باتت مدينة قم المقدسة في إيران تلعب دورًا لافتًا على مدار الأيام القليلة الماضية في التحضير لانتخابات الرئاسة المقررة هناك بعد أيام، حيث أضحت مقصدًا رئيسًا لكل المرشحين، في ظل سعي كل منهم إلى نيل جزء من كوكتيل المال والسياسة والدين، وهي كلها أمور تمثلها المدينة، التي يقيم فيها بعض من أبرز رجال الدين في البلاد.


في الوقت الذي يحمل فيه المرشحون الثمانية، الذين تم اختيارهم بعناية من جانب الحكومة، وجهات النظر نفسها تقريبًا بخصوص القضايا الرئيسة، إلا أنهم جميعًا يحتاجون أن يتأكدوا من تلقي الدعم، الذي يعتبرونه ضروريًا ولازمًا من مدينة قم تحديدًا.

وقال صحافي إيراني، يدعى فرشاد غوربانبور، quot;يعتبر رجال الدين الكبار في قم من بين عدد محدود من الأشخاص في البلاد الذين بوسعهم توجيه الانتقادات بشكل صريح إلى كل السياسيين، إن شعروا بحاجة إلى ذلك. وأنا أتصوّر أن سعيهم من أجل الظفر بدعمهم لا يهدف إلى منع حملات التأنيب العامة فحسب، بل يعني كذلك ضمان دعم أنصارهمquot;.

استمالة المسيّسين
وفي هذا السياق أشارتصحيفة نيويورك تايمز الأميركية إلى أن مركزية مدينة قم بالنسبة إلى الانتخابات تميل إلى جذب الأشخاص ذوي الفكر السياسي، رغم تحدث القليلين في قم صراحةً ضد الحكومة.

وأوضح رحمن عسكري، 26 عامًا، وهو طالب يدرس تكنولوجيا المعلومات وعلم التوحيد من مدينة زنجان، أن الانتخابات المقبلة تعتبر فرصة لكي يتمكنوا أخيرًا من تحقيق الأهداف الخاصة بثورة عام 1979.

وأضاف أن الوقت قد حان بالفعل لكي تكون إيران دولة أكثر اتشاحًا بالطابع الإسلامي، وطالب في الوقت عينه بتشديد السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية بشكل أكبر.

وتابع عسكري، معترفًا بأنه مثله مثل معظم رجال الدين البارزين في مدينة قم يدعم المرشح سعيد جليلي، بقوله: quot;التنمية الإسلامية لا تعني أبدًا الرجوع إلى الخلف. وجليلي رجل متدين. وأوصانا الإسلام بضرورة ألا نستسلم في مواجهة الضغوط، بغضّ النظر سواء كانت عقوبات، حرباً أو انتقادات يتم توجيهها إلى برنامجنا النوويquot;.

قاسم أميركي مشترك
ولفتت نيويورك تايمز إلى أن مرشحي انتخابات الرئاسة في إيران يسعون إلى الحصول على مباركة رجال الدين البارزين بالطريقة نفسها التي يسعى من خلالها مرشحو انتخابات الرئاسة الأميركية إلى الحصول على ود المانحين والمتبرعين الأثرياء.

وأشارت الصحيفة إلى أن جليلي زار مدينة قم مرتين في الأسبوع الماضي، للحصول على دعم آية الله محمد تقي مصباح يزدي، الذي يعتبر، وفقًا لآراء محللين، ثاني أبرز رجال الدين في إيران، بعد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي.

وسبق ليزدي أن قال من قبل في مناسبات عدة إنه يجب استغلال الانتخابات كطريقة، يتم التأكيد من خلالها على سيادة رجال الدين. كما أثنى على جليلي لعدم انخراطه في موضوعات رائجة، مثل الاقتصاد، وتركيزه بدلًا من ذلك على quot;القيم الثورية والإسلاميةquot;.

دعم الاقتصاد أولوية
كما سبق أن قام مرشحون بارزون آخرون، مثل محمد باقر قاليباف وعلي أكبر ولايتي، بزيارات مهمة إلى مدينة قم، على مدار الفترة الماضية. غير أن الصحيفة لم تغفل أن تشير إلى أن الأخطاء السياسية تقترن دومًا بثمن باهظ في قم. حيث سبق أن أثير جدال بين نجاد ورجال الدين هناك، الذين اعتبروه يتحدى سلطاتهم الخاصة.

وقال عامل في موقف سيارات، يدعى مهدي، 40 عامًا، إن قطاع الأعمال مصاب بحالة من التباطؤ. وتابع بعد رفضه الإفصاح عن اسمه بالكامل quot;نحن بحاجة إلى إصلاح اقتصادنا. أنا أحب الإسلام، لكن كيف لنا أن نعالج تضخمًا قائمًا بنسبة 100 %؟، سأمنح صوتي لأي شخص لديه خطة جيدة، لكنني لم أر أحدًا بتلك المواصفات حتى الآنquot;.