فيما تأخذ الحملات الانتخابية في إقليم كردستان العراق منحى عنفيًا، ترجم عبر اشتباكات وإطلاق رصاص وسقوط جرحى، فقد منعت داخلية الإقليم حمل السلاح بينما دعا رئيس الإقليم بارزاني الأجهزة الأمنية إلى ضمان الأمن وأمان المواطنين والتجمعات الجماهيرية لجميع الكتل السياسية، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يخالف التعليمات والقوانين في التجاوز على حياة المواطنين أو حرية العمل السياسي.


إثر سقوط جرحى في اشتباكات بين أنصار القوى المتنافسة في انتخابات إقليم كردستان المقررة في 21 من الشهر الحالي وتبادل لإطلاق الرصاص بين مناصريها، فقد أعلنت وزارة داخلية الإقليم اليوم عن منع جميع مظاهر التسلح خلال حملة الدعاية الانتخابية منعًا باتًا، حتى لو كان هذا السلاح مرخصًا، وهددت أنه بعكس ذلك، فإنها ستتخذ إجراءات قانونية صارمة بحق المخالفين.

وشددت في بيان لها اليوم أن على قوى الأمن الداخلي حماية مكاتب ومقار الأحزاب والكتل السياسية عند الضرورة، موضحة أنه في حال أي اعتداء من قبل أي شخص، ستقوم الشرطة بإحالته إلى المحاكم. ودعت إلى الالتزام بالتعليمات المرورية عند الدعاية الانتخابية لعدم حجب الرؤية وخلق الازدحام وقطع الطرق.

احترام مشاركة الجميع
وأشارت إلى أنه بهدف توفير أجواء من الأمن والاستقرار وتجنب استخدام العنف ولضمان سير الحملية الدعائية للانتخابات البرلمانية في الإقليم بشكل حضاري، وبموجب قانون الانتخابات وتعليمات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، quot;فإن على كل الجهات والكتل السياسية والمواطنين احترام حق جميع الكتل المشاركة في الانتخابات بالحملة الدعائية بشكل حر ديمقراطيquot;.

وطالبت هذه الكتل عند نشر الدعاية والترويج لمرشحي الانتخابات (من قبل الكتل السياسية) عدم التشهير والإساءة إلى الطرف الآخر.. وأكدت منع تسخير أو استخدام الوسائل والأجهزة والعربات الحكومية في حملة الدعاية الانتخابية بأي شكل من الأشكال.
وحددت الوزارة ساعات معينة يوميًا للسماح بالحملة الدعائية، بحيث تستمر لغاية الساعة الثانية عشر مساء في داخل المدن، وبعكسه سيتحمل المخالفون المسؤولية القانونية. وخوّلت اللجان الأمنية في المحافظات والأقضية متابعة تنفيذ هذه تعليمات بشكل كامل واتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة بحق المخالفين عن طريق الشرطة والمحاكم.

من جهته دعا رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني جميع الأطراف السياسية إلى توجيه أعضائها ومناصريها باحترام أعضاء ومناصري الأطراف الأخرى، وإلى أن لا يتجاوزوا على حقوق بعضهم.

وقال في رسالة إلى المتنافسين في الانتخابات وأنصارهم quot;منذ أيام بدأت الحملات الانتخابية للكتل السياسية لانتخابات 21 أيلول/سبتمبر، وبهذه المناسبة أطلب من الكتل السياسية أن يأخذوا بعين الاعتبار السلم والأمن الاجتماعيين للمواطنين خلال حملاتهم الانتخابية، وأن يلتزموا بتعليمات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والأجهزة الأمنية الكردستانيةquot;.

وطالب بارزاني جميع الأطراف السياسية بتوجيه أعضائها ومناصريها باحترام الأطراف الأخرى، وبأن لا يتجاوزوا على حقوق بعضهم .. مشددًا على أن quot;تقديم نموذج حضاري للتنافس هو واجب يقع على عاتق الجميعquot;. كما دعا الأجهزة الأمنية والجهات المعنية بالاستمرار في أداء واجباتها بتطبيق القانون وضمان الأمن وأمان المواطنين والتجمعات الجماهيرية لكل الكتل السياسية واتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يخالف التعليمات والقوانين المرعية في التجاوز على أمن وحياة المواطنين أو حرية العمل السياسي لجميع الأطراف.

عنف واشتباكات بين المتنافسين وأنصارهم
وفيما تأخذ الحملات الانتخابية في إقليم كردستان العراق منحى عنفيًا، ترجم في اشتباكات وإطلاق رصاص وسقوط جرحى، فقد حظرت داخلية الإقليم حمل السلاح بأي شكل من الأشكال. فقد أصيب تسعة أشخاص من أنصار ومؤيدي الأحزاب الكردستانية المتنافسة في انتخابات برلمان الإقليم بجروح مختلفة نتيجة اشتباكات وعراك بينهم في مناطق مختلفة من مدينة السليمانية (330 كم شمال بغداد).

وقال مصدر في شرطة السليمانية إن خمسة من الجرحى هم من رجال الشرطة جروحهم طفيفة، حيث تشهد السليمانية حملة انتخابية حامية بين الأحزاب السياسية المتنافسة في انتخابات البرلمان، إذ يطوف أنصار هذه الأحزاب بالسيارات شوارع المدينة للدعاية لمرشحيهم حتى ساعات متأخرة من الليل، رغم أن قرار اللجنة الأمنية في المحافظة حدد الساعة 11 ليلًا كحد أقصى.

