قال نائب وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز الذي زار مصر الاثنين والتقى شخصيات سياسية عديدة من غير الإخوان، إن واشنطن لن تقف في صف أي طرف، وذلك في محاولة لمعالجة مخاوف طرفي الانقسام السياسي.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: فيما وصف بأنه تعبير عن القلق الأميركي المتزايد حيال ما يجري في مصر، منذ الإطاحة بنظام حكم جماعة الإخوان، وعزل الرئيس محمد مرسي، واحتجازه من قبل الجيش، قام نائب وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز، بزيارة للقاهرة، إلتقى خلالها الرئيس الموقت، عدلي منصور، ووزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وعدداً من الرموز السياسية، وسط حالة من السخط العام ضد أميركا من قبل مؤيدي ومعارضي مرسي، لاسيما أن كلا الطرفين يتهم واشنطن بالانحياز للطرف الآخر ضده.

لا دعم لطرف ضد آخر

التقى بيرنز الرئيس الموقت، عدلي منصور، كما التقى وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، واجتمع برئيس الوزراء المكلف حازم الببلاوي.

ونفى بيرنز أن تكون أميركا تتدخل في الشأن المصري، أو أنها تقف إلى جانب طرف على حساب الطرف الآخر، وقال بيرنز: quot;المصريون فقط هم من يقررون مصيرهم ومستقبلهم ويرسمون طريق الديمقراطية الخاص بهمquot;، مشيراً إلى أن quot;الولايات المتحدة لن تحاول فرض نموذجها على مصر، ولن تدعم أطرافاً أو شخصيات بعينهاquot;.

وأضاف في تصريحات صحافية، أن quot;الولايات المتحدة ملتزمة بمساعدة مصر على تحقيق ديمقراطيتهاquot;، مشدداً على أن quot;الأولوية في مصر لإنهاء العنف وبدء الحوارquot;، ونوّه بأن quot;أميركا تدين العنف في المظاهرات وأعمال العنف في سيناءquot;.

واستبعد بيرنز quot;تكرار السيناريو السوري في مصر، لأن المصريين يدركون تبعات الدخول إلى دوامة العنف، وقال: quot;لا يعتقد أن مصر تواجه خطر تكرار مأساة سوريا، التي لقي فيها أكثر من 100 ألف شخص مصرعهم في حرب أهلية دخلت عامها الثالثquot;.

الإخوان ترفض لقاء بيرنز

رفضت التيارات الإسلامية، لاسيما جماعة الإخوان المسلمين، لقاء نائب وزير الخارجية الأميركي، وقال حمدي حسن القيادي بحزب الحرية والعدالة، لـquot;إيلافquot;، إن جماعة الإخوان ترفض لقاء أي مسؤول أميركي، معتبراً أن الجماعة أو الحزب يرفضون أن يصافحوا أي إنسان ساهم في الانقلاب على الشرعية أو ساهم في سفك دماء المصريين، وأتهم أميركا بـquot;دعم الانقلاب على الديمقراطية، والإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي، وحل مجلس الشورى المنتخب، وتعطيل الدستور الذي جاء بإرادة المصريينquot;.

وقال إن إستعادة الشرعية لن تتم إلا عبر الوسائل السلمية، وقال: quot;نحن مستمرون في الاعتصام والفعاليات السلمية إلى أن تتم إعادة الشرعية، والإفراج عن الرئيس محمد مرسي، وعودته إلى منصبه، لن نشارك في أية عمليات سياسية، ولن نعترف بما يجري من عمليات تجميل لوجه الانقلاب العسكري الدمويquot;، على حد تعبيره.

إرادة شعبية وليس إنقلاباً

اجتمع نائب وزير الخارجية الأميركي، بعدد من الرموز السياسية والثورية، ومنهم، أحمد ماهر، مؤسس حركة 6 أبريل، وقال ماهر إن لقاءَه مع بيرنز، جاء ضمن مقابلات المسؤول الأميركي مع ممثلي القوى السياسية المصرية.

وأضاف في تصريح مكتوب تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه، إنه تحدث مع بيرنز عن 30 يونيو/ حزيران، باعتباره quot;موجة ثورية من موجات ثورة 25 ينايرquot;، مشيراً إلى أن الإطاحة بمرسي، تمثل quot;الارادة الشعبية تم تنفيذها بعد استنفاذ كل الفرص وكل النصائح لمرسي وجماعته، وبعد أن أغلق نظام الاخوان كل الطرق المؤدية لأي تغيير سياسيquot;.

ودعا ماهر quot;الحكومة الأميركية لاحترام تلك الإرادة الشعبية واحترام سعي الشعب المصري للحرية والديمقراطية واستقلال القرار المصريquot;.

وأضاف موجهاً حديثه لبيرنز quot;إن كانت الولايات المتحدة ترغب حقاً في مساعدة الشعب المصري فعليها أولاً احترام إرادة الشعب المصري وعدم محاولة التأثير على القرار المصريquot;، مشيراً إلى أن quot;الشباب المصري لن يتوقف حتى تتحقق أهداف الثورة من حرية وكرامة وعدالة اجتماعية وسيتم إسقاط أي استبداد يعوق ذلكquot;.

وقال ماهر لمساعد وزير الخارجية الأميركي إن quot;الفترة القادمة سينصب فيها الاهتمام على بناء مصر الجديدة التي تقوم على التسامح واحترام الآخر ومشاركة كل القوى والتيارات في العملية السياسية بعد المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، وأن كل هذا سوف يكون بقرار وطني مستقل ولن يخضع لأي رغبات خارجيةquot;، على حد قوله.

أمن إسرائيل ومصالح أميركا

من جانبه، قال محمود شكري، مساعد وزير الخارجية السابق لـquot;إيلافquot; إن الاستقرار في مصر يصب في مصلحة الأمن القومي الأميركي، وأمن إسرائيل، لاسيما في ظل انهيار العديد من الأنظمة بالمنطقة، مشيراً إلى أن أميركا تحرص على التواصل مع أي حكومة مصرية يختارها الشعب، ولفت إلى أن واشنطن تعلمت من درس 25 يناير، ألا تدعم أنظمة، وإنما تتعامل مع الشعوب.

ونبّه إلى أن الاتصالات الأميركية عبر وزير الدفاع جاك هيجل، والسفيرة الأميركية بالقاهرة، آن باترسون، ثم زيارة بيرنز، تعني أن أميركا تعترف بالنظام الحاكم الجديد، ولا تعتبر ما حدث في 3 يوليو/ تموز انقلابًا عسكرياً.

وأشار إلى أن أميركا يهمها أن تظل علاقاتها قوية مع الجيش المصري، ويهمها أن يظل قوياً وصامداً أمام أية تغييرات في السياسة الداخلية، ولفت إلى أن أميركا تسعى لأن يظل القاسم الأكبر من تسليح الجيش المصري أميركياً، وأن يظل ممر قناة السويس آمناً، وأنتبقى معاهدة السلام مع إسرائيل قائمة، وأن تمارس مصر دوراً في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وشدد على أن أميركا تسعى الى إقامة نظام ديمقراطي في مصر، لكنها بأية حال من الأحوال لم تكن تحبذ أن يكون هذا النظام إخوانياً أو إسلامياً، مشيراً إلى أن أميركا تعتبر أن نجاح أي نظام إسلامي في مصر سوف يكون في غير مصلحتها، وسوف يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة، لاسيما في ظل وجود فروع لجماعة الإخوان المسلمين في دول الخليج والأردن، والجزائر والمغرب.