رفض العراق توجيه ضربة عسكرية لسوريا يعتزم تحالف غربي تنفيذها وتحفظ على قرار الجامعة العربية تحميل النظام السوري مسؤولية استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، مؤكدًا دعمه لحل سياسي للأزمة دون عسكرة النزاع.


لندن: ترأس وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري وفد العراق المشارك في الاجتماع الوزاري لمجلس جامعة الدول العربية في دورته العادية 140 لبحث تطورات الازمة السورية وانتهى في القاهرة الليلة الماضية.

وجرت خلال الاجتماع مناقشات ومداولات حول مشروع القرار الذي اقر من قبل مجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين في 27 آب (أغسطس) الماضي، حيث أكد زيباري ادانة العراق quot;واستنكاره لاستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين السوريين بإعتباره جريمة دولية وانتهاكاً صارخاً للقوانين والاعراف الدولية وضرورة محاسبة المسؤولين والمتورطين عن هذه الجريمة البشعةquot;.

وأضاف أن الشعب العراقي quot;قد عانى وذاق مرارة آلام استخدام هذه الأسلحة في مدينة حلبجة وغيرها من قبل نظام الرئيس السابق صدام حسين واعتبر استخدام هذه الأسلحة المحرمة دوليًا نقطة تحول في مسار الازمة السوريةquot;، كما قال بيان صحافي للخارجية العراقية اليوم الاثنين.

وقد أكد الوفد العراقي اعتراضه على بعض فقرات القرار الذي اصدره وزراء الخارجية quot;لاسيما التدخل العسكري الاجنبي في غياب استراتيجية شاملة وعلى ضرب سوريا كما تحفظ على تحميل طرف بحد ذاته دون توفر جميع المعلومات وانجاز جميع التحقيقات الدولية، في إشارة إلى تحميل البيان الختامي الصادر عن اجتماع وزراء الخارجية النظام السوري مسؤولية استخدام السلاح الكيميائي ضد شعبه.

وأكد quot;أن العراق يعاني من تداعيات الازمة السورية امنيًا وانسانيًا على اوضاعه الداخليةquot;.. مشددًا على quot;موقف العراق الثابت من الازمة في احترام ارادة الشعب السوري في مطالبته بالحرية والديمقراطية والانتقال الديمقراطي السلمي والداعم لحل سياسي للازمة دون عسكرة النزاع وتفعيل عملية السلام لمؤتمر جنيف (2) وبمشاركة كافة الاطرافquot;.

وقد شارك في الوفد العراقي كل من نزار الخيرالله وكيل الوزارة لشؤون العلاقات الثنائية وممثل العراق الدائم لدى جامعة الدول العربية قيس العزاوي وسفير العراق في القاهرة ضياء الدباس. وفي ختام اجتماع وزراء خارجيتها فقد حثت الدول العربية المجتمع الدولي على القيام بتحرك ضد النظام السوري بعد هجوم بالأسلحة الكيميائية أدى الى سقوط مئات القتلى من المدنيين.

ودعا البيان الختامي للاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية في القاهرة الأمم المتحدة والمجتمع إلى quot;اتخاذ الاجراءات الرادعة واللازمة ضد مرتكبي هذه الجريمة التي يتحمل مسؤوليتها النظام السوري ووضع حد للانتهاكات وجرائم الابادة التي يقوم بها النظام السوري منذ اكثر من عامينquot;، كما قال البيان. وشدد على ضرورة quot;محاكمة المسؤولين عن الهجوم كمجرمي حربquot;. وتشير تقارير إلى أنّ الهجوم الكيميائي اسفر عن سقوط 1429 قتيلاً بينهم اكثر من 400 طفل.

وقال وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل إن ادانة سوريا بسبب هذا الهجوم بالغازات السامة ليست كافية، وأضاف أن الاعتراض على القيام بعمل دولي على اساس أنه quot;تدخل خارجيquot; لم يعد مقبولاً. وحذر من أن quot;أي معارضة لأي اجراء دولي لا يمكن إلا وأن تشكل تشجيعًا لنظام دمشق للمضي قدمًا في جرائمه واستخدام كافة أسلحة الدمار الشاملquot;.

وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد حذر الولايات المتحدة الجمعة الماضي من مخاطر quot;مضاعفاتquot; لأي تدخل عسكري في سوريا قد تعم المنطقة بأسرها، مؤكدًا معارضة بلاده للخيار العسكري في سوريا ودعمه للحل السياسي.

وقال المالكي في حديث مع السفير الاميركي في بغداد ستيفن بيكروفت اثناء حضوره لمكتبه من اجل معرفة موقف العراق الرسمي من التدخل العسكري في سوريا quot;إن العراق قلق من احتمال حصول مضاعفات خطيرة لأي تدخل عسكري في سوريا قد تعمّ المنطقة بأسرهاquot;. وأبلغ المالكي السفير أن العراق يعارض الحل العسكري في سوريا ويدعم الحل السياسي، وأكد على ضرورة مضاعفة التواصل والتنسيق بين العراق والولايات المتحدة على مختلف المستوياتquot;.

والاربعاء الماضي اعلن المالكي حالة الاستنفار القصوى في انحاء البلاد تحسبًا لنتائج ضرب سوريا على الامن والاقتصاد والخدمات والصحة في بلاده، ودعا القوى السياسية إلى موقف موحد يجنب العراق مخاطر حرب شعواء قال إن المنطقة تشهدها حاليًا.

وكان المالكي عبّر في 23 من الشهر الحالي عن القلق البالغ من الأنباء التي تحدثت عن مصرع مئات من المواطنين السوريين واصابة آخرين نتيجة استخدام السلاح الكيميائي.. وقال: quot;اننا في الوقت الذي ندعو فيه إلى إجراء تحقيق جاد ونزيه حول احتمال استخدام أسلحة كيميائية ندين بشدة استخدام مثل هذا السلاح من أي جهة كان، ونأمل أن تشكل هذه المأساة دافعًا إضافيًا لإيجاد حل لما يعاني منه الشعب السوري الشقيق من فجائع ومآسٍ وألا تتحول الكوارث إلى مجرد أوراق للضغط بين القوى المتصارعة في سوريا، فيما يدفع الشعب السوري ثمن ذلك باهظًاquot;.

وعادة ما تدعو الحكومة العراقية جميع الأطراف في سوريا إلى التخلي عن العنف وتسوية جميع القضايا سلميًا من خلال الحوار مع الأخذفي الاعتبار تطلعات الشعب السوري وتؤكد أن أي تدخل عسكري خارجي في الشؤون الداخلية السورية ينبغي أن يستبعد.

يذكر أن فريقًا تابعًا للأمم المتحدة انهى امس تحقيقًا في سوريا حول استخدام أسلحة كيميائية في قرية خان العسل بمنطقة الغوطة قرب دمشق وحالتين أخريين حصل فيهما استخدام أسلحة كيميائية.

وتشهد سوريا منذ منتصف آذار (مارس) عام2011 الماضي حركة احتجاج شعبية واسعة بدأت برفع مطالب للإصلاح والديمقراطية وانتهت بالمطالبة بإسقاط النظام بعدما جوبهت بعنف دموي لا سابق له من قبل قوات الأمن السورية ما أسفر حتى اليوم عن سقوط ما يزيد عن 100 الف قتيل وعشرات آلاف المعتقلين، فضلاً عن أكثر من مليوني لاجئ ومهجر.