في الوقت الذي يستعد فيه الكثير من الناخبين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية الإيرانية هذا الأسبوع، لن يكون هناك فرق حقيقي بين وضع علامة في خانة المرشح quot;سعيد جليليquot; أو المرشح quot;محمد قاليبافquot;، فكلاهما لا يختلفان عن بعضهما كثيرًا.


الأول مسؤول المفاوضات النووية الإيرانية الذي اتخذ من مقاومة الغرب منهجًا لحملته الانتخابية، ويعتزم نشر الثورة الإسلامية في إيران في أنحاء العالم كافة. أما الثاني فهو رئيس الشرطة السابق الصعب المراس، الذي يفاخر علنًا بضرب المحتجّين شخصيًا أثناء المظاهرات المناهضة للحكومة.

الأولوية للولاء
الاختيار بين مرشح موالٍ للنظام وآخر هو أقرب ما يملكه الناخب الإيراني إلى quot;الخيار الديمقراطيquot; في الانتخابات الرئاسية يوم الجمعة، التي من شروطها أن يكون المرشحون فقط أولئك الذين يظهرون ولاءهم الكامل لقائد البلاد الأعلى آية الله علي خامنئي.

حرصًا على عدم تكرار أعمال العنف واسعة النطاق التي أعقبت انتخابات العام 2009، عندما ادّعى المخيم الإصلاحي الإيراني سلب الانتصار منه بتزوير عمليات التصويت، قرر خامنئي أنه سيكون من الأفضل إذا لم تتضمن المنافسة أي معارض للنظام على الإطلاق.

هذه المرة، يقبع المرشح الإصلاحي الرئيس لعام 2009، مير حسين موسوي، سجينًا سياسيًا في منزله في إحدى ضواحي طهران، حيث وُضع تحت الإقامة الجبرية طوال العامين الماضيين.

ولضمان quot;راحة البالquot; في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، تم تقييد الناخبين للاختيار بين ثمانية مرشحين من مختلف الأشكال المحافظة، من ضمنهم جليلي (47 عامًا) وقاليباف (51 عامًا) باعتبار أنهما الأكثر حظًا بالفوز.

انحسار الآمال
لكن بالنسبة إلى الإيرانيين الذين كانوا يأملون في رئيس جديد يخفف من حدة التوتر مع الغرب، يبدو أن المرشحين الرئاسيين لا يحملون معهم الكثير من الأمل.

يعتبر جليلي، الذي يشغل مركز مسؤول المفاوضات النووية الإيرانية، الشخصية المفضلة لدى المرشد الأعلى، الذي اختير لهذا المنصب جزئيًا بسبب تشدده وانحيازه بلا هوادة، الأمر الذي يقول المراقبون إنه سيجعل الرئيس المنتهية ولايته، محمود أحمدي نجاد، يبدو طيّعًا ومعتدلًا مقارنة به.

أما قاليباف، محافظ مدينة طهران، الذي ورث مركزه عن أحمدي نجاد عندما أصبح الأخير رئيسًا للبلاد في عام 2005، فكان له الفضل في صنع quot;فوضى أقلquot; بكثير من سلفه. إلا أن مكانته باعتباره تكنوقراطيًا في حكومة معبأة بالعقائديين تسير جنباً إلى جنب مع سجله quot;الفخورquot; باعتباره اليد التنفيذية للنظام.

فخور بالضرب
في الشهر الماضي، ظهر شريط مسجل لخطاب ألقاه قاليباف أمام ميليشيات موالية للنظام، تفاخر فيه بمسيرته في الشرطة الوطنية، وعندما أخذ في عام 1999 زمام الأمور شخصيًا في قمع المظاهرات الطلابية. وقال: quot;أنا كنت من بين أولئك الذين نفذوا أعمال الضرب على مستوى الشارع، وأنا فخور بذلكquot;.

وأضاف: quot;لم أكن أهتم لشيء، فأنا كنت قائدًا رفيع المستوى، كما لعبت في العام 2009، دورًا نشطًا في قمع (الفتنة) في احتجاجات الشوارع التي أعقبت الانتخاباتquot;.

الشخصيات المعارضة والإصلاحية في إيران تشعر باليأس والهزيمة مع اقتراب الانتخابات، ويعتبرون أنها لن تقدم أي جديد.
بالنسبة إلى البعض، فمجرد إلقاء القبض عليهم أو ضربهم في احتجاجات الشوارع عام 2009 كان كافيًا لإبقائهم بعيدًا عن السياسة. أما أولئك الأكثر تصميمًا، فقد ضمن السجن صمتهم، بعدما حكم عليهم بعقوبات تصل إلى السجن لمدة سبع سنوات.

خسرت الشباب والطبقة الوسطى
quot;هناك مزاج من الاستسلام واللامبالاةquot;، قالت زهرة، ناشطة سياسية إصلاحية في إيران، رفضت الإعلان عن اسمها الحقيقي، مشيرة إلى أن السياسة لم تعد تهمّ الطبقة الوسطى أو الشباب.

وقالت زهرة لصحيفة الـ quot;تليغرافquot; إن quot;الناس يفضلون الصمت في الأماكن العامة والخاصة على حد سواء، ويعتبرون أن النظام لن ينفع معه الإصلاح، والأمل الوحيد لديهم هو أن ينهار عاجلًا أم آجلًاquot;.

مع ذلك، يفضل بعض الإصلاحيين أن يشاركوا في التصويت بدلًا من المقاطعة الجماعية، فتقول زهرة: quot;أولئك الذين ليس لديهم أي أمل في مغادرة البلاد يعتقدون أنه من الأفضل أن يشاركوا في الاقتراع، لأن هناك فرصة ضئيلة في أن يكون الوضع في إيران أفضلquot;.

وأضافت: quot;هل نستطيع حقاً أن نقوّض شرعية النظام من خلال عدم التصويت؟، بالطبع لا. كل ما سيحصل هو أن الحكومة سوف تخفض عدد مراكز الاقتراع، لتعطي صورة صفوف الانتظار الوهمية التي يظهر فيها الناس وكأنهم يتدفقون إلى صناديق الاقتراعquot;.