طوت محكمة لندنية الاربعاء ملف قضية نادرة التفاصيل والتداعيات وكان الخاسر فيها الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال الذي خاض معركة قضائية بعد أن أمره القاضي بدفع عمولة قدرها عشرة ملايين دولار في ما يتعلق بصفقة بيع طائرة خاصة فاخرة للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.


نصر المجالي: كانت سيدة الأعمال الأردنية (الفلسطينية الأصل) المولودة في الرياض 1960 دعد شرعب رفعت دعوى قضائية على الوليد قالت فيها انها لم تحصل على أي عمولة لوساطتها في صفقة بيع الطائرة التي تمت عام 2006 مقابل 120 مليون دولار.

ويمثل قرار المحكمة العليا حرجا للأمير الوليد الذي مثل بنفسه أمام المحكمة على مدى يومين هذا الشهر للإدلاء بأقواله. ورفض القاضي بيتر سميث أدلة الوليد في ما يتعلق بجميع النقاط الرئيسة في النزاع ووصفها في نص الحكم بأنها quot;محيرةquot; و quot;لا يعتد بهاquot;.

ودفع الأمير بأنه لم يتم الاتفاق على دفع عشرة ملايين دولار كعمولة بل على أن يدفع لدعد شرعب ما يراه هو مناسبا. وأبلغ المحكمة انه لم يدفع لها شيئا لانها أثناء فترة إتمام الصفقة التي طال أمدها quot;انتقلت إلى المعسكر الليبيquot;.

شرعب أكثر صدقية

وكتب القاضي يقول quot;في النهاية وجدت ان هذه الأدلة محيرة ولا يعتد بها وكانت السيدة شرعب أكثر صدقية في كل نقاط الخلاف بينهماquot;. وجاء في الحكم ان من الواضح أن ذاكرة الأمير كانت ضعيفة في ما يتعلق ببعض التفاصيل وانه quot;لفقquot;. وقال الأمير الوليد في بيان إنه سيطعن على الحكم.

وأضاف البيان quot;الأمير الوليد يرى أن الحكم الصادر اليوم خاطئ ولا يحلل بدقة كل الأدلة المعروضة على المحكمةquot;. وقالت دعد شرعب في بيان انها تشعر بالارتياح بعد عملية تقاض مرهقة استمرت سبع سنوات.

ويحتل الأمير الوليد المرتبة رقم 26 على قائمة مجلة فوربز الأميركية لأغنياء العالم. وتقدر المجلة ثروته بنحو 20 مليار دولار في حين يقول هو انها تقترب من 30 مليار دولار.

واستحوذ الوليد من خلال شركة المملكة القابضة التي يملكها على حصص كبيرة في سيتي غروب ونيوز كورب وأبل وغيرها من الشركات العالمية. ويملك الوليد بشكل كامل أو جزئي عددا من الفنادق الفاخرة منها بلازا في نيويورك وسافوي في لندن وجورج الخامس في باريس.

أعنف تحقيق علني

ويعتقد أن استجوابه في المحكمة كان أعنف تحقيق علني يواجهه أحد أفراد الاسرة الحاكمة السعودية البارزين. وكتب القاضي يقول إن محامي دعد شرعب quot;أجهز عليه تماماquot; في إحدى أهم نقاط القضية. وكان القذافي أرسل الطائرة لنقل عبد الباسط المقرحي المدان في قضية لوكربي عندما افرج عنه من سجن في سكوتلندا عام 2009. واستعرض معارضو القذافي الطائرة بعد أن اطاحوا به في 2011.

يذكر انه في عام 2011 صارت الطائرة غنيمة للمعارضين، الذين أطاحوا بالقذافي، والتقطت لهم صور على مقاعدها الجلدية الوثيرة ذات اللون الفضي. وتضم الطائرة محل النزاع جاكوزي وسريرا كبيرا ومقعدا جلديا أشبه بالعرش.

وكان الأمير الوليد ابلغ المحكمة حين سئل عن عمولة قيمتها 500 ألف دولار، دفعها إلى سيدة الأعمال الأردنية، عن صفقة ليبية سابقة، قيل له إنه مبلغ ضئيل مقارنة بثروته. وأجاب الأمير قائلًا quot;كل دولار له قيمة عنديquot;. وأضاف أن دعد شرعب لم تلعب أي دور في الاتفاق النهائي، وأن شعوره بالامتنان لدورها السابق قد تلاشى بعدما quot;طعنته في الظهرquot; للعمل لمصلحة الليبيين.

لا اتفاق على مبلغ

وأبلغ الأمير المحكمة أنه طلب من شرعب quot;تسهيلquot; الأمر للقذافي، من أجل إتمام عملية بيع الطائرة، لكنهما لم يتفقا على مبلغ معيّن لعمولتها. وقال إنه لم يدفع لها شيئًا في النهاية، لأنها quot;انتقلت إلى المعسكر الليبيquot; أثناء عملية البيع.

وفي الجلسة الأولى كان محامي الأمير الوليد والقاضي بيتر سميث يناديان الأمير السعودي بلقب quot;سموكquot;، لكن وضعه الملكي لم يحمه من عدم اللباقة التي استجوبه بها كليف فريدمان محامي دعد شرعب، الذي اتهم الملياردير بالتقليل من شأن دور موكلته، والتناقض مع نفسه والتهرّب من الأسئلة.

وقال فريدمان للأمير الوليد في المحكمة quot;هل يمكنك من فضلك أن تجيب عن سؤالي؟. سألتك مرتين، وسأسألك مجددًاquot;. وكانت الطائرة محل النزاع - وهي من طراز إيه 340، التي تنتجها شركة إيرباص - قد استخدمها القذافي في عام 2009 لنقل عبد الباسط المقرحي منفّذ تفجير طائرة لوكربي، عندما أطلق سراحه من سجن إسكتلندي.

وأوضح الأمير الوليد خلال مرافعاته أن بيع الطائرة صار مشكلة، نظرًا إلى أنه وبعدما سدد الليبيون دفعة أولى قدرها 70 مليون دولار في عام 2003، طالب أحمد قذّاف الدم، ابن عم القذافي، برشوة قبل الترتيب لدفع باقي المبلغ، والذي قدره 50 مليون دولار.

وأضاف الأمير الوليد أنه رفض دفع الرشوة، واحتفظ بالطائرة في الرياض، ما أدى إلى جمود استمر سنوات عدة، حتى تمكن من حل المسألة بنفسه مع القذافي في عام 2006.

وإلى ذلك، فإن الأمير الوليد نفى جملة وتفصيلاً أمام المحكمة ادعاء دعد شرعب أنه كان تقدم لطلب يدها للزواج أثناء العملية، حسبما قالت في شهادتها في بداية المرافعات، وأكد في شهادته المكتوبة quot;لا يسعني إلا أن أفترض أنها تسعى إلى تعزيز موقفها في القضية عبر محاولة إحراجيquot;.