بدأاليوم تنفيذ اتفاق عقد بين النظام السوري ومعارضيه يقضي بإدخال المساعدات الطبية والغذائية إلى المحاصرين في حمص، وبإجلاء من يريد الخروج من النساء والأطفال وكبار السن.

بيروت: خرج عشرات المدنيين الجمعة من الاحياء التي تسيطر عليها المعارضة في مدينة حمص، والتي تحاصرها القوات النظامية منذ اكثر من 600 يوم، اثر اتفاق اشرفت عليه الامم المتحدة.
ويشكل هؤلاء المدنيون، وهم من الاطفال والنساء والمسنين، دفعة اولى من نحو ثلاثة آلاف شخص ما زالوا يقيمون في هذه الاحياء المحاصرة منذ حزيران/يونيو 2012, واظهرت لقطات عرضتها قنوات تلفزيونية، حالة من التعب والوهن على وجوههم، وكان بعضهم ممدا على حمالات طبية.
ونقل التلفزيون الرسمي السوري عن الممثل المقيم للامم المتحدة يعقوب الحلو قوله ان quot;اكثر من 80 طفلا وامرأة ورجال كبار في السن تمكنوا من الخروج من حمص القديمةquot;، مشيرا الى مواصلة quot;هذا العمل مع الحكومة السورية التي قدمت جميع التسهيلات والمستلزمات الطبية والاغاثيةquot;.
وخرج هؤلاء المدنيون على متن ثلاث حافلات كبيرة لنقل الركاب، رفعت شعار منظمة الامم المتحدة للهجرة، وصلت الى نقطة تجمع خارج حمص القديمة، برفقة سيارات تابعة للامم المتحدة والهلال الاحمر السوري. ولم يتمكن الصحافيون من الاقتراب من الحافلات او التحدث الى المدنيين.
ورأى مصور في وكالة فرانس برس الحافلة الاولى وهي تصل الى نقطة التجمع بعيد الساعة 14,00 (1200 ت غ)، وعلى متنها قرابة 12 شخصا.
كما عرض التلفزيون الرسمي لقطات لوصول حافلتين اخريين، مشيرا الى ان الخارجين تلقوا مساعدة طبية وتناولوا الطعام بعيد وصولهم الى نقطة التجمع، قبل ان ينقلوا الى مناطق اخرى بحسب رغبتهم.
واظهرت اللقطات عمال اغاثة يساعدون مسنين على المشي، وقد وضعوا على اكتافهم اغطية من الصوف. كما بدت مسنة ممدة في داخل سيارة اسعاف، في حين يقوم متطوعو الهلال الاحمر بمساعدتها.
كما بدا في المكان عاملون في برنامج الامم المتحدة للأغذية يرتدون سترات واقية من الرصاص زرقاء اللون، اضافة الى سيارة بيضاء رباعية الدفع عليها شعار المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة.
وظهر في خلفية اللقطات بعض المباني المدمرة في الاحياء القديمة في حمص التي تعد quot;عاصمة الثورةquot; ضد نظام الرئيس بشار الاسد.
وكانت حافلات وسيارات اسعاف تابعة للهلال الاحمر دخلت صباحا الى احياء حمص القديمة التي يسيطر عليها مقاتلون معارضون.
واعلن محافظ حمص طلال البرازي ان من سيسمح لهم بالخروج هم الفتية دون ال15، والرجال فوق الخامسة والخمسين، والنساء.
واوضح ان quot;المساعدات تم الاتفاق على تقييم الحاجة لها اليوم مساء، وغدا ستكون اول دفعة من المساعدات الاغاثية والغذائية التي سيتم تحديدها اليوم، ستدخل الى المحتاجين اليها في بعض احياء المدينة القديمةquot;.
وتأتي هذه العمليات الاولى من نوعها منذ حزيران/يونيو 2012، ضمن اتفاق اعلن عنه الخميس باشراف الامم المتحدة. وقال ناشطون معارضون ان الاتفاق يتضمن اتفاقا غير معلن لوقف اطلاق النار لمدة اربعة ايام.
وقال الناشط يزن لفرانس برس عبر الانترنت ان quot;الناس الذي يخرجون لديهم مشاعر متضاربة. طبعا هم سعيدون لان الكابوس انتهى بعد 600 يوم من الحصارquot;، الا انهم في الوقت نفسه quot;خائفون من المستقبل، خائفون من ان يتعرضوا للتوقيف على يد النظام. لا احد يثق بالنظامquot;.

أول هدنة إنسانية
ويشكل هذا الاتفاق أول هدنة إنسانية في سوريا منذ بدء الحرب فيها، ستسمح بخروج المدنيين من دائرة الخطر المباشر بحمص، ودخول المساعدات لأكثر من 2500 مدني حاصرتهم المعارك المحتدمة، على أن يدخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ صباح اليوم الجمعة. وقد رحبت الخارجيتان الأميركية والروسية بهذه الهدنة الانسانية، وأكد مصدر روسي أن بلاده لعبت دورًا محوريًا في التوصل لهذا الاتفاق من خلال مفاوضات معقدة وطويلة شارك فيها محافظ حمص طلال البرازي، والمنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة يعقوب الحلو، والسفارة الروسية في دمشق.
ضمن أبو الحارث الخالدي، المفوض متابعة الاتفاق عن المدنيين المحاصرين في حمص، تنفيذ الاتفاق وسلامة الطواقم الاغاثية المتواجدة في مناطق سيطرة الجيش السوري الحر.
قلق واشنطن
أما الأمم المتحدة، المرحبة كعادتها بأي اتفاق إنساني، فكانت أكدت سابقًا بكل وضوح أنها ليست طرفًا في هذا الاتفاق، ولم تحصل على موافقة الحكومة والمعارضة السوريتين على التحرك لإدخال المعونات. ونقلت التقارير عن المتحدث فرحان حق قوله في بيان: quot;أعدت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة المشاركة أغذية وأدوية ومواد أساسية أخرى على مشارف حمص، استعدادًا لتوصيلها فورًا عقب اعطاء طرفي الصراع الضوء الاخضر لتوفير ممر آمنquot;.
وكان النظام السوري أعلن الخميس التوصل لاتفاق يسمح للمدنيين الأبرياء بمغادرة المدينة القديمة المحاصرة في حمص، بينما شككت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سامانثا باور في نيات النظام السوري، لأنه حتى هذه اللحظة يصف كل من يعيش في مناطق المعارضة بأنه إرهابي، وهاجمه على هذا الأساس، quot;وواشنطن تشعر بقلق بالغ على كل من يقع في أيدي النظام ويأتي من مناطق تخضع لسيطرة المعارضةquot;.