رغم الأزمات والهزات التي شهدتها تونس خلال حكم (الترويكا) وهي إئتلاف لثلاثة أحزاب اسلامية وعلمانية، يرى كثيرون أنّ عقد ذلك الإئتلاف الفريد قد لا ينفرط بسهولة وقد يستمرّ في المرحلة المقبلة ويتحول إلى تحالف انتخابي وإستراتيجي.


محمد بن رجب من تونس: بعد أن كلّف الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، مهدي جمعة بتشكيل حكومة جديدة، خلفا لحكومة الاسلامي علي العريض، تثار تساؤلات حول مصير الائتلاف الاسلامي - العلماني الذي يعرف بتسمية (الترويكا).

وفي وقت سابق، قال المولدي الرياحي رئيس كتلة حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وهو أحد أقطاب (الترويكا)، خلال مؤتمر صحافي، إن quot;الائتلاف الحكومي انتهىquot;.

إئتلاف فريد

شكلت أحزاب حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات في ائتلاف فريد من نوعه، بين حزب اسلامي وحزبين علمانيين، حكومة علي العريض التي تسلّمت مهامها رسميا يوم 13 مارس/آذار 2013.

المشاورات مستمرة

أكد الناطق الرسمي باسم التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (أحد أضلاع الإئتلاف الحاكم) محمد بنور لـquot;إيلافquot; إنّ المشاورات مستمرة مع عدد من الأحزاب لعقد تحالفات جديدة، مشيرا إلى أن حزب التكتل لم يحسم أمره في الإئتلافات المستقبلية، وذلك في انتظار الإنتهاء من المصادقة على الدستور من طرف المجلس التأسيسي وبدء عمل الحكومة الجديدة.

وردّا على قول عضو المكتب التنفيذي لحزب التكتل جمال الطوير إن حزبه لن يتحالف مستقبلا مع حركة النهضة قال بنور : quot;كنا في ائتلاف حكومي وفي ظل مناخ سياسي يتميز بالهدوء في صالح تونس يصبح الإئتلاف ضروريا بين أهم الأحزاب في الساحة السياسية لتأليف حكومة وطنيةquot;، مشيرا إلى أنّ quot;نتائج الإنتخابات القادمة يمكن أن تنتج ائتلافات جديدة وستحدد نوعية وطبيعة التحالفات القادمةquot;.

وكان حزب التكتل قد وجه في أكثر من مناسبة انتقادات لحركة النهضة عند الإختلاف على اعتماد الشريعة مصدرا للدستور إلى جانب الموقف من quot;رابطات حماية الثورةquot; في إطار دفاعه عن المستقبل الحداثي لتونس.

الإئتلاف يتواصل

أوضح المحلل السياسي الحبيب بوعجيلة أنّ مقتضيات الإئتلاف الحكومي الحالي بين كل من حركة النهضة وحزبي التكتل الديمقراطي والمؤتمر من أجل الجمهورية مستمرة، ولو أنّ الثابت أنّ هذا الإئتلاف سينتهي بعد أيام نتيجة وجود استحقاقات في المجلس الوطني التأسيسي، كما أن قادة أحزاب الإئتلاف الحاكم تحدثوا في أكثر من مرة عن إمكانية تحوّل هذا الإئتلاف إلى تحالف استراتيجي يبقى مطروحا، فقد قام منذ بدايته على فكرة توافق بين قوى ذات مرجعية دينية وأخرى علمانية.

يضيف بوعجيلة: quot;يبرز اليوم تأكيد الأطراف الثلاثة على توسيع ائتلافهم من خلال فتح المجال أمام أطراف أخرى بما أن مستقبل البلاد على ما يبدو سياسيا واقتصاديا واجتماعيا يقتضي وجود كتلة تتجاوز الإستقطابات الإيديولوجية التقليديةquot;.

وكان وزير الإصلاح الإداري السابق محمد عبو وهو عضو المكتب التنفيدي السابق للمؤتمر من أجل الجمهورية قد قدم استقالته من حكومة حمادي الجبالي مشيرا إلى أسباب عديدة منعته من العمل بحرية من أجل فتح ملفات فساد.

وانتقد عدد من أعضاء حزب المؤتمر من أجل الجمهورية أداء الحكومة بخصوص التعيينات المنفردة على رأس المعتمديات والولايات مشيرين إلى غياب التنسيق في اتخاذ عديد القرارات.

تقييم التجربة

قال عضو حركة النهضة محمد الصغير لـquot;إيلافquot; إنّ الإئتلاف الحاكم مستمر إلى حين بداية عمل الحكومة الجديدة برئاسة مهدي جمعة، مشيرا إلى ضرورة تقييم تجربة المرحلة السابقة في ظل حكومتي حمادي الجبالي وعلي العريض من خلال أداء وتناسق الإئتلاف الحاكم.

وأشار الصغير إلى أنّ القول بانتهاء الإئتلاف سابق لأوانه، لأن مجلس شورى حركة النهضة سيرى في الوقت المناسب إمكانية عقد تحالفات جديدة رغم انخراط حركة النهضة حاليا في تحالف يضم عددا من الأحزاب يبقى مفتوحا أمام أحزاب أخرى.

الأرضية المناسبة

وشدّد على أنّ المرحلة القادمة كما الحالية يجب أن تتوفر لها الأرضية المناسبة من الإستقرار والهدوء حتى تتحقق أهداف الثورة، خاصة وأنّ الجانبين الإقتصادي والإجتماعي سيكونان محدّدين لنجاح أي حكومة قادمة وإذا كان حزب quot;نداء تونسquot; (معارض) يرى أنّ مستقبل تونس في توافق أحزابها في المرحلة القادمة وبالتالي لا يرى مانعا من التحالف مع حركة النهضة مستقبلا لمصلحة البلاد، فإنّ حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات لا يرى مانعا من مواصلة تجربة الإئتلاف الحاكم مع حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، ولم لا ائتلافا واسعا، ولكن ذلك سيتحدد على ضوء نتيجة الإنتخابات القادمة.

تحالف فكري وسياسي

ويقول الصغير إن تونس ستكون في حاجة إلى تحالف فكري وسياسي يقيها مخاطر الإستقطابات الإيديولوجية والثقافية، مشيرا إلى أنّ التحالفات الإستراتيجية ستشكل من جديد على الرغم من نفي أطراف داخل بعض الأحزاب لذلك، على غرار عضو المكتب التنفيذي لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات الذي صرّح بأن حزبه لن يتحالف مستقبلا مع حركة النهضةquot;.

وأشار المحلل السياسي الحبيب بوعجيلة في تصريحه لـquot;إيلافquot; إلى أنّ مثل هذه التصريحات تدخل في إطار الحملات الإنتخابية السابقة لأوانها، خاصة وأنّ النجاح الدائم والمستمر لم يتحقق بين مثلث الإئتلاف الحاكم وهو ما يجعل طرفا من هذا الإئتلاف يريد أن ينأى بنفسه عن أي فشل حاصل تاركا الأبواب مفتوحة على جميع الإفتراضات في وضع سياسي متحرك وفي ظل بروز إكراهات في حياة الشعوب.

تحالفات مرجعية

وأبرز بنور أنّ المرحلة القادمة ستشهد تحالفات ذات مرجعية متقاربة ومنها الأحزاب ذات مرجعيات إسلامية وماركسية والعائلة الوسطية والديمقراطية التي ينضوي تحت لوائها حزب التكتل من أجل العمل والحريات.

واستعدادا للإنتخابات التشريعية والرئاسية القادمة ستتشكل تحالفات بين عديد الأحزاب وهو ما يسهل على الناخبين عملية الإختيار، مؤكدا أنّ ائتلافات جديدة ستشهدها الساحة السياسية على ضوء نتائج الإنتخابات.

التحالف ضروري

وشدد الناطق الرسمي باسم التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات محمد بنور على أنّ التحالف بين القوى العلمانية والإسلامية المعتدلة ضروري حتى بأحزاب أخرى غير الثلاثي الحالي، مؤكدا أنّ الإئتلاف الحالي سيتواصل حتى الإنتخابات القادمة وإلى ما بعدها ليتجدد مرة أخرى وقد يتسع إلى أكثر من ثلاثة أحزاب.