حذر رئيس الوزراء نوري المالكي الولايات المتحدة من مخاطر quot;مضاعفاتquot; ناتجة من أي تدخل عسكري في سوريا، قد تعمّ المنطقة بأسرها، مؤكدًا معارضة العراق الخيار العسكري في سوريا ودعمه الحل السياسي.


أسامة مهدي: قال المالكي، في حديث مع السفير الأميركي في بغداد ستيفن بيكروفت أثناء حضوره إلى مكتبه من أجل معرفة موقف العراق الرسمي من التدخل العسكري في سوريا، قال quot;إن العراق قلق من احتمال حصول مضاعفات خطيرة جراء أي تدخل عسكري في سوريا قد تعمّ المنطقة بأسرهاquot;.

وأبلغ المالكي السفير أن العراق يعارض الحل العسكري في سوريا، ويدعم الحل السياسي. وأكد ضرورة مضاعفة التواصل والتنسيق بين العراق والولايات المتحدة على مختلف المستوياتquot; بحسب بيان صحافي صادر من المكتب الإعلامي للمالكي.

حبس أنفاس
وأمس أعلن المالكي حالة الاستنفار القصوى في أنحاء البلاد تحسبًا لنتائج ضرب سوريا على الأمن والاقتصاد والخدمات والصحة في بلاده، ودعا القوى السياسية إلى موقف موحد، يجنب العراق مخاطر حرب شعواء، قال إن المنطقة تشهدها حاليًا. وقال المالكي في كلمته الأسبوعية إلى العراقيين إن العالم يحبس أنفاسه حاليًا على وقع أجواء الحرب التي يتم الاستعداد لها على سوريا، ولما لها من تداعيات خطيرة على هذا البلد وعلى المنطقة والعالم.

وأضاف أن أثر هذه الحرب على العراق سيكون كبيرًا، حيث رياح العنف والاضطراب تضرب المنطقة من تونس إلى مصر فسوريا والعراق. وأشار إلى أن بلاده انتهجت منذ بداية الأحداث في سوريا قبل عامين ونصف عام موقفًا رافضًا للحل العسكري، لأنه طريق مسدود سيؤدي إلى تمزيق سوريا وتجزئتها ويؤدي إلى مزيد من العذابات لأهلها، وقد أثبتت الأحداث صحة ذلك، حيث إن السلاح، وبعد هذه المدة، لا يؤدي إلا إلى المزيد من الدمار والخراب والحرب الأهلية.

وأعلن عن حالة استنفار قصوى وشديدة للأجهزة الأمنية والوزارات والمؤسسات ذات العلاقة في جميع أنحاء العراق لمواجهة التحديات التي ستفرزها هذه التطورات والتخفيف من آثار الحرب على الأوضاع الأمنية والاقتصادية والخدمية والصحية في بلاده.

والاثنين الماضي أكدت الحكومة العراقية رفضها استخدام أجوائها أو أراضيها لشن أي هجوم على سوريا. وقال المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي علي الموسوي، إن حكومة العراق quot;كانت ولاتزال ضد أي عمل عسكري في سوريا، وهي تأمل أن يكون quot;هناك حل سلمي وسياسي للأزمة، لأن الحل العسكري لا يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمةquot;.

المعاناة ورقة ضغط
وكان المالكي عبّر في 23 من الشهر الحالي عن القلق البالغ من الأنباء التي تحدثت عن مصرع مئات من المواطنين السوريين وإصابة آخرين نتيجة استخدام السلاح الكيميائي. وقال quot;إننا في الوقت الذي ندعو فيه إلى إجراء تحقيق جاد ونزيه حول احتمال استخدام أسلحة كيميائية، ندين بشدة استخدام مثل هذا السلاح من أية جهة كان، ونأمل أن تشكل هذه المأساة دافعًا إضافيًا لإيجاد حل لما يعانيه الشعب السوري الشقيق من فجائع ومآس، وألا تتحول الكوارث إلى مجرد أوراق للضغط بين القوى المتصارعة في سوريا، فيما يدفع الشعب السوري ثمن ذلك باهظًاquot;.

وعادة ما تدعو الحكومة العراقية جميع الأطراف في سوريا إلى التخلي عن العنف وتسوية جميع القضايا سلميًا من خلال الحوار مع الأخذ في الاعتبار تطلعات الشعب السوري، وتؤكد أن أي تدخل عسكري خارجي في الشؤون الداخلية السورية ينبغي أن يستبعد.

وقد رفض العراق مع الجزائر في الجلسة المغلقة للجامعة العربية الاثنين الماضي إصدار بيان من الجامعة يحمّل النظام السوري مسؤولية استخدام السلاح الكيميائي فى الوقت الذي لم تنته بعد اللجنة الدولية لتقصي الحقائق من تحقيقاتها والتأكد من مسؤولية النظام عن تلك الجريمة، بينما تضامنت الجزائر مع وجهة النظر العراقية، معتبرة أن في قرار الجامعة العربية تحاملًا على النظام السوري، وربما يتم استخدامه دوليًا للتدخل عسكريًا.

وقد رد أحمد قطان سفير المملكة العربية السعودية ومندوبها في الجامعة العربية على ذلك بأن مهمة لجنة التحقيقات ليست التأكد من أن النظام استخدم السلاح من عدمه، فالمجتمع الدولي كله ليس لديه أي تشكك من أن نظام الأسد استخدم الكيميائي، موضحًا أن مهمة اللجنة هي تحديد نوعية السلاح الذي تم استخدامه من قبل النظام. وعقب تصاعد الخلافات تم عقد جلسة تشاورية بين مندوبي العراق والجزائر والإمارات وقطر والسعودية على هامش الاجتماع للتشاور، حيث تم التوافق على خروج البيان بإدانة النظام السوري، مع تسجيل تحفظ العراق والجزائر على إدانته قبل انتهاء التحقيقات.

يذكر أن فريقًا تابعًا للأمم المتحدة موجود الآن في سوريا للتحقيق في استخدام أسلحة كيميائية في قرية خان العسل قرب حلب وفي منطقة الغوطة قرب دمشق، وحالتين أخريين حصل فيهما استخدام أسلحة كيميائية. وتشهد سوريا منذ منتصف آذار (مارس) من عام 2011 الماضي حركة احتجاج شعبية واسعة، بدأت برفع مطالب للإصلاح والديمقراطية، وانتهت بالمطالبة بإسقاط النظام بعدما جوبهت بعنف دموي لا سابق له من قبل قوات الأمن السورية، ما أسفر حتى اليوم عن سقوط ما يزيد على 100 ألف قتيل وعشرات آلاف المعتقلين، فضلًا عن أكثر من مليوني لاجئ ومهجر.