يواجه اجتماع يعقده ممثلو الكتل السياسية العراقية اليوم الاربعاء مهمة صعبة في الاتفاق على جدول أعمال موحد للمؤتمر الوطني لحل الأزمة السياسيّة الراهنة في البلاد وتوحيد أوراق عمل الكتل السياسية الثلاث إضافة إلى تحديد مكان وزمان المؤتمر خاصة مع رفض الرئيس العراقي جلال طالباني عقده قبل التوصل لورقة عمل واحدة يبحثها القادة تجنبا لاي فشل محتمل سيعقد الخلافات السياسية.


أسامة مهدي من لندن: علمت quot;إيلافquot; أن الرئيس العراقي جلال طالباني الذي دعا في وقت سابق إلى عقد المؤتمر الوطني لحل الأزمة السياسية يرفض حاليا عقده قبل توحيد اوراق العمل التي تقدمت بها الكتل الرئيسة الثلاث لمناقشتها خلال المؤتمر وهي: التحالف الوطني والعراقية والتحالف الكردستاني.

ووسط تحذيرات من فشل محاولات عقد المؤتمر الوطني لحل الأزمة السياسية فقد أبلغ طالباني الكتل الثلاث بعد اطلاعه على اوراق عملها التي قدمتها الى اجتماع اللجنة التحضيرية الذي عقد للمرة الثانية الاحد الماضي بضرورة توحيد مضامين اوراق عملها قبل المؤتمر الذي تجري محاولات لعقده اواخر الشهر الحالي بعد ان لاحظ تباينات واسعة في مضامين هذه الاوراق قد يؤدي عرضها جميعها في المؤتمر الموعود الى تفاقم الأزمة وفشل محاولات حلها في مهدها.

ففي وقت يرفض فيه التحالف الوطني في ورقته مناقشة قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي المتهم بقضايا ارهاب خلال المؤتمر وتركها الى القضاء وضرورة اعتذار نائب رئيس الوزراء صالح المطلك الى رئيس الحكومة نوري المالكي لوصفه بالدكتاتور.. فإن ورقة العراقية تدعو الى حل هاتين القضيتين قبل الذهاب الى المؤتمر المنتظر.. فيما يصر التحالف الكردستاني على ورقة مطاليبه التسعة عشر لحل المشاكل بين الحكومتين المركزية في بغداد والكردستانية في أربيل.

وتصر الكتلة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي على حل قضيتي الهاشمي والمطلك قبل الدخول الى المؤتمر الوطني وهو ما نصت عليه ورقتها التي قدمتها الى اجتماع اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام. وأكد رئيس كتلة العراقية النيابية سلمان الجميلي ان عرض قضية الهاشمي هي احد اشتراطات نجاح المؤتمر الوطني.

واوضح خلال مؤتمر صحافي ان كتلته ترى أن نجاح المؤتمر الوطني يكون في بحث قضيتي الهاشمي والمطلك محذرا من ان عدم مناقشة هاتين القضيتين سيعرقل أعماله. وأضاف أن القائمة العراقية حريصة على تفكيك الأزمة الناتجة من هاتين القضيتين معربا عن الامل في ان يتم حلهما قبل انعقاد المؤتمر. وشدد بالقول إن quot; القائمة العراقية تشترط لنجاح الملتقى الوطني حل قضيتي طارق الهاشمي وصالح المطلكquot;.

لكنه وبالعكس من ذلك فقد اكد حسن السنيد النائب عن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي ان قضيتي الهاشمي والمطلك لن تبحثا في المؤتمر لان قضية الأول قضائية بحتة ولا دخل للحوارات السياسية فيها بينما الثانية حكومية تتعلق بمجلس الوزراء الذي هو مسؤول عن حلها ولا دخل ايضاً للكتل السياسية في ذلك وهناك طلب مقدم من رئيس الوزراء نوري المالكي الى مجلس النواب الذي هو صاحب الشأن في قبول الطلب والتصويت عليه او رفضه.

وشدد السنيد في تصريح نقلته وكالة quot;كل العراقquot; بالقول quot;نحن في التحالف الوطني مصرون على عدم ادراج القضيتين في اللقاء الوطني لان اللقاء سيقتصر على البحث في صياغة الحكومة بعد مرحلة الانسحاب الاميركي واداء وتنظيم مؤسسات الدولة واستكمالهاquot;.

واشار الى انه سيتم خلال اجتماع اليوم توحيد المطالب المقدمة في الاوراق التي قدمتها الكتل السياسية الثلاث من اجل الخروج بورقة موحدةquot;.. مبينا ان كل جهة ستتحمل مسؤولية حل الخلافات المتعلقة بها. واوضح ان أي مشكلة او قضية خلافية ما زالت عالقة من بنود اتفاقية أربيل ستتم معالجتها خلال المؤتمر بما ينسجم مع الدستور. أما رئيس كتلة التحالف الكردستاني فؤاد معصوم فقد أكد وجود توافق على أن تكون إتفاقات أربيل قاعدة للتفاهمات على أن يجري وضع آليات لتطبيق البنود التي لم تستكمل.

وكان رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني قدم مبادرة اطلق عليها (اتفاقيات اربيل) لحل الأزمة السياسية في أيلول (سبتمبر) عام 2010 تتضمن آلية تشكيل الحكومة على ان يتولى رئاستها نوري المالكي ضمن تسع نقاط تعهدت جميع الإطراف السياسية تطبيقها لاحقاً.

وتضمنت اتفاقيات اربيل الالتزام بالدستور، وتحقيق كل من التوافق والتوازن، وإنهاء عمل هيئة المساءلة والعدالة، وتفعيل المصالحة الوطنية، وتشكيل حكومة شراكة وطنية. كما تضمن الاتفاق ايضا منح منصب رئاسة الوزراء للتحالف الوطني وتشكيل مجلس جديد أطلق عليه quot;مجلس السياسات الاستراتيجيةquot; تناط رئاسته بالقائمة العراقية وتحديدا اياد علاوي الذي قرر في وقت سابق تخليه عن المنصب. وحمّل رئيس اقليم كردستان في تشرين الاول الماضي رئيس الوزراء نوري المالكي مسؤولية عدم تطبيق اتفاقيات اربيل وقال إن quot;الجزء الأكبر من المسؤولية ذلك تقع على عاتق المالكي باعتباره رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحةquot;.

وكانت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني المنتظر التي عقدت اجتماعها الاول منتصف الشهر الماضي والثاني في السادس من الشهر الحالي قد اكدت خلالهما الرئاسات العراقية الثلاث وممثلو الكتل السياسية الرئيسة الالتزام بضمان إنجاح قمة بغداد العربية وإبعاد القضاء عن التسييس والوقوف جميعا ضد الارهاب ووضع خارطة طريق لتعزيز العملية السياسية.. فيما دعت الرئاسة مندوبا عن التركمان للمشاركة في الاجتماع وذلك بعد ساعات من احتجاج ممثليهم في مجلس النواب على عدم دعوتهم للمشاركة فيه.

وفي ختام اجتماع اللجنة الثاني الاسبوع الماضي اكد الرئيس العراقي ضرورة استمرار الجهود للوصول الى السبل الكفيلة بإنهاء المشاكل وتذليل المعوقات التي تعترض العملية السياسية والانتقال الى مرحلة جديدة وهي مرحلة بناء الدولة ومؤسساتها وفق الدستور والقانون. وطلب من اللجنة التحضيرية وضع خريطة طريق لمواصلة العملية السياسية في اطار الدستور العراقي واتفاقات اربيل لعام 2010، لعرضها على قادة الكتل السياسية.

وقد حذرت مصادر عراقية من ان فشل المؤتمر العام المنتظر سينهي العملية السياسية الراهنة برمتها ويقود العراق الى فراغ قد يؤدي الى حل مجلس النواب واجراء انتخابات عامة مبكرة الامر الذي سيدفع باتجاه انهيار امني خطير بدأت ملامحه الحالية تظهر من خلال توسع عمليات التفجير في اكثر من مدينة عراقية.

يذكر ان الخلافات بين المالكي وشركائه في القائمة العراقية قد تصاعدت إثر اقامة دعوى ضد نائب رئيس الجمهورية القيادي في العراقية طارق الهاشمي بتهمة quot;قيادة فرق موتquot; وكذلك مطالبة رئيس الوزراء من مجلس النواب حجب الثقة عن نائبه القيادي في العراقية ايضا صالح المطلك اثر اتهامه للمالكي بquot;الدكتاتوريةquot; وquot;الانفرادquot; بالسلطة ما دعا وزراء ونواب القائمة لمقاطعة اجتماعات مجلسي الحكومة والنواب. لكن الهاشمي الذي لجأ الى اقليم كردستان الشمالي ينفي بشدة التهم الموجهة اليه بدعم الارهاب ويطالب بنقل محاكمته الى كردستان الامر الذي تعارضه بغداد.