عندما علق موظف الاستخبارات الأميركية السابق إدوارد سنودن في منطقة الترانزيت في مطار quot;شيريميتيفوquot; الدولي في موسكو، عاد إلى أذهان الجميع فيلم quot;ترمينالquot; للممثل الأميركي توم هانكس.

ولكن مراسلة هيئة الإذاعة البريطانية quot;بي بي سيquot; في كازاخستان، ريحان ديميتري، وجدت حالة أشبه بالفيلم في مطار ألما أتا الكازاخي حيث يعيش مواطن فلسطيني في منطقة الترانزيت فترة طويلة من الزمن.
محمد البخيش، مواطن فلسطيني، يعيش منذ حوالي أربعة أشهر في منطقة الترانزيت في مطار ألما أتا في كازاخستان، ليذكر بأحداث هذا الفيلم الهوليودي، ولكن يبقى الفارق الوحيد هو نهاية هذا المصير فهل يكون quot;سعيداquot; لمحمد كما كان لتوم هانكس؟
مكان سكنه غرفة صغيرة جدا تقع في صالة القادمين بالقرب من مكتب الخدمات القنصلية في المطار. تخلو هذه الغرفة من النوافذ وبالتالي هي معزولة عن أي إمكانية دخول أشعة الشمس أو ضوء النهار إليها.
في هذه الغرفة الصغيرة المعتمة توجد زاوية صغيرة وضعت فيها طاولة صغيرة وكرسي، أما الزاوية الأخرى فخصصت لسرير من طابقين، خلاصة الوصف هو أن هذه الغرفة أشبه بحجمها ومحتوياتها بغرفة حارس في مبنى.
ويقول محمد البالغ من العمر 26 عاما: quot;مئات الركاب يصلون يوميا، يعبرون نقاط جوازات السفر ومنها يخرجون إلى المدينة وأبقى أنا هناquot;.
وفي رد على سؤال حول وضع محمد، أجابت السفارة الفلسطينية في كازاخستان برسالة خطية جاء فيها: quot;محمد البخيش ولد في العراق وهو لاجئ. لا يملك محمد جواز سفر فلسطينيا ولذا إسرائيل لا تسمح له بالعودة إلى فلسطين. والكل يعرف أن هناك حوالي 6 ملايين لاجئ فلسطيني في مختلف أنحاء العالم وإسرائيل لا تبدو راغبة حاليا في معالجة هذه المسألةquot;.
وبالعودة إلى محمد، هو لم يكن يوما في فلسطين، لقد ولد في بغداد في أسرة لاجئين فلسطينيين وهو اليوم، حسب كلامه، يتيم.
يقول محمد: quot;ليس لدي لا إخوة ولا أخوات. توفيت والدتي عندما كنت في السادسة عشر من عمري إثر مرض أصابها، أما والدي فقد قتل. أدخلوا إلى الإنترنت وإبحثوا عن فلسطينيي العراق وعندها تعرفون كيف يعيش اللاجئون هناكquot;.
وقصة محمد بدأت عندما غادر إلى دبي منذ خمس سنوات حيث عمل مصمما، وتعرف هناك على أوليسيا غريشينكو من كازاخستان.
وقرر محمد وأوليسيا الزواج بعد قصة حب راحت تكبر بينهما.
وحضر محمد لأول مرة إلى كازاخستان في أيلول/سبتمبر 2012 وبدأ ومحبوبته بجمع الوثائق الضرورية لعقد القران.
وقالت أوليسيا إن كمّا هائلا من المشاكل اعترض طريق زواجهما وإحدى هذه المشاكل كانت تتمثل في موقف مكتب شرطة الهجرة في كازاخستان عندما قال منتسبوه لمحمد بالحرف الواحد: quot;عندنا من يكفينا من الإرهابيينquot;.
إلا أن الخطأ الأساسي كان عندما غادر محمد كازاخستان لتجديد تأشيرة الدخول وبدلا من التوجه إلى دبي كما كان يفعل دائما ذهب على تركيا حيث تبين أنه بحاجة إلى تأشيرة دخول. وبالتالي تم ترحيله إلى كازاخستان مباشرة وتكررت هذه الحالة أربع مرات إلى أن قررت كازاخستان وضعه في منطقة الترانزيت التي لا تعتبر أرضا كازاخية.
يقول محمد:quot; تعبت من هذه الحالة ولاسيما من الضغط المستمر وأريد أن أعيش كأي إنسان طبيعيquot;.
أصبح محمد جزءا من هذه المنطقة، من منطقة الترانزيت، أصبح يعرف كل عامل فيها. لزيارته تأتي أوليسيا مرة في الأسبوع لتحضر له الملابس النظيفة، أما الطعام فهو يتناوله على حساب شركة quot;آير أستاناquot; للخطوط الجوية.
في حزيران/يونيو الماضي رفضت هيئة الهجرة الكازاخية منح محمد صفة اللاجئ من منطلق أنه لا يقع تحت هذه الفئة نظرا لعدم تعرضه للخطر في البلاد التي حضر منها.
أما أوليسيا فتقول إن كافة محاولاتها لحضور أي من اجتماعات اللجنة المختصة التي نظرت في قضية محمد، باءت بالفشل.
يقع ملف قضية محمد اليوم في يد ممثلية المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة لهيئة الأمم المتحدة، ولكن لا أحد يعلم متى ستجد قضية محمد نهايتها.