كابول: كان المطعم اللبناني في كابول يشكل احد اماكن الترفيه القليلة للعاملين في وكالات اجنبية والدبلوماسيين لكن الهجوم الدموي الذي استهدفه قد يدفع بالعديد من الاجانب الى مغادرة افغانستان في وقت تحتاجهم البلاد بشدة.
والهجوم الذي وقع مساء الجمعة في مطعم لبنان واسفر عن مقتل 21 شخصا، بينهم 13 اجنبيا، دفع بمنظمات المساعدة والمؤسسات الدولية والسفارات الى اعادة تقييم كيفية مواصلة عملها في المدينة.
وقالت فاليري دوشي رئيسة بعثة المساعدة الفرنسية quot;ام ار سي اهquot; التي تدير برامج صحية في عدة ولايات افغانية quot;كان يحتمل ان نكون كلنا هناكquot;.
واضافت quot;يجب ان نتساءل في الايام المقبلة، حول امننا. هذا الهجوم سيترك اثرا بالتاكيدquot;.
وقالت ان رد المجموعات الدولية سيكون الحد من التنقلات خارج مقارها المحصنة امنيا وتنويع التحركات اليومية الروتينية لكي لا يكونوا هدفا سهلا.
وتابعت quot;لكن يتضح في لحظة ما ان كل هذا غير كافquot;.
وقد شهدت كابول تحولا منذ ايام حكم طالبان المتشدد واصبح من الممكن رؤية بعض الانشطة الاجتماعية للاثرياء الافغان والاجانب العاملين في البلاد.
فاصبح هناك حي حديث يضم عددا من المطاعم المحصنة باجراءات امنية مشددة وحراسة.
وسبق ان استهدف الاجانب في العاصمة في فنادق فخمة او بيوت ضيافة او سفارات لكن استهداف مطعم مدني بهذا الشكل يبدو انه يشير الى مرحلة جديدة من التمرد الذي تشنه حركة طالبان منذ 13 عاما بدون هوادة.
وقال محمد عظيم بوبال مدير مطعم quot;صوفيquot; الذي يرتاده العديد من الاجانب والسكان المحليون quot;انا قلق جدا، اعتقد ان مطعمي وعدة مطاعم اخرى في كابول ستضطر لاغلاق ابوابها الا اذا حصلت معجزةquot;.
واضاف quot;حين حصل الهجوم، كان هناك الكثير من الاجانب يتناولون العشاء هنا، لكنهم غادروا بسرعةquot;.
وتابع quot;لقد اتصلت ببعضهم لكي اؤكد لهم انني ساضاعف عدد الحراس، لكنهم لا يزالون متشككينquot;.
واوضح quot;كان الزبائن الافغان ياتون الى هنا مع اصدقائهم من العاملين في مؤسسات اجنبية، ومع وقوع هذا الهجوم، لن يأتوا بعد اليومquot;.
وافغانستان التي شهدت عقودا من الحرب، لا تزال تعتمد على المساعدة الخارجية رغم تدفق مليارات الدولارات الى البلاد منذ الاطاحة بنظام طالبان في 2001.
ويساعد مستشارون اجانب في تطوير نظام الضرائب فيما تنفذ مجموعات مساعدة برامج تعليم واخرى في مجال الصحة، وتعمل سفارات والامم المتحدة من اجل التصدي للفساد ومحاولة تشجيع حقوق الانسان والمصالحة والديموقراطية.
لكن يبدو ان المتمردين مصممون على ازالة اية وجود اجنبي من البلاد التي تواجه فترة صعبة من التغييرات مع عزم القوة الدولية بقيادة حلف شمال الاطلسي انهاء مهمتها والانسحاب هذه السنة، ومع تنظيم الانتخابات الرئاسية المرتقبة في نيسان/ابريل.
ويقول فلوريان كاييبوت رئيس مجموعة quot;افغانستان حرةquot; للمساعدة التي تدير مشاريع من اجل مساعدة الشابات والفتيات ان quot;المنظمات غير الحكومية تتساءل ما اذا كانت ستبقي فرقها من الاجانب في البلاد، وما اذا كانت البلاد آمنة ام لاquot;.
واضاف quot;هذا الهجوم يؤشر الى فترة صعبة قبل الانتخابات، رغم انه من الصعب معرفة ما سيحصل لاحقاquot;.
وكانت مجموعات المساعدة الانسانية في افغانستان تخطت في السابق عدة كوارث مع مقتل عشرة عاملين في وكالات انسانية بينهم ستة اميركيين في ولاية باداخشان في 2010.
لكن الخبراء يقولون ان الهجوم الاخير يطرح معضلة غير مسبوقة لهؤلاء العاملين ميدانيا.
وقالت شبكة المحللين الافغان في تقرير نشر الاحد quot;لقد استهدف الهجوم المدنيين الاجانب لمجرد انهم اجانب- وهو امر نادر في الحرب الافغانيةquot;.
واضافت quot;قد يغير هذا الهجوم مسار الامور مع التخوف من تداعيات على عمل المساعداتquot;.
وتابعت ان الهجوم quot;يثير تساؤلات حول كيفية تامين المساعدة الانسانية المدنية وخصوصا عبر المنظمات غير الحكومية ومراقبة الانتخابات المرتقبة لاحقا هذه السنة- اذا لم تعد الاهداف المدنية محظورةquot;.
واصدرت هذه المنظمات بيانات توجيه تحية للعاملين لديها الذين سقطوا في الهجوم واشادت بعملهم لا سيما وانهم تركوا بلادنهم وجاؤوا للعمل في بيئة خطرة لمساعدة افغانستان.
لكن رغم سقوط ضحايا في الهجوم فان كثيرين تعهدوا بعدم مغادرة البلاد.
وعبرت يونيسيف التي خسرت اثنين من موظفيها- اميركي من اصل صومالي وباكستاني- عن quot;تصميمها على مواصلة العمل الذي دفع زملاؤنا حياتهم ثمنا لهquot;.
واعلنت الجامعة الاميركية في افغنستان انها ستواصل كل المحاضرات رغم خسارة اثنين من موظفيها الاميركيين.
وقال رئيس الجامعة مايكل سميث quot;سنواصل تامين التعليم الجامعي النوعي لكل طلابناquot;.