ما يفرّق بين الاسلامي راشد الغنوشي، والعلماني الباجي قائد السبسي، متعدد وكثير. بل إنّ الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد حاليًا، عائدة الى ذلك الاختلاف الجوهري بين هذين السياسيين، لكنهما اتفقا من حيث لا يدريان على أمر وحيد هوتنحي المنصف المرزوقي عن رئاسة الجمهورية.


محمد بن رجب من تونس: طالب رئيس حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي مؤخرًا بضرورة أن يقع تضمين مبادرة المنظمات الأربع، التي ترعى الحوار الوطني، بندًا يتضمن استقالة رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي اعتبارًا إلى أنّ استقالة حكومة الترويكا لا تكفي، فالمنظومة كلها لا بد أن تنسحب لتترك المجال لمجموعة جديدة لن تترشح للإنتحابات القادمة، وقد كان الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة قد طالب أيضا بذلك غداة لقائه برئيس حركة نداء تونس في باريس.

رغبة متجدّدة

اعتبر عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية (حزب الرئيس المرزوقي) هيثم بلقاسم في تصريح لـquot;إيلافquot; أنّ مسألة المطالبة بتنحّي الرئيس المرزوقي تبدو quot;موضوعاً عادياً quot;، إذ يمكن لأي حزب أن يطالب بذلك، مؤكدًا أنّ quot;رغبة الباجي قائد السبسي متجدّدة و ليست وليدة اليوم فهي لم تفاجئناquot;، على حدّ تعبيره.

واستنكر الأمين العام للتيار الديمقراطي محمد عبّو في إفادة لـquot;إيلافquot; دعوة السبسي إلى تنحّي رئيس الجمهورية موضحاً أنّ السبسي لم يشارك في انتخابات أكتوبر 2011 ولم ينتخبه الشعب وليس هناك مؤشر يمكن الاستناد اليه يتعلق بحجمه في البلاد عمومًا، وفي الساحة السياسية خاصة، داعيًا إياه إلى انتظار الانتخابات القادمة حتى يترشح وينتظر رأي الشعب.

وكان الشيخ راشد الغنوشي في حوار على قناة نسمة دعا الرئيس المرزوقي إلى الاستقالة quot;إذا كان ينوي الترشح للانتخابات القادمةquot;، وذلك من أجل quot;ضمان حيادية كل مؤسسات الدولة حتى يمكن توفير شروط النزاهة للإنتخاباتquot;.

استقالة المرزوقي

أكد رضا بلحاج المدير التنفيذي لحركة نداء تونس لإحدى القنوات التلفزيونية أنّ الحكومة الجديدة التي ستنبثق عن الحوار الوطني لا يمكن أن تؤدي عملها بكل حرية وشفافية في ظل بقاء الرئيس المرزوقي المنبثق عن محاصصة حزبية في قصر قرطاج، خاصة وأنّ مبادرة الرباعي الراعي للحوار تتضمن مشروعاً لتنقيح القانون المنظم للسلطات العمومية وقد تبقى لرئيس الجمهورية اختصاصات تشريعية بواسطة مراسيم.

وأكد بلحاج أنّ الفرقاء السياسيين عادوا لتحكم بينهم الديمقراطية التوافقية عوضاً عن المحاصصة الحزبية وديمقراطية ناتجة عن انتخابات المجلس التأسيسي.

جبهة الإنقاذ تنفي

نفى الأمين العام لحزب العمل الوطني الديمقراطي عبدالرزاق الهمامي (شريك لحركة نداء تونس في تحالف يسمى quot;الاتحاد من أجل تونسquot;) في تصريح لـquot;إيلافquot; تناول طلب السبسي تنحية الرئيس المرزوقي بشكل رسمي وقال: quot;لم يتمّ تداول هذا الموضوع سواء في اجتماعات الإتحاد من أجل تونس أو في جبهة الإنقاذ الوطنيquot;.

وشدّد الهمامي على أنه تم توضيح أنّ quot;الإتحاد من أجل تونس بما في ذلك حركة نداء تونس ملتزم بخارطة الطريق التي ضبطتها المنظمات الرباعية الراعية للحوار الوطني برئاسة اتحاد الشغل (المركزية النقابية)quot;.

فرقعة إعلامية

واعتبر السياسي محمد عبّو هذه الدعوة quot;فرقعة إعلاميةquot; لا صدى لها، متّهمًا حركة النهضة بإساءة التدبير في بعض المسائل والوقوع في بعض الأخطاء، فوفرت بالتالي لخصومها فرصًا لضربها وضرب المسار الانتقالي للثورة ككل، وبتنازلاتها أظهرت غياب المبدئية، على حدّ تعبيره.

سابقة خطيرة

أكد رئيس كتلة المؤتمر من أجل الجمهورية في المجلس التأسيسي هيثم بلقاسم أنّ هذا المطلب بعيد المنال احتراماً للقانون الوارد في القانون المنظم للسلطات العمومية، معتبرًا الحديث في مثل هذه المسألة quot;سابقة خطيرةquot;.

أضاف: quot;تغيير الحكومة التي جاءت من رحم الانتخابات quot;بدعةquot; ورغم ذلك كان القبول باستقالتها اعتبارًا للوضع الخاص الذي تعيشه تونس.

وارد... لكنه غير ملزم

وقال السياسي عبد الرزاق الهمامي لـquot;إيلافquot;: quot;كل المنظومة يجب أن تعدّل بما فيها رئاسة الجمهورية ولا تقتصر فقط على حكومة الترويكا، وهذا رأي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس وهو رأي محترم، ولكنه ليس رأيًا ملزمًا للإتحاد من أجل تونس ولا لجبهة الإنقاذ الوطني، ولم نتقدّم به إلى الرباعي الراعي للحوار الوطنيquot;.

وأكّد الهمامي أنّه quot;من الوارد وليس من اللازم إدراج استقالة رئيس الجمهورية بل يمكن التباحث في هذا الأمر بروح وفاقية ووطنية عاليةquot;.

الدستور الصغير

يدعو محمد عبّو إلى ضرورة احترام الدستور الصغير، وهو القانون المنظم للسلطات العمومية، أما هيثم بلقاسم، فيقول: quot;إذا فكرنا فعلاً في استقالة رئيس الجمهورية فسنتحوّل إلى أضحوكة فليس لهذا المطلب مرجعية أخلاقية أو قانونيةquot;.

ويرى رضا بلحاج أنّ اقتراح حركة نداء تونس ورئيسها الباجي قائد السبسي جاء في إطار استقلالية السلطة التنفيذية، وأنّ ضمان نجاح المرحلة الانتقالية الثالثة لا يتحقق إلا بتغيير رئيس الجمهورية والحكومة، على أن يتمّ اختيار رئيس الجمهورية بالتوافق بين جميع الأحزاب مؤكدًا أنّ السبسي هو مرشح حركة نداء تونس للرئاسة.