يرى خبراء ومراقبون أن صواريخ أس 300 الروسية لن تنقذ الرئيس السوري بشار الأسد، وذلك كونها معقدة تقنياً ولن تجد الولايات المتحدة الأميركية صعوبة في تجاوزها، وكذلك ستكون عرضة للاستهداف من الثوار.


قرار روسيا بتزويد حليفها السوري بأنظمة اس ndash; 300 المتطورة للدفاع الصاروخي، أثار موجة من المخاوف والتحليلات حول كيفية تأثير هذا القرار على الموقف العسكري للحكومة السورية وبقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة.

وفي وقت تبذل إسرائيل كل ما في وسعها لاقناع موسكو بعدم المضي قدماً في تسليم الصفقة الموعودة. يبدو القادة الروس مصرّين باعتبار أن الهدف من هذه الأسلحة، هو ردع التدخل الأجنبي، وفقاً لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

وبات العديد من المحللين مقتنعين بالمنطق الروسي، إذ أن التقييمات الأخيرة تسلط الضوء على مقدرة هذه الأسلحة الإستراتيجية في التحكم وquot;تغيير قواعد اللعبةquot;.

احتمال الحرب الإقليمية

ومن هذه التقييمات أن بطاريات اس ndash; 300 من شأنها أن quot;تغيّر ميزان القوىquot; في المنطقة وجعل التدخل الأجنبي في سوريا quot;صعباً للغايةquot;. وبينما يخصص هذا السلاح للردع، يرى مراقبون أن قدرة نظام الأسد على ضرب أهداف في إسرائيل وفي دول أخرى حليفة للولايات المتحدة في المنطقة تزيد من احتمال اندلاع quot;حرب اقليميةquot;.

ورغم هذه التكهنات، تحدثت صحيفة الـ quot;فورين بوليسيquot; عن أربعة أسباب تجعل من غير المحتمل أن تشكل بطاريات اس ndash; 300 تحدياً كبيراً على قدرات الولايات المتحدة على التدخل بشكل حاسم عن طريق الجو في سوريا.

لكن في الوقت ذاته، انتقال هذه الاسلحة إلى سوريا ينفي الحجة التي تشير إلى أنها تساهم تلقائياً في مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة، إذ أن مقارنتها بالأسلحة التي تمتلكها غيرها من دول شرق الأوسط يجعلها غير منطقية على الإطلاق.

اربعة اسباب

أولاً، على الرغم من أن الولايات المتحدة لم تواجه أنظمة اس ndash; 300 في القتال، إلا أن مجموعة من حلفائها - بما في ذلك بلغاريا واليونان وسلوفاكيا ndash; استخدمت أنظمة متغيّرة من هذه البطاريات. من خلال تحالفاتها، تمكنت الولايات المتحدة من الوصول إلى هذه النظم وجمعت البيانات التي يمكن أن تسهل وضع تدابير مضادة.

ومؤخراً في عام 2012، قامت منظمة حلف شمال الأطلسي بعملية تدريب اختبرت فيها قدرة الطائرات المقاتلة المختلفة على القيام بعمليات مضادة لأنظمة صواريخ اس ndash; 300 PMU السلوفاكية، وهي واحدة من المتغيّرات لنظام اس ndash; 300 الروسي.

ثانياً، نظام اس ndash; 300 الذي يتميز بالتعقيد التقني يثبت أنه من الصعب جداً تشغيله بالنسبة للجيش السوري، فالجنود والخبراء يحتاجون إلى أشهر من التدريب لتشغيل وصيانة هذه الأنظمة حسب بعض التقديرات، وربما ما يفوق العام قبل أن يتمكنوا من استخدامها بشكل موثوق.

بحلول ذلك الوقت، المحافظة على الدفاع الجوي القوي قد يكون آخر ما يقلق نظام الأسد الذي يكافح للسيطرة على المعارك على أرض الواقع. تدريب الموظفين وتطوير المرافق لتشغيل وإصلاح صواريخ اس-300 يعني أن الحكومة السورية ستنفق مواردها الشحيحة وقواتها التي هي بأمس الحاجة لها.

كما أن هذه الأنظمة ستكون عرضة لهجوم بري من قبل قوات الثوار تماماً مثل الدفاعات الجوية السورية على مدى العامين الماضيين. وعلاوة على ذلك، فإن تعظيم قدرات اس ndash; 300 سيتطلب من الجيش السوري دمج النظام في شبكة الدفاع الجوي الشاملة بحيث يتم تركيز كل من البطاريات الصاروخية وفقاً للهدف الأنسب.

طائرات قادرة على اجتيازها

ثالثاً، تشير التحليلات التي أجريت مؤخراً إلى أن أنظمة اس ndash; 300 ستضعف قدرات الطائرات الحربية. وقال وزير الاستخبارات الإسرائيلي يوفال شتاينتز، على سبيل المثال، إن هذه الانظمة يمكن أن تستهدف الطائرات على بعد نحو 185 ميلاً، مما يجعل الطائرة عرضة للخطر في المجال الجوي الإسرائيلي.

لكن يقول محللون آخرون إن المدى الأقصى لهذه البطاريات هو أقرب إلى حوالي 95 ميلاً، لا سيما وأن هذه الأنظمة غير قادرة على كشف جميع الطائرات بشكل موحد. إلى جانب ذلك، باستطاعة طائرات التخفي التي تملكها مثل الولايات المتحدة مثل اف ndash; 22 أ أو (F-22A)، اختراق مجال البطاريات في تحديد الهجمات المضادة، مما يمكنها من الذهاب بأمان أبعد من ذلك بكثير في الأجواء السورية مقارنة مع طائرات مقاتلة أخرى مثل F-16.

رابعاً، على الرغم من حيازة نظام الأسد لمجموعة من بطاريات اس ndash; 300، فمن غير المرجح أن يتم اطلاق النار من جانب واحد على الطائرات الاميركية خارج المجال الجوي السوري.

اتهم النظام السوري طائرة حربية تركية بإطلاق النار من جانب أحادي في حزيران 2012، لكنه ايضاً سلط الضوء على المخاطر الجسيمة التي تنطوي عليها مثل هذه الاستفزازات فالحكومة التركية هددت بالرد العسكري، مما اضطر الأسد إلى الاعتراف بأنه يأسف لقرار إسقاط الطائرة.

بناء على ذلك، فإن أي استفزازات مستقبلية تعطي زخماً أكبر للتدخل، وهو ما يحاول النظام يائساً لمنعه وتجنبه. وعلى الرغم من التهديدات بالانتقام، فشلت سوريا في الاستجابة لثلاث هجمات جوية سرية على شحنات أسلحة من قبل اسرائيل هذا العام.

وأخيراً، فإن تمكن الأسد من الحصول على هذه الأنظمة، سيعطي الولايات المتحدة والغرب حجة قوية للتدخل عسكرياً في سوريا. وفي ظل هذه الظروف، فإن القوات الاميركية ستكون قادرة على تحييد تهديدات بطاريات اس ndash; 300 وفقاً للأساليب التي أشار إليها التقرير سابقاً.