعقد اجتماع مع رئيس الوزراء العراقي.. في وقت شددت الولايات المتحدة على انها لا تنحاز إلى أي جانب في الأزمة السياسية التي تضرب العراق.


في رسالة بعث بها الرئيس العراقي جلال طالباني إلى رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وزعيم القائمة العراقية أياد علاوي ورئيس البرلمان أسامة النجيفي والقيادي في التيار الصدري مصطفى اليعقوبي ردًا على الرسالة التي تلقاها منهم بشأن سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي، دعا القادة الداعين لسحب الثقة من المالكي إلى عدم استفزازه وأكد أنه سيستقيل إذا أرغم على تغيير قناعاته.

وأشار طالباني في رسالته إلى أسباب موقفه من عدم سحب الثقة من المالكي قائلاً quot;إن موقفه في اجتماع أربيل الأول في28 نيسان (أبريل) الماضي كان محايدًا تماشيًا مع منصبه كرئيس للجمهورية وأنه لم يوقع على الورقة التي أعدها مستشاره فخري كريم ولم يسمح لأحد من قياديي الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه بالتوقيع عليها.

وأضاف أنّه قال في معرض تعليقه خلال اجتماع أربيل ذلك على اعتبار سحب الثقة ورقة ضغط وتخويف quot;إذا رفض التحالف الوطني أو رئيس الوزراء الالتزام بالمبادئ والأطر الواردة في الاتفاقات السابقة فسأطلب من مجلس النواب سحب الثقةquot;.

وتابع طالباني قائلاً quot;إن التركيز كان على ضرورة تنفيذ الاتفاقات السابقة والمطالب اللاحقةquot;.. وأضاف مخاطبًا قادة اجتماع أربيل quot;لكنّكم حولتم الموضوع برمته إلى سحب الثقةquot;. وحول عدد الأصوات المرسلة إليه اوضح طالباني في رسالته إلى قادة الكتل والتي بثت نصها قناة quot;الحرةquot; الممولة اميركيًا quot;إن عدد الأصوات التي قلتم إنها 170 صوتًا لم يكن صحيحًا وإنما استلمت 160 صوتًا وعندما شكلت لجنة لتدقيق الأصوات انهالت علينا برقيات وتلفونات من نواب يطلبون حذف تواقيعهمquot;.

وكان رئيس اقليم كردستان أكد أن القوى الداعية لسحب الثقة من الحكومة لديها قائمة تضم 170 توقيعًا ستقدم إلى مجلس النواب للتصويت على هذا الإجراء. وقال طالباني موضحًا quot;إذا جمعنا وطرحنا فإن الأصوات ستكون 145 صوتًا وإذا أضيفت لها أصوات الاتحاد الوطني ستكون 156 صوتًاquot;. وأكد أنه لو كان راغبًا في إفشال مشروع سحب الثقة لما أضاف تواقيع نواب حزبه .. وطالب أطراف اجتماع أربيل بالكف عن استفزازه وتوجيه الإهانات والاتهامات اليه قائلاً إنه quot;يملك الرد المفحم على ذلكquot;.

وجدد الرئيس العراقي دعوته إلى عقد الاجتماع الوطني لحل الأزمة السياسية الحالية مضيفًا أنه quot;إذا رفض التحالف الوطني ورئيس الوزراء الاتفاقات السابقة والمطالب المشروعة حينئذ سأسحب الثقة دون الحاجة إلى تواقيع النوابquot;.

وحدد طالباني أربعة أسباب لرفضه توقيع طلب سحب الثقة من رئيس الحكومة، نافيًا أن يكون أيّ منها دفاعًا عن المالكي أو تزكية لجميع فعالياته.. واوضح أن هذه الأسباب هي:

أولا: إن رئاسة الوزراء من نصيب الأكثرية الشيعية فلا يجوز القفز عليها بطلب سحب الثقة وإنما ببذل الجهود لإقناعها بتبديل ممثلها لرئاسة الوزراء.
ثانيًا: إنني لم ولن أقف ضد الأكثرية الشيعية ومطالبها واستحقاقاتها ومع كل الاحترام للتيار الصدري إلا أنه لا يمثل إلا ربع عدد نواب الشيعة في البرلمان.
ثالثًا: إن التحالف الوطني أبلغني استعداده التام لتنفيذ الاتفاقات والأخذفي الاعتبار والاحترام اتفاقات أربيل الأولى والثانية.
رابعًا: إن الرئيس يظل محايدًا وراعيًا للاجتماع الوطني ولم الشمل وتوحيد الصف وإذا أجبرتني الظروف على مخالفة قناعاتي المبدئية هذه فسأقدم الاستقالة من رئاسة الجمهورية وأعود أمينًا عامًا لحزبي لأمارس حريتي الكاملة.

وكانت الكتل السياسية المعارضة لرئيس الحكومة المجتمعة في أربيل في 10 من الشهر الحالي اكدت على مواصلة تعبئة القوى النيابية لمواجهة quot;ظاهرة التحكم والانفرادquot; بإدارة الحكومة، فيما وجهت رسالة توضيحية إلى الرئيس طالباني يجري التأكيد فيها على صحة تواقيع النواب وكفاية العدد المطلوب دستورياً لسحب الثقة من المالكي.

النجيفي يرفض وساطة أميركية للقاء المالكي

إلى ذلك، أكد رئيس مجلس النواب العراقي رفضه وساطة اميركية طلبت منه لقاء المالكي مؤكدًا أن الوضع السياسي الحالي لا يحتمل عقد مثل هذه اللقاءات. ونفى النجيفي في تصريح صحافي ارسلت نسخة منه إلى quot;ايلافquot; اليوم الجمعة أنه سيعقد لقاء مع رئيس الوزراء نوري المالكي وأشار إلى أنّ التقارير التي تتحدث عن ذلك لا اساس لها من الصحة ولا تمت إلى الحقيقة بصلة.

وأشار النجيفي إلى أنّ مستشار نائب الرئيس الاميركي للامن القومي توني بلينكين الذي اختتم زيارة الى بغداد اليوم استمرت يومين واجتمع مع المالكي امس، قد اتصل هاتفيًا به وطلب عقد لقاء مع المالكي الا أنه رفض الطلب مؤكدًا quot;عدم امكانية عقد مثل هذا اللقاء دون العودة إلى آراء الاخوة المتحالفين معنا في التحالف الكردستاني وتيار الاحرار الصدري ومبينًا أن الوضع السياسي الحالي لا يحتمل عقد مثل هذه اللقاءاتquot;.

يأتي ذلك في وقت اجرى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اتصالاً هاتفيًا مع المالكي وبحث معه تطورات الأزمة السياسية الحالية. وتأتي مكالمة الصدر للمالكي بعد عودته من ايران امس الاول بعد زيارة استغرقت عشرة ايام أجرى خلالها مباحثات مع مسؤولين ايرانيين ويبدو أنه تعرض لضغوط هناك للتخلي عن موقفه المتشدد ضد المالكي. وامس الخميس أعرب الصدر عن شكره للمالكي على عقده جلسات مجلس الوزراء في المحافظات داعياً إياه إلى عدم اقتصارها على فترة الانتخابات.

وقال الصدر في رده على سؤال من أحد أتباعه بشأن عقد رئيس الحكومة اجتماعات مجلس الوزراء في المحافظات بالتزامن مع اجتماعات أربيل والنجف لمعارضيه إنه quot;لا يستبعد أن تكون هذه الخطوة المفيدة جاءت بعد ما أسميته بالضغوطات وقد اسميه بالاستجابةquot;. وأكد الصدر أنه quot;يجب علينا أن نشكره بهذا الخصوصquot;، داعياً إلى quot;الاستمرار بعقد الاجتماعات، وأن لا تكون محدودة بفترة الانتخاباتquot;.

واشنطن تؤكد حيادها في الأزمة السياسية العراقية

ومن جهتها، قالت السفارة الاميركية في العراق إن مستشار نائب الرئيس الاميركي للامن القومي توني بلنكن قد اوضح لجميع من تحاور معهم في العراق quot;أن الولايات المتحدة لا تنحاز إلى أي جانب في الوضع السياسي الراهنquot;. وأضافت أن الولايات المتحدة quot;مع أي حل يتوصل إليه العراقيون أنفسهم بما يتفق مع القانون العراقي والدستور وبشكل واضح وشفاف بحيث لا يشجع على إثارة العنف أو الإفضاء إليه.

واوضحت السفارة في بيان صحافي أن بلنكن التقى خلال الزيارة بمجموعة من كبار القادة العراقيين في مقدمتهم رئيس الوزراء نوري المالكي ونائبه حسين الشهرستاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسعود بارزاني كما تحادث هاتفياً مع كل من الرئيس جلال طالباني ووزير خارجيته هوشيار زيباري ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي.

وأضافت أن بلنكن حث القادة العراقيين على التحرك على وجه السرعة للتخفيف من حدة التوترات القائمة من أجل إعادة تركيز الجهود على التحديات الهامة التي تواجهها مرحلة بناء الدولة، بما فيها تلك الاستعدادات التي تجري لعقد انتخابات مجالس المحافظات والانتخابات المحلية في العام المقبل. وأكد على أن الولايات المتحدة تدعو جيران العراق إلى دعم حق العراق السيادي في اختيار حكومته... وقال: quot;إن الشعبين العراقي والأميركي قدما تضحيات كثيرة من أجل ترسيخ دعائم نظام دستوري وديمقراطي في العراق وهو النظام الذي سنستمر في تقديم دعمنا الثابت لهquot;.

وكان المالكي أكد خلال اجتماعه مع بلنكن أن العراق ينتهج سياسة مستقلة بعيدة عن سياسة المحاور وشدد على أن النظام الديمقراطي في العراق كفيل بحل مشاكله وتجاوز التحديات التي تعترضه... فيما أكد مستشار نائب الرئيس الأميركي تقارب وجهات النظر بين العراق والولايات المتحدة بشأن مشاكله الداخلية والأخرى التي تمر بها المنطقة.

يذكر أن رئيس الحكومة العراقية يواجه مطالبات بسحب الثقة منه من قبل عدة كتل سياسية أبرزها التيار الصدري والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني فيما يحذر نواب عن دولة القانون بزعامة المالكي من خطورة هذه الخطوة على العملية السياسية.