ترى نساء المعارضة السورية الواقع في بلادهن بعين مختلفة، ويؤكدن أن التشتت في الائتلاف الوطني سوف يسوق الثورة إلى أكثر من قصير في أنحاء سوريا، ويحمّلن المعارضة مسؤولية عنف يمنع المجتمع السوري من التعبير عن نفسه، كما النظام تمامًا.

وسط تعقيدات المشهد السياسي السوري الحالي، طالب معارضون الشعب السوري بعدم الانتظار خيرًا من النظام أو المعارضة، التي اعتبروا أنها ارتهنت للخارج، وتمنوا عليه أن يرسم مستقبله بنفسه، فكيف تنظر نساء المعارضة إلى المشهد السياسي اليوم في سوريا؟
فرح الأتاسي، عضو الائتلاف السوري المعارض، قالت لـquot;ايلافquot;: quot;بعد سنتين ونصف من الدمار والقتل، لن ننتظر خيرًا من النظام، الذي لم يرَ منه الشعب السوري إلا الإنكار والاستهتار والقتل والتدمير والخراب والاعتقال والتشريد والجوع، فأي خير سيخرج من نظام متأصل بالشر والقتل؟quot;.
لعدم الارتهان المالي
اعتبرت الأتاسي أن مطلب الوحدة الوطنية مطلب شعبي ووطني، رفعه الثوار منذ الأشهر الأولى للثورة، quot;ودأبنا ولا نزال على المطالبة بأن تتوحد كل الأحزاب والتيارات والشخصيات الوطنية السورية المعارضة برموزها التقليدية والوجوه الشابة الجديدة المناهضة للنظام، سياسيًا وعسكريًا، في خطة واحدة واضحة لإسقاط النظام وتحقيق أهداف الثورةquot;. وعبّرت الأتاسي عن أسفها لأن بعض القوى المعارضة انشغلت ببرامجها الحزبية الضيقة، ومنها من انشغل بانتكاسات وأخطاء وعثرات المعارضة بدل التوحد والتضامن والتنسيق والعمل المشترك على كافة الجبهات السياسية والعسكرية، مع اختلاط الأوراق الداخلية والإقليمية اليوم. واكدت وجوب إعادة تقييم الوضع الراهن الآن، ووضع استراتيجيات صحيحة بمشاركة كافة القوى والأحزاب السياسية، لإعادة الزخم المطلوب للثورة السورية وصورتها وأهدافها. ورأت الأتاسي أن أحد الحلول هو توحيد العمل المعارض، وتنظيم العمل السياسي والعسكري، quot;وإستحداث صندوق وطني مستقل لدعم الثورة بإشراف خبراء سوريين دوليين ومنظمات مهنية مستقلة، لتمويل العمل السياسي وجزء من العمل العسكري، يعود ريعه من رؤوس الأموال الوطنية الداعمة للثورة ومن التزامات شهرية يدفعها المغتربون السوريون حول العالم، فسيادة القرار الوطني تأتي بعد استقلالية التمويل، وعدم الارتهان للدول الداعمة التي تأتي مساعداتها كإضافة بدون التعويل عليهاquot;.

حجم الكارثة غير مسبوق
من جانبها، قالت الاعلامية والمعارضة السورية مرح البقاعي، العضو البارز في اتحاد الديمقراطيين السوريين، لـquot;ايلافquot;: quot;في ظل هذا التهتّك الذي يعتري جسد المعارضة السياسية، وفشلها في تأمين الدعم الذي يحتاجه المقاتلون على الأرض، أخشى أن تتكرر خسائر القصير في غير موقع سوري الآن، فالمقاتلون الأحرار على أبواب دمشق منذ أشهر، ولا يستطيعون التقدّم لشحّ في السلاح، وهم في معظمهم كتائب معتدلة ولا مشكلة في تسليحها، إلا لأن المعارضة فشلت في تأمين ذلك من أصدقاء الشعب السوري، أو من بعض الدول العربية التي تفضّل تسليح بعض الكتائب التي تواكب مراميها السياسية عن أخرى مستقلة ووطنية خالصةquot;. وأكدت البقاعي أن حجم الكارثة الإنسانية في سوريا غير مسبوق منذ الحرب الأهلية في رواندا، quot;بنزوح 3 ملايين سوري في دول الجوار والعالم، إلى جانب 6 ملايين اضطروا للنزوح من مدنهم، هائمين بين المدن والقرى السورية الأكثر أمنًا من مناطقهم، كل هذا يجعل من العودة إلى الوراء أمرًا صعبًا للغايةquot;. ولفتت البقاعي إلى أن هذا التوزّع الديموغرافي الجديد، في ظل عمليات التهجير المنظمة التي مارسها النظام، يخشى أن يرسم حدودًا بشرية بين أبناء البلد الواحد، هي أخطر وأشد وطأة من الحدود السياسية أو الجغرافية.
ساحة تجاذب اقليمية
إلى ذلك، اعتبرت الباحثة والمعارضة السورية ريم التركماني، القيادية في تيار بناء الدولة، أن تعقيد الشأن السوري بلغ مرحلة أعجزت حتى خبراء تحليل الأزمات وحل النزاعات. وقالت: quot;ما بدأ كصراع سياسي تَكشَّفَ عن صراعات كامنة داخل وخارج سوريا، ما حول البلد إلى ساحة تجاذب بين السوريين وغير السوريين، وبقي المجتمع السوري، الضحية الأولى لهذا الصراع، من دون قدرة تنظيمية وتمثيلية تمكنه من أن يتصدى لكل هذا التجاذب، ومن أن يفرض أجندة حل تستجيب لتطلعاته وألوياته، واليوم ندفع ثمن خطيئة إدعاء التمثيل الزائف للسوريين، فمَن تنطح لهذه المهمة ترك الحراك الشعبي في سوريا من دون قيادات حقيقية، وهمش دور القيادات التي نشأت من قلب هذا المجتمعquot;. وأضافت: quot;نحن اليوم بأمس الحاجة لتطوير التنظيم المدني والسياسي ضمن المجتمع السوري، لكي يكون لهذه التنظيمات دور فاعل وحقيقي في صنع مستقبل سوري يليق بتضحيات السوريين ويستجيب لتطلعاتهم، وهذا يتطلب ممن له صوت مسموع في سوريا بأن يغالب نفسه، فينادي السوريين ويساعدهم من أجل التجمع والتنظيم، وأن يستنهضهم ليعبروا عن أنفسهم لا أن يُعبر هو عنهم، والمقاربة هي تمكين المجتمع السوري من تنظيم نفسه والتعبير عن نفسه، لا التَّمكُّن منه من أجل أمجاد شخصية أو حزبيةquot;. وقالت: quot;يبقى المفتاح الأول لهذا التمكين هو أن نعبر عن خلافاتنا السياسية والمجتمعية بطرق سلمية، وإذا كان النظام عنفياً فلأنه يدرك دور العنف في تحطيم المجتمع ومنعه من التصدي له كنظام إستبدادي، ومهما بدت مهمة التصدي للعنف جبارة، إلا أن لا بديل عنها للوصول إلى حل حقيقي يحقق مصلحة سوريا والسوريين، ومن دون ذلك يعجز المجتمع السوري عن الدفاع عن نفسه ضد المجموعات الجهادية، التي باتت تستثمر وضعه لكي تبذر أفكارها في أرضه، على حساب دمه وروابطه التاريخيةquot;.