قررت دول الخليج ترحيل من يثبت انتسابه إلى حزب الله، أو تمويله الحزب بالمال، عن أراضيها، في تدبير متشدد أثار الخوف بين اللبنانيين، الذين يخشون أن يؤدي غياب المعايير الواضحة إلى ذهاب الصالح بجريرة الطالح.


بيروت: يخشى الشيعة اللبنانيون، المقيمون في دول الخليج العربي، من تعرضهم وعائلاتهم للترحيل، بسبب الغضب الخليجي من تدخل حزب الله في النزاع السوري إلى جانب بشار الأسد، خصوصًا أن دول مجلس التعاون الخليجي أكدت اتخاذها تدابير مشددة بحق منتسبين إلى حزب الله، في معاملاتهم المالية والتجارية وفي إقاماتهم.

وكانت وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن مصدر حكومي لبناني تأميده أن قطر اتخذت قرارًا بترحيل 18 لبنانيًا، بعد القرار الذي اتخذه مجلس التعاون الخليجي في العاشر من حزيران (يونيو) الجاري بإدراج حزب الله على قائمة المنظمات الارهابية، وتأكيدها علنًا، في خطوة غير مسبوقة، انها ستستهدف المنتسبين لحزب الله المقيمين على أراضيها.

ورد أمين عام حزب الله حسن نصرالله على القرار بالقول إن لا منتسبين للحزب في الخليج، وبالتأكيد أن الحزب سيتحمل العواقب المترتبة عن مشاركته في المعارك في سوريا. غير أن العواقب ليست كلها سياسية، ففي الخليج 360 ألف لبناني، يحولون إلى لبنان نحو أربعة مليارات دولار سنويًا، وخسارة هذه التحويلات تقصم ظهر الاقتصاد اللبناني المنهك.

شيعة وغيرهم

بالرغم من التاكيدات الخليجية الرسمية بأن التدابير الجديدة لن تطال إلا المنتسبين لحزب الله دون غيرهم، لكن الشيعة الذين يعملون منذ سنوات طويلة في الخليج خائفون من تنفيذ الاجراءات بحق كل شيعي، من دون النظر إن كان منتسبًا لحزب الله أو حتى مناصرًا له أم لا، ويؤكدون أن بينهم الكثيرين ممن يعارضون قرار حزب الله التورط عسكريًا في سوريا إلى جانب النظام السوري.

إلى جانب الشيعة، يتفشى الخوف في نفوس مسيحيين عاملين في دول الخليج، إذ يخشون أن يؤخذوا بجريرة الشيعة، إذا ما تم الربط بينهم وبين أنشطة حزب الله بسبب تحالف بعض الأحزاب المسيحية معه، وخصوصًا التيار الوطني الحر، الذي يتمتع بشعبية واسعة بين المسيحيين اللبنانيين.

وقال عبد العزيز العويشق، الأمين العام المساعد لمجلس التعاون لشؤون المفاوضات والحوار الاستراتيجي، في حديث صحفي: quot;تتمثل الخطوة الأولى في رصد التحويلات المالية لحزب الله والنظام السوري والمؤسسات والأفراد الذين يعملون واجهات لهما، وينطبق الأمر نفسه على الجهات المتحالفة معهما، مثل ميشال عونquot;.

هذا، وقد تواترت أنباء عن عشرات تم ترحيلهم من قطر، إضافة إلى 18 لبنانيًا أعلن عنهم أمس. كما تحدث لبنانيون مقيمون في السعودية عن ترحيل عشرة لبنانيين على الأقل، لكنهم ليسوا جميعًا من الطائفة الشيعية.

خوف الاقامة

كثير من الشيعة في الخليج لا يشاطر حزب الله رؤيته السياسية، في لبنان وسوريا، خصوصًا أن الشيعة كانوا لزمن طويل في لبنان خزان الحركات اليسارية والقومية العربية. حتى أن الآلاف من الشباب الشيعة التحقوا بالمنظمات الفلسطينية قبل اجتياح إسرائيل لبنان في العام 1982.

من هؤلاء علي، الذي يعمل في قطر، والذي تنقل عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله: quot;اتيت هنا بسبب الوضع الاقتصادي السيئ في بلدي، وهربت لأن حزب الله يتحكم بمصير طائفتي، وآمل ألا يؤدي قلق دول الخليج المبرر إلى ظلم الناس، فليس كل الشيعة مع حزب اللهquot;.

وتساءل لبناني شيعي آخر مقيم في الامارات ردًا على كلام نصرالله quot;هل هذا يعني انه سيدفع لي راتبي الذي اجنيه اذا ما تم ترحيلي؟quot;. وأكد هذا الشاب انه يرفض تدخل حزب الله في سوريا.

وأمر الإقامة هو ما يقلق اللبنانيين، شيعة وغيرهم، خصوصًا أن لا معايير واضحة معتمدة لتحديد من هو المنتسب إلى حزب الله، ومن هو غير المنتسب. وأخبر مسؤول لبناني وكالة الصحافة الفرنسية أن اقامات العشرات من اللبنانيين لم تجدد، حتى قبل الاعلان الخليجي الرسمي الاخير حول استهداف المنتسبين لحزب الله، فيما أكد علي عوض العسيري، سفير السعودية في لبنان، ترحيل كل من يدعم حزب الله، quot;الذي أخطأ بحق نفسه وحق طائفته ولبنانquot;.

واوضح العسيري في مقابلة متلفزة أن القرار يستهدف من يقدم دعمًا ماديًا ملموسًا للحزب، quot;والمعيار الذي تتبعه السعودية هو أمن البلاد، وهو متعلق بمن هو متورط بتعريض الأمن الخليجي للخطر، مع التأكيد أن الطائفة الشيعية جزء من النسيج الاجتماعي في السعوديةquot;.