كما أصيب شخصان من مؤيدي حركة التغيير الكردستانية المعارضة بجروح نتيجة إطلاق نارعلى موكب لأنصار التغيير في منطقة توي ملك في مركز محافظة السليمانية. وقال شهود عيان إن سيارة أطلقت النار على موكب لأنصار التغيير في ساعة متأخرة من مساء أمس، وإن أحدهما يعاني إصابة في الصدر. وأوضحوا أن سيارة أطلقت النار على موكب لمؤيدي التغيير في منطقة صهولكه في شارع سالم لتفريقهم، وحصلت مصادمات، انتهت عندما تدخلت الشرطة، وفتحت النار في الهواء لتفريق الحشد وأصيب 12 شخصًا، بينهم ثمانية من رجال الشرطة بجروح، كما نقلت عنهم الوكالة الوطنية العراقية للأنباء.

من جانبه اتهم النائب عن الاتحاد الإسلامي الكردستاني بكر حمه صديق جهات سياسية بتمزيق ملصقات الدعاية الانتخابية الخاصة بالاتحاد في مناطق في كردستان، مؤكدًا أن هذا يأتي ضمن حملة استهدافات وتهديدات مستمرة. وأشار إلى أن هناك محاولات لتمزيق وإزالة ملصقات الدعاية الانتخابية الخاصة بالاتحاد الإسلامي الكردستاني في بعض مناطق الإقليم، حيث يبدو أن هناك حملة واسعة لاستهداف قوى المعارضة الكردية من قبل الأحزاب المتنفذة.

وأضاف صديق في تصريح صحافي quot;إن هناك تهديدات موجّهة من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني إلى بعض أنصارنا، الذين يقومون بالحملة الدعائية للاتحاد الإسلامي الكردستاني، كما إن هناك تصريحات صدرت من أحد القياديين في الاتحاد الوطني الكردستاني، يهدد فيها بأنه فيما لو فازت المعارضة في انتخابات الإقليم، فإنهم سيلومون أنفسهم. وقد أكد هذا القيادي، الذي أدلى بتلك التصريحات، بأنهم استلموا السلطة بالقوة، ولن يسلموها إلا بالقوةquot; حسب قوله. وأشار إلى أن هذه التصريحات المتشنجة تعبّر عن الحالة السياسية المعقدة السائدة حاليًا في إقليم كردستان تزامنًا مع أجواء الانتخابات وتصاعد حدة المنافسة.

وكانت الحملة الدعائية قد انطلقت في عموم محافظات إقليم كردستان الثلاث في 28 من الشهر الماضي لانتخابات برلمان الإقليم التي ستجري في 21 من الشهر الحالي، بمشاركة 1129 مرشحًا، يمثلون 37 كيانًا سياسيًا. ويشارك في الحملة التي تستمر حتى 19 من الشهر الحالي الحزبان الكرديان الرئيسان الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، الموجود في ألمانيا منذ أواخر العام لماضي للعلاج من جلطة دماغية خطيرة بقائمتين مستقلتين.

انتخابات مصيرية للتوازنات السياسية
تكتسب هذه الانتخابات أهمية كبرى بالنسبة إلى مصير التوازنات السياسية في كردستان على ضوء الخلافات الأخيرة بين الحزبين الرئيسين، حيث وجّه حزب طالباني انتقادات عيفة إلى حليفه حزب بارزاني، لما اسماه استحواذه على أصوات مؤيديه وأنصاره في محافظتي الموصل وبغداد ومناطق أخرى من البلاد.. وكذلك في ظل تنامي معارضة قوى كردية لتمديد ولاية بارزاني أخيرًا لرئاسة الإقليم لعامين إضافيين.

ويتنافس 37 كيانًا سياسيًا من خلال 1129 مرشحًا على 111 مقعدًا برلمانيًا، منها 11 مقعدًا من حصة الأقليات المسيحية والتركمانية والأرمنية. وبذلك يتنافس 1089 على مائة مقعد عام، فيما يتنافس 25 مرشحًا تركمانيًا على المقاعد الخمسة المخصصة لهم ضمن الكوتا، ويتنافس 15 مرشحًا مسيحيًا على خمسة مقاعد مخصصة لهم، وأربعة مرشحين على المقعد المخصص للأرمن.

وكانت مفوضية الانتخابات قد بدأت أخيرًا بتسجيل أسماء الناخبين في جميع المراكز الانتخابية في كل من محافظات أربيل، السليمانية، دهوك. وطالبت المواطنين بزيارة المراكز لحل أي مشكلة فيها، إذا ما وجدت. ويبلغ عدد هذه المراكز 69 مركزًا في أربيل، و79 في السليمانية، و41 في دهوك. ويحق التصويت للأشخاص اعتبارًا من مواليد 1995، ومن أهالي إقليم كوردستان ومسجلة أسماؤهم في المراكز الثلاثة في الإقليم.

ويقدر عدد الأشخاص الذين يحق لهم التصويت في إقليم كردستان بمليونين و803 ألف شخص من بين مجموع سكان الإقليم، البالغ حوالى 4 ملايين نسمة